يحاول القائمون على الإعلام العربي بين وقت وآخر البحث عن حد أدنى من التناغم والائتلاف حول الدور المنوط بهذا الحراك الفاعل قدر علاقته بالرأي العام، لكن اللقاءات الموسمية على اختلاف مجالاتها تحتاج إلى إدامة الرصد والتفاعل في عالم يتغير بإيقاع متسارع ومحموم! وقد تكون مهمة الإعلام العربي شاقة في هذه الآونة، فهو المسؤول عن صياغة صورتنا في العالم. وأضعف الإيمان الآن بالنسبة لهذا الإعلام هو القراءة الدقيقة للمشاهد الدولية والإقليمية إضافة إلى البعد المحلي، لأن ما يترتب على هذه القراءة هو برامج عمل، واستراتيجيات منها ما هو وقائي واستباقي! بالطبع لا يمكن وضع الإعلام العربي كله في سلة واحدة، فهو ليس على قدر من التجانس الذي يتيح لمفتاح واحد أن يدار في كل الأقفال، لكن المتاح هو إعادة النظر في القواسم المشتركة والشجون القومية التي مهما تباينت في منابعها تبقى ذات مصب واحد! لقد ورث الإعلام العربي حمولة لا يستهان بها من أدبيات الخمسينات والستينات من القرن الماضي، وعلقت به شوائب قد تتسلل عدواها إلى أحدث التقنيات وما طرأ من متغيرات شبه جذرية على واقع الإعلام وأدواته! وقد تبدو عبارات من طراز الفترة الحرجة أو الانعطافة التاريخية التي يمر بها العرب منزوعة الدسم والمحتوى لفرط ما استخدمت بمعزل عن دلالاتها الجدية، وبالرغم من ذلك، فما من عربي الآن لا يشعر بأنه أصبح طرفاً أصيلاً في عدة حروب، منها ما هو ضد التخلف والتبعية وأخيراً الإرهاب بعد تمدده الأخطبوطي الذي اقترب من الأبواب والنوافذ معاً. وإذا استطاع الإعلام العربي المزاوجة بين المهنية المتطورة والصدقية، إضافة إلى الالتزام بالقضايا المصيرية فهو بهذه الأقانيم الثلاثة قد يحقق ما حلم به ولم يستطع تحقيقه لعدة عقود. ورغم أهمية الندوات واللقاءات، إلا أنها تبقى رهينة الطقوس والشعارات إذا لم تترجم توصياتها ميدانياً!