تعد الصناعات التقليدية اليدوية من مظاهر التراث الشعبي في قطر وهذه الصناعات تشكل نتاج حرف صغيرة وكبيرة، وكانت بعض هذه الحرف تنتج بضاعة زهيدة السعر مثل الملابس والأقمشة وأخرى تنتج بضاعة ثمينة مثل السفن واللؤلؤ والذهب والسجاد، ورغم أن أغلب هذه الحرف والصناعات قد اندثرت منذ فترة فإن بعضها بقي مستمراً بفضل دعم الدولة لها وعدم تركها عرضة للاندثار. وحذر بعض المواطنين من انقراض بعض الصناعات الشعبية اليدوية، وأرجعوا مخاوفهم إلى أن هذه الصناعات تحتاج إلى الدقة في صنعها، وفي الوقت نفسه فإن مردودها ضئيل، مطالبين بوضع خطة أو استراتيجية لحماية تراثنا الخاص بتلك الحرف والصناعات القطرية القديمة. ويرى البعض الآخر أنه رغم تدخل الماكينة في كثير من هذه الصناعات فإن هناك الكثيرين الذين يفضلون الصناعة اليدوية التقليدية نظرا لدقة صنعتها وارتباطها بالإرث الشعبي. صناعة السفن ومهنة الصيد في البداية قال حسن سالم المنصوري: من أهم الصناعات التي كانت منتشرة في قطر منذ الستينيات صناعة السفن، وكانت هذه الصناعة منتشرة في قطر ومنطقة الخليج بشكل عام منذ القدم لكنها شهدت تراجعاً ملحوظاً في مرحلة اكتشاف البترول وتطور نمط الحياة الاقتصادية وكانت تعتمد هذه الصناعة أساساً على الأخشاب المستوردة من الهند من أنواع الصاج والصنوبر المقاوم للرطوبة وأنواع خاصة من فتيل القطن والمسامير وبعض الزيوت المستخرجة من جوف أسماك الدلفين لتكون عازلاً مائياً للسفينة وصانع السفن يسمى «القلاف». وأهم أنواع السفن التقليدية في قطر هي «البتيل» و «والماشوه» و «الجالبوت» وتوجد في قطر اليوم ورشة واحدة لصناعة السفن التقليدية وهي ورشة السفن الأميرية وهي الورشة الوحيدة التي تقوم حاليا بصناعة السفن في قطر. وأضاف صناعة السفن ارتبطت بمهنة أخرى تعتبر من أهم المهن التي شهدت تراجعا ملحوظا بعد مرحلة اكتشاف البترول وهي مهنة «الصيد» وكذلك مهنة «الغوص» وقد ساعد موقع قطر الجغرافي كشبه جزيرة، في ازدهار حرفة صيد السمك، وهي من الحرف القديمة التي مارسها سكان السواحل. وكانت على قدر من الأهمية إذ وفرت للمواطن القطري مصدراً للرزق والغذاء قبل فترة الثروة النفطية. وأوضح أن للصيد طرقا مختلفة منها المسكر والحضرة. ولقد دأب الصيادون في قطر على تطوير أسلوب الصيد بهاتين الأداتين. «فالحضرة» كانت تصنع من مواد محلية كجريد النخل وحبال الليف وتستعمل لصيد أنواع محددة من السمك أهمها (الصافي). أما المسكر فهو بناء من الحجارة داخل البحر، وتختلف المساكر باختلاف أحجامها. وتعتمد عمليات الصيد بهذه الطريقة على حركة المد والجزر، فعند الجزر يتم صيد السمك من المسكر بواسطة النيرة وهي قضيب حديدي مدبب من الأسفل أو الساحلة وهي شبك مثبت بخشبتين من الجانبين وعند المد كانت تستخدم الحضرة لصيد الأسماك. «السدو» و «التطريز» من جهته قال أحمد علي: أقوم بصناعة «السدو» و «التطريز» منذ ما يقرب من 40 عاما هنا في سوق واقف، وهي من المهن القطرية اليدوية وذات التراث الشعبي وصناعة «السدو» يقصد بها حرفة النسج وحياكة الصوف وتعد هذه الحرفة من الحرف التقليدية التي كانت منتشرة في البادية ولا تزال إلى يومنا هذا، وذلك لارتباطها بوفرة المادة الأولية المتمثلة في صوف الأغنام ووبر الجمال وشعر الماعز والقطن، مشيراً إلى أن صناعة السدو كانت ولا تزال تعتمد على جهد المرأة في المقام الأول ولم تندثر هذه الحرفة خلافاً لحرف تقليدية أخرى كثيرة لم تعد موجودة بفعل تبدل احتياجات الناس في حقبة ما بعد النفط ولا تزال الأدوات المستعملة في صناعة السدو منذ عقود طويلة مستعملة حتى اليوم كالمغزل والنول أو الميشع، وهي عصا صغيرة أعلاها مغطى بما هو معد للغزل من الصوف أو الحرير أو سواه. والمنشزة أو ما يعرف بـ (المدرارة) وهي عصا يرص بها الصوف. وأضاف كذلك أقوم بصناعة «التطريز» وهي زركشة الملابس التقليدية للرجال والنساء. وتعتبر من المهن القديمة في المنطقة ويقوم الخياط بزركشة أو «تطريز» الملابس يدوياً بالخيوط الملونة والذهبية والفضية، وهو ما يسمى بـ «النقدة». وقد تستخدم الماكينة نصف الآلية ثم الكهربائية وذلك لضمان سرعة العمل وإتقانه. وتخاط ملابس النسوة مثل الدراعة والثوب والبخنق (المخنق أو القبع) والسروال والعباءة والنشل بأنواعه وثياب الرجال مثل ثوب الشلحات والدقلة والسراويل. صياغة الذهب من جهته قال أحمد داود، ويعمل صائغ: «إن صياغة الذهب تعتبر من أهم الصناعات القطرية اليدوية وقد ورثتها عن آبائي وأجدادي، حيث إن العائلة كلها تعمل في مجال صياغة الذهب وتعتبر صياغة الذهب والمجوهرات والأحجار الكريمة من الصناعات القديمة في قطر وتمارسها أسر ارتبطت أسماؤها بهذه الصناعة، أما أدواتها فهي المطارق بأحجام مختلفة والسنديان ومبارد مسطحة وأخرى خشنة أو ناعمة، والمصهر وهو المكان الذي يصهر فيه الذهب ومن أهم المنتوجات الذهبية التي تعكس جانباً من التراث الشعبي القطري: الحجل أو (الخلخال) والقرط والأساور والقلائد وزينة الرأس كـ (طاسة السعد وكرسي جابر) فضلاً عن الخواتم وهي نوعان لأصابع اليد ولأصابع القدم. العمارة والبناء من جهته قال عبدالله علي: إن من الصناعات القطرية القديمة والتي ما زالت حتى وقتنا هذا ولم تندثر مع الزمن هي صناعة العمارة وتضم العمارة التقليدية في قطر عدة نماذج منها العمارة الدينية كالمساجد، والعمارة المدنية مثل القصور والدور والأسواق، والعمارة العسكرية كالقلاع والأبراج والأسوار وقد أثرت تضاريس البلاد ومناخها في المعمار المحلي إذ أملت على مادة البناء من الحجارة التي كانت تقطع من فوق سطح الأرض أو من ساحل البحر، وذلك لبناء المداميك باستخدام الطين كملاط لصف الحجارة فوق بعضها، أو لتغطية أسطح الجدران الخارجية والداخلية والسقوف العلوية ويستخدم الطوب النيئ إذا لم تتوفر الحجارة في عملية البناء. ومع مرور الوقت استطاع المعماريون القطريون تطوير أساليب البناء وأدواته ومواده وأدخلوا عليها بعض التعديلات، إذ حلت مادة الجبس محل الطين في تغطية الجدران والخشب المستعمل في سقوف المنازل كخشب المربع وغيره.;