استقبل الرئيس الصيني شي جينبينغ وزير الخارجية الأميركي جون كيري في بكين امس، فيما استبقت وزارة الخارجية الصينية الزيارة بتأكيد انها لن تسمح «بأي فوضى أو حرب» في شبه الجزيرة الكورية، وذلك رداً على تصريحات ادلى بها كيري في سيول، وطالب فيها بكين ببذل جهود اضافية لدفع بيونغيانغ نحو الانضباط في شأن تجاربها النووية وتهديداتها المثيرة للغضب. كما اعلن كيري ان الولايات المتحدة لن تقبل التفاوض مع كوريا الشمالية إلا عبر محادثات حقيقية. وأكد كيري في زيارته الرابعة خلال سنة الى قارة تعتبرها الادارة الأميركية «محور» ديبلوماسيتها، ان المحادثات مع شي «كانت بنّاءة وإيجابية جداً، وأنا مسرور لأنه سنحت لنا فرصة درس تفاصيل تحديات تشكلها كوريا الشمالية». وأفادت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينجوا) بأن «الرئيس شي اكد التزام بكين ببناء نموذج جديد للعلاقات الأميركية - الصينية، وستواصل تعزيز الحوار والثقة والتعاون المتبادلين، ومعالجة الخلافات في شكل مناسب لضمان استمرار التنمية الدائمة والسليمة للعلاقات». وأشارت الوكالة الى ان الرئيس شي شرح موقف بكين الخاص بكوريا الشمالية، من دون ان توضح تفاصيل اخرى، فيما كانت الناطقة باسم وزارة الخارجية الصينية هوا تشون ينغ صرحت بأن بلادها «تعمل جدياً ليس بالأقوال بل بالأفعال» لإعادة كوريا الشمالية الى طاولة المحادثات السداسية الخاصة ببرنامجها النووي، مشيرة الى زيارة ديبلوماسيين صينيين بيونغيانغ اخيراً. وقالت هوا: «تشجع الصين بصفتها بلداً مسؤولاً وكبيراً على حل المسألة النووية الكورية الشمالية، ونفذت الدور المطلوب منها عبر العمل من خلال قنوات مختلفة والحفاظ على اتصالات وثيقة مع كل الاطراف». وزادت: »نتمسك بأن نزع السلاح النووي في شبه الجزيرة الكورية يجب ان يحصل ضمن المحادثات السداسية، ونريد في الوقت ذاته ايجاد حل متوازن للمخاوف الشرعية والمبررة لدى كوريا الشمالية، ما يحقق مصلحة جميع الأطراف». الى ذلك، طالب وزير الخارجية الأميركي الصين بمزيد من «الشفافية»، بعد التوتر الذي اثاره اتخاذ بكين قراراً أحادياً بإنشاء «منطقة للدفاع الجوي» في بحر الصين الجنوبي الذي يضم جزراً متنازع عليها بين بكين وطوكيو وفيتنام والفيليبين. وقال: «نقلنا بوضوح شعورنا بالنسبة الى الاعلانات الأحادية، ونأمل بأن تتخذ السلطات الصينية اجراءات مستقبلية بطريقة شفافة ومنفتحة جداً». وكانت الصين اثارت عاصفة ديبلوماسية عبر اعلانها في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي «منطقة مراقبة للدفاع الجوي» على قسم كبير من بحر الصين الجنوبي. وزاد تدهور الوضع زيارة رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي في 26 كانون الاول (ديسمبر) معبد ياسوكوني في طوكيو، والذي تعتبره الصين رمزاً للعدوان والاحتلال العسكري الياباني قبل الحرب العالمية الثانية وخلالها. وفيما لم يفعل البلدان الجاران شيئاً لنزع فتيل التوتر، افادت صحيفة «اساهي شيمبون» اليابانية اخيراً بأن «الصين وضعت أسس مشروع منطقة دفاع جوي جديدة تشمل جزر باراسيل»، الارخبيل الصغير الخاضع لسيطرة بكين لكن تطالب به فيتنام. محادثات الكوريتين على صعيد آخر، اتفقت الكوريتان في اليوم الثاني من المحادثات في قرية بانمونغوم الحدودية، على إبقاء موعد لقاء العائلات التي فرقتها الحرب (1950-1953) بين 20 و 25 الشهر الجاري في منتجع جبل كومغانغ الذي يقع ضمن اراضي الشمال، على رغم تهديد بيونغيانغ بإلغاء اللقاء رداً على تدريبات عسكرية اميركية - كورية جنوبية ستبدأ في 24 الجاري. كما تعهدت الكوريتان وقف التصعيد الكلامي، ومواصلة الحوار في موعد لم يحدد. وبدا ان كوريا الشمالية تراجعت خلال المحادثات عن طلبها إلغاء المناورات العسكرية السنوية بين كوريا الجنوبية والولايات المتحدة، ما يشكل وفق روبرت كارلين الديبلوماسي الأميركي السابق الذي يتعاون مع موقع «38 نورث» المخصص للشؤون الكورية الشمالية، تقدماً لأن بيونغيانغ كانت تطالب بإلغائها سابقاً، وفرصة لفتح الطريق امام بحث مواضيع شائكة اخرى. وكان كيري قدم خلال زيارته سيول اول من امس دعمه لجهود رئيسة كوريا الجنوبية من اجل إرساء جو ثقة مع الشمال.