×
محافظة القصيم

أحدثنا أول مختبر للخضار الصحية وأوجدنا صالة لتسويق المنتجات الخالية من المبيدات

صورة الخبر

بعث لي صديق تسجيلاً لوقائع ندوة أقامتها جمعية المنبر التقدمي وكان عنوان هذه الندوة الوحدة الوطنية وآفاقها. العنوان، على ما يرى القارئ الكريم، مغرٍ ويدعو الإنسان إلى أن يمضي وقتًا طيبًا مستمتعًا بما يدور في هذه الندوة من تداول للأفكار، ولكي يتعرف إلى ما إذا أتاحت فترة الخمس سنوات الماضية إمكانية إنتاج فكر جديد يسهم في معالجة آثار الدوار المدمرة. الوحدة الوطنية غدت اليوم بحق الهاجس الأبرز الذي ينبغي أن تجتمع كافة المكونات الاجتماعية على الإيمان بها ضرورة لتخطي الصعوبات التي خلفتها أحداث الرابع عشر من فبراير 2011 الطائفية، ولإعادة العلاقات بين كافة مكونات المجتمع إلى سالف عهدها، ولجعلها عدة لنشر السلام في ربوع وطننا الحبيب، وسبيلاً لإنجاح مشاريعنا التنموية، الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية المؤجلة. وقد كان المتحدث في الندوة الكاتب الصحفي المرموق غسان الشهابي، وهذا سبب إضافي آخر أعطى للندوة بعدًا من أبعاد الجذب. إلى جانب ما ذكرت هناك أمر آخر أيضا قد دعاني إلى أن أمضي أكثر من ساعة ونصف الساعة مستمعًا ومستمتعًا في آنٍ للمتحدث وللمتداخلين الحضور الكرام الذين أثروا بمداخلاتهم الندوة، هو التنويه الذي كتبه لي من أرسل الرابط يقول فيه انذكر اسمك في الدقيقة 1:07. كيف؟! هذا سؤال وجدتني أثيره على نفسي لنفسي، وأرى أن السياق يسمح لي بالعبور عليه لأفسر تعجبي من إثارة اسمي على لسان أحدهم متهمًا إياي بالطائفية، ولعل عذر متهمي نابع من مخالفتي إياه الرأي والموقف والموقع، فأنا عن مقومات تلاحم أبناء هذه الأرض الطيبة مدافع شرس، وعلى رموز هذه البلاد الاعتبارية غيور، وعلى وطنية الموقف السياسي منافح. أما كوني سنيًا بالوراثة وأنقد رأي مخالفي الشيعي بالوراثة أيضا، فهذا لا ينم عن أن لي موقف من الطائفة بأكملها. في هذه الجزئية ينبغي التدقيق حتى لا نلقي بالتهم جزافًا يا رفيق. المهم أنه على الرغم من أهمية ما استشهد به الأستاذ غسان من مقولات لكبار المفكرين في الوحدة الوطنية، وما عرض له من أسباب ونتائج لما آلت إليه الأمور بعد أحداث فبراير 2011، وعلى الرغم من أن ما قاله قد جرأ بعض المتداخلين على ممارسة بعض من النقد الذاتي، وإن كان نقدًا لينًا لا يرقى إلى فداحة الخطأ الذي ارتكب إزاء الوطن، فإن هناك سؤالاً كان ينبغي تناوله من قبل المنتدي والحضور وهو: ما الذي جعل موضوع الوحدة الوطنية يقفز في المشهد السياسي والاجتماعي؟ نحن كشعب لم يحدث أن نمنا واستفقنا فجأة فإذا بنا في حاجة إلى ما يعضد وحدتنا، ويقوي وشائجها! لا يساور أحدًا الشك أن ما أطرحه هنا من قبيل السخرية على ما آلت إليه أوضاعنا السياسية وانعكاساتها على الحياة الاجتماعية. بات التخندق الطائفي سمة من سمات الخمس سنوات المنقضية. في ظني أن ما جعل موضوع الوحدة الوطنية موضوعًا حاضرًا، وعلى قدر من الأهمية التي تستوجب استحضار كافة العلاجات السياسية والاجتماعية والثقافية من أجل إعادة الروح إلى اللحمة الوطنية، هي أن جماعة الولي الفقيه ممثلة في جمعية الوفاق المنحلة، وشقيقاتها المذهبيات الذين كشفوا عن تبعية مطلقة للأجنبي الإيراني وربطوا وطننا المشترك بمشاريعه التوسعية في منطقة الخليج العربي، ولكي ينجحوا ربطوا حراكهم بمجمل حراكات المنطقة التي كان يمور بها العالم العربي في ما كان يعرف بـ الربيع العربي، ورفعوا شعاراته في الدولة المدنية وحقوق الإنسان ممارسين الزيف والخداع في ذلك، بهدف استقطاب أكبر قدر من المؤيدين. ومع الأسف الشديد فقد كانت هناك جماعة أخرى فاقدة للقرار المستقل اعتقدت أن هذه الجمعيات المذهبية أصبحت قاب قوسين أو أدنى من تحقيق أجندتها في الإطباق على السلطة. في تصوري أن هذه حقيقة يتعامى عنها من فقد القرار في تلك اللحظة التاريخية الحاسمة التي كان عليه الوقوف في وجه هذه الجمعيات الطائفية المذهبية، لا الوقوف معها على منصة الدوار! لم تجرؤ قوة سياسية في تاريخ البحرين على النيل من سمعة المجتمع البحريني كما فعلت تلك الجمعيات المذهبية المشار إليها، غير أن تعويلنا على نشاط الخلايا الجينية التي توارثناها أبًا عن جد هو الأمل الباقي لإفشال كل الأجندة الطائفية المذهبية التي تقذف بها إيران وتعمل على إنجاحها في مجتمعنا العربي البحريني. ولا أحسب أن ما خلص إليه البعض في الندوة من أن الحكومة انتصرت على المحتجين استنتاج منطقي وقويم عقلاً وواقعًا، إذ أن الحكومة لا تنتصر على شعبها، بل هي تنتصر له. وهذه الحقيقة ينبغي أن يبنى عليها في عمل الجمعيات السياسية. إذًا، في رأيي، يبقى عمل مؤسسات المجتمع المدني في لأم ما انفرط مهما في هذا المفصل التاريخي، حتى تتهيأ إلى خلق إجماع وطني يتحدد وفقه مستقبل العمل السياسي. ما حدث جزء من التاريخ لا ينبغي أن يمر من دون أن نأخذ منه العبر. نحن أبناء اليوم، وينبغي علينا تمهيد السبل لينجح أبناؤنا غدًا في تحقيق ما لم نستطع تحقيقه. وأول ما يجب فعله هو العمل على تكريس الوحدة الوطنية. الوحدة الوطنية هذه، في نظري، تتطلب كثيرًا من الحقوق وأكثر منها من الواجبات، وهذا، أولاً وأخيرًا يقتضي منا، أبناء البحرين جميعًا، ولاءً خالصًا لبلدنا وحكامنا. ومن دون توافر هذه المقومات الثلاثة لا أعتقد أننا سننجح في إعادة اللحمة إلى النسيج الاجتماعي. وسيبقى الانعزال والتخندق يتطوران تدريجيًا حتى يتشكلا معًا في هيئة تورمات قيحية لا يؤمن شر انفجاراتها بين الفينة والفينة. أختم بسؤال طرحه الكاتب غسان الشهابي في مستهل حديثه قائلاً: هل كان البحرينيون في وحدة وطنية ذات يوم؟ إجابة الكاتب على هذا السؤال كانت واقعية، إذ قال ما معناه إن مجتمعنا لم يكن مجتمعًا طوباويًا ما يعني أن هناك اختلافات بين المكونات الاجتماعية، ولكن في اعتقادي، إن هذه الاختلافات لم تكن لتشكل خلافًا يقضي على الوحدة الوطنية مثلما حدث في الرابع عشر من فبراير عام 2011. هذا ما ينبغي علينا جميعًا تأمله مليًا، بعيدًا عن الحسابات الطائفية والإيديولوجية.