نفت الشاعرة السودانية روضة الحاج شائعات دخولها إلى البرلمان السوداني بسبب نيلها جائزة شاعر عكاظ. وقالت إن دخولها كان لنشاطها الإعلامي لسنوات في حقل الإعلام. وترى الحاج أن سوق عكاظ أضفى على مسيرتها المسؤولية، لافتةً إلى أن الحركة الشعرية في السودان لم تزل متوهجة. وقالت إن بعض المبدعين هجروا تخصصاتهم لملاحقة الأضواء على سبيل الموضة... وإليكم نص الحوار: • كيف ترى الشاعرة روضة الحاج مسيرة مهرجان سوق عكاظ، وتأثيره في الساحة الثقافية العربية، وكيف تقيمين الاهتمام العربي بالمهرجان؟ •• لا شك أن مهرجان عكاظ استطاع وعلى مدى عشر سنوات أن يحجز لنفسه موقعاً متقدماً ومميزاً على الساحة الأدبية العربية، إن لم أقل العالمية. وأعتقد أن للعناية المباشرة التي يوليها الأمير الشاعر خالد الفيصل وتنفيذه لتوجيهات خادم الحرمين أبلغ الأثر في إنجاح تجربة المهرجان. ويعود الاهتمام العربي بمهرجان عكاظ -في ظني- إلى الشعور الذي بعثه المهرجان في الخريطة العربية وإحساس الشراكة نحو هذا الإرث العربي التليد. كذلك حرص إدارة المهرجان على تمثيل كل الوطن العربي والإسلامي في الفعاليات، تأكيداً لقول الأمير خالد الفيصل «في عكاظ لا فضل لعربي على عربي إلا بالإبداع». • ما الذي أضافه المهرجان للشاعرة روضة منذ اختيارها شاعرة للمهرجان في عام 2012؟ •• قطعاً أضاف إليَّ الكثير وحملني أيضا مسؤولية مضاعفة. فلئن كنت أزهو بتاج أنني أول امرأة تحصل على «بردة عكاظ» على مر تاريخه فإن هناك جانباً آخر يتمثل في ضرورة النهوض بهذا العبء وإيلاء الشعر عناية أكبر وفتح المزيد من المسارات للقادمات على الطريق ذاته من مبدعات وشاعرات المستقبل. وقد عززت جائزة عكاظ ثقتي في ما أكتب وعززت ثقة الأخريات في نتاجهن الذي هو جدير بالمنافسة في هذا المهرجان والمهرجانات المماثلة. • هل صحيح أن حصولك على جائزة سوق عكاظ أهلك لدخول البرلمان السوداني؟ •• فوزي بجائزة سوق عكاظ كان إضافة مهمة جدا إلى مسيرتي الشعرية والأدبية قطعاً، بل كان تتويجاً لجملة من النجاحات التي أصبتها هنا وهناك.. لكنني بشكل عام لم أكن في يوم من الأيام بعيدة عن العمل العام والمشهد العام السوداني؛ فقد عملت في الإعلام السوداني المرئي والمسموع والمقروء على مدى15 سنة الماضية. كما كنت حاضرة في العطاء النسوي إيماناً مني بقدرات المرأة ودورها في الحياة العامة في كل مكان، فكنت مسؤولة عن الشأن الثقافي بالاتحاد العام للمرأة السودانية لثماني سنوات، ثم أسست وترأست تحرير مجلة السمراء. وما زلت أضيف إلى مساهماتي هنا وهناك، أعتقد بأنها جميعاً أسهمت في تزكيتي لتمثيل الكرام في السودان في برلمانهم. وأتمنى أن يكون وجودي مع أخواتي اللائي يمثلن 30% من البرلمان السوداني إضافة حقيقية للعمل البرلماني، خصوصاً أنني أتولى منصب نائب رئيس لجنة الشباب والرياضة والثقافة والإعلام والسياحة بالبرلمان. • لماذا لا نرى مشاركات متواصلة للشعراء السودانيين في المحافل الثقافية العربية، ولماذا لا نرى مهرجانات ثقافية في السودان، أو ليالي ثقافية سودانية في الدول العربية والإسلامية؟ •• على العكس تماماً؛ هنالك وجود كبير للشعراء السودانيين في مختلف المحافل الأدبية والشعرية، وما من دورة من دورات مهرجان عكاظ إلا وكان فيها عدد من الأدباء السودانيين. وفي كثير من الأحيان يتواصل معي بعض القائمين على هذه المؤتمرات والمهرجانات ويطلبون مني ترشيح أسماء سودانية للمشاركة، سواء كان ذلك في الشعر أو السرد أو النقد، ويشرفني أن أفعل ذلك. المبدعون السودانيون موجودون ومشاركون في كل المهرجانات والمؤتمرات الثقافية. كما أن هناك اجتهادات كثيرة لتنظيم مثل هذه المحافل خصوصاً مع ولع السودانيين بالمناشط الثقافية ومتابعتهم اللصيقة للشأن الإبداعي والثقافي. وقد كانت هناك دورات ناجحة لملتقى النيلين للشعر العربي الذي نُظمت منه دورتان كانتا في منتهى النجاح والتفوق والتميز. كذلك دورات معرض الخرطوم للكتاب التي تنظمها وزارة الثقافة السودانية تمثل مواسم ثقافية ذات حضور نوعي من كل أنحاء الوطن العربي وتعقد في شهر أكتوبر من كل عام. أما الحضور السوداني في الفعاليات العربية فأعتقد أنه جيد وتتم دعوة السودان دائماً في مثل هذه الفعاليات. • لماذا تأخر السودان عن طبع الدواوين، فقد قيل إنه في فترة من الفترات لم توجد في السودان دار نشر! •• مشكلة الكتاب هي مشكلة عامة في كل الوطن العربي، وتكاد ترقى إلى مستوى الأزمة. لكن الحديث عن عدم وجود دور نشر في السودان لا أعتقد أنه صحيح، فقد كانت دار جامعة الخرطوم للنشر مثلاً إحدى المنارات الثقافية على المستوى الأفريقي والعربي منذ منتصف ستينات القرن الماضي، وسبقتها دور نشر صغيرة تأسست لإصدار الصحف اليومية ثم أسهمت في نشر الكتب والمطبوعات الأخرى. الآن تشهد صناعة الكتاب طفرات كبيرة بالرغم من ارتفاع مدخلات الطباعة، وكذلك يلعب القطاع الخاص دوراً كبيراً في هذا الأمر. • هل أصبح عمل المثقف العربي بالمجال الإعلامي ظاهرة، وهل دافع ذلك الحرص على الحصول الأضواء لكي لا تنحسر الشهرة؟ •• أحياناً يكون الدافع هو التقليد وهذه آفة كبرى؛ لأن متطلبات العمل الإعلامي تتجاوز الاهتمام باللغة إلى عناصر أخرى قد تكون غائبة، وربما كان المبدع ليس مهيأً لهذا النوع من العمل. أخيراً وعلى سبيل الموضة والمحاكاة هجر كثير من المبدعين مجالات تخصصهم واتجهوا للإعلام المرئي تحديداً. وربما كان البحث عن مزيد من الضوء تفسيراً متداولاً للظاهرة، ولكنني أعتقد أن التقليد لبعض الناجحين من المبدعين الإعلاميين هو الأقرب تفسيراً لهذه الظاهرة. • السودان قارئ، فهل تأثرت ذائقة المتلقي فيه بالشعر العامي المنتشر في الأقاليم السودانية على حساب الشعر العربي الفصيح؟ •• «كل من قابلته في السودان كان شاعراً أو راوية شعر، ففي السودان أما أن تكون شاعراً، أو تكون عاطلاً عن العمل».. هكذا عبر نزار قباني عن علاقة الشعر بالسودان والسودانيين، فقد ظل هذا البلد حفياً بالشعر مخلصاً له ممتلئاً به. وقد ظلت القصيدة العامية بألوانها المختلفة حاضرة دائماً ومعبرة ولها مكانتها لاسيما في البادية السودانية في غرب وشرق السودان ومنطقة نهر النيل التي اشتهرت بشيوع نوع فصيح من الشعر العامي (الدوبيت) وهو ربما كان يعادل النبطي والشيلة في أدائها الصوتي. ألاحظ تطوراً في القصيدة العامية السودانية ومزاحمة لكنني أعتقد أن القصيدة الفصيحة ستظل متوهجة وحاضرة دائماً في السودان. • ما الذي قدمه المثقف السوداني للمغتربين في المهجر؟ •• أعتقد أن المثقف السوداني كان دائماً قريباً من هموم المهاجرين والمغتربين السودانيين وعبّر عنهم بكل الوسائل التعبيرية من شعر ومسرح وغناء وسرد... إلخ. وكثير من المبدعين أنفسهم عايشوا تجربة الغربة وبالتالي كانوا أفضل من يعبر عنها.. فالطيب صالح عبقري الرواية العربية مثلاً عاش معظم سنوات حياته مغترباً متنقلاً بين الخليج العربي وباريس ولندن التي استقر بها حتى وفاته، وحديثاً الروائية ليلى أبو العلا، وقائمة الشعراء طويلة جداً؛ صلاح أحمد إبراهيم والنور عثمان أبكر ومحمد مفتاح الفيتوري ومحمد المكي إبراهيم وغيرهم كثر.. وهذا باب مهم في الأدب السوداني. • ختاماً.. كيف وجدتِ حضور ديوانك الجديد «قصائد ليست لي» في المهرجان الأخير لسوق عكاظ؟ •• أسعدني زحام الناس في حفلة التوقيع من مختلف الأعمار، وسررت بمشاركة أخويَّ حيدر العبدالله وحسن طواش في حفلة توقيع الدواوين التي أضافت إلى الجائزة بعداً توثيقياً ذا قيمة، مثل كل فعاليات عكاظ.