عندما كان القائد الفرنسي نابليون يخوض معركة من معاركه وخسر الكثير من رجاله وعتاده، وبينما كان يفكر في رجاله، رأى نملة تزحف لتفتش عن لقمة عيشها، فوضع إصبعه ليمنعها من الوصول حيث تريد، ولكنها أبت أن تستسلم وكانت في كل مرة تغيّر طريقها ولم تيأس أو تتوقف فعجز نابليون عن توقيفها وتركها فوصلت إلى حيث تريد .. وهكذا أخذ العبرة من النملة وجمع جيشه من جديد وهاجم خصمه من غير طريق فنجح وربح حربه .. مَثَل النملة . مَثَل نملة نابليون اتبعه الأمير فيصل بن تركي رئيس نادي النصر الذي يطلق عليه جمهور الشمس تسمية كحيلان، في اتخاذ الصلابة والمرونة في آن للوصول إلى هدفه بإعادة ناديه إلى منصات التتويج بعد غياب طويل طويل.. فهذا الرئيس الذي عاند وصبر برغم النتائج غير المرضية وبرغم تركه وحيداً من قبل غالبية أعضاء الشرف يؤمن السيولة وحيداً، ولو كانت كالسيل، وصمد حتى أمام موجات الغضب الجماهيري التي وصلت إلى حد مطالبته بالرحيل عبر الهتافات واللافتات.. آخذاً هذه المرة المّثّل من الرمز الراحل الأمير عبد الرحمن بن سعود ـ رحمه الله ـ الذي طلبتُ منه مداخلة على الهواء مباشرة للرد على متصلين كثر خلال حلقة عن النصر في برنامج " يللا جول" من قناة lbc مطالبين باستقالته بعد سلسلة نتائج سيئة للفريق، فقال: "الجمعية العمومية انتخبتني وهي تسقطني.." فالأمير فيصل بن تركي الذي بدأ مهامه في النصر كنائب للرئيس الأمير فيصل بن عبد الرحمن بن سعود ثمّ رئيساً بالانتخاب بعد عام ولمدة 4 أعوام، واجه بصلابة كل المصاعب وأبى أن يترك الرئاسة تحت أي ضغط مصمماً على إنهاء المهلة كاملة وتحقيق الأهداف التي اتبع طرقاً عدة ومختلفة للوصول إليها.. تعاقد مع عدد كبير من النجوم المحليين بينهم اثنان من أصحاب الصفقات القياسية (محمد السهلاوي ويحيى الشهري)، ومع لاعبين مخضرمين برغم الاعتراض على تقدّمهم في السن أمثال حسين عبد الغني ومحمد نور وعبده عطيف وحسن الراهب الذين سرعان ما باتوا أوراقاً رابحة للفريق، إضافة إلى عبد الرحيم جيزاوي.. علاوة على ضم لاعبين أجانب كان بعضهم لفترات أفضل الأجانب في الدوري السعودي وآخرهم الثلاثي البرازيلي إيلتون وإيفرتون وباستوس.. وحتى العام الماضي كان النصر يتخبط تائهاً عن المنصات في كل المسابقات ولكنه ارتقى إلى فرق المقدمة (المركز الرابع في الدوري والوصول إلى نهائي كأس الأندية الخليجية كأس الملك وكأس ولي العهد) أمّا هذا العام فكان عام التعويض عن كل إخفاقات الماضي، ففي عهد" كحيلان" عاد النصر إلى المسابقات الآسيوية منذ فترة رئاسة الرمز الراحل المغفور له الأمير عبد الرحمن بن سعود، وهزم الهلال في الدوري وفي كأس ولي العهد، بل انتزع منه الكأس الأخيرة هذا العام، بعدما كان الهلال حتى العام الماضي وخلال السنوات الست الأخيرة يقصي النصر عن هذه المسابقة. وأكثر من ذلك انتزع النصر ومن الهلال بالذات صدارة الدوري منذ المرحلة العاشرة.. ها هو يبتعد عنه بفارق 9 نقاط قبل 5 مراحل من النهاية، وانتزع ومن الهلال أيضاً الرقم القياسي في الفوز توالياً (11ـ12) وتخطاه في عدد الأهداف المسجلة هذا الموسم حتى الجولة 21 ( 45ـ50) وهو في طريقه لتجاوز رقم الهلال والشباب والفتح في عدد النقاط في موسم واحد (64 نقطة) للمواسم الثلاثة السابقة.. وفي طريقه أيضاً لمعادلة الهلال والشباب في الفوز بالدوري بلا خسارة. وفي هذه العجالة نذكر أنّ النصر أمضى عاماً كاملاً بلا أي خسارة حتى الآن (آخر 10 مباريات من دوري الموسم الماضي والمباريات الـ 21 في هذا الموسم، أي ما مجموعه 31 مباراة بلا خسارة، أمّا هذا الموسم فإنه خاض 25 مباراة متتالية بلا خسارة(21 في الدوري و4 في الكأس). هذه الجردة للأرقام تبيّن حجم العمل الكبير والعبء الأكبر الذي تحمّله الأمير فيصل بن تركي، وكذلك تعكس روح المثابرة والتحدي والمرونة وعدم التأثر بالعوامل الخارجية المؤثرة وخاصة الإعلام والجمهور، ونجح أيضاً في تجنب القرارات المتسرعة وخاصة بالنسبة للمدرب الأوروجوياني كارينيو الذي خسر كل شيء في العام الماضي ومع ذلك منحه الرئيس فرصة تجهيز الفريق والإعداد الجيّد فبدأ قطف الثمار بكأس ولي العهد وبطوفان النقاط والأهداف في الدوري.. ليظهر في الأفق الموسم الاستثنائي.