قالت هيئة قضايا الدولة في مذكرة منازعة التنفيذ التي قدمتها أمام المحكمة الدستورية، لوقف الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري والقاضي بإلغاء الاتفاقية الموقعة من طرف الحكومة المصرية مع المملكة العربية السعودية بشأن إعادة ترسيم الحدود بينهما والمتضمنة التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير، إن "ما أعلن هو مجرد اتفاق مبدئي لإعادة ترسيم الحدود بين مصر والمملكة وتطرق هذا الاتفاق إلى ضرورة موافقة مجلس النواب عليه شرطا لازما لإعماله سابقا على تصديق رئيس الجمهورية عليه قبل البدء في سريانه وتطبيقه". وأضافت الهيئة في مذكرتها التي حصلت "الشروق" على نسخة منها، أن الخصومة انعقدت في الدعوى التي صدر الحكم بناء عليها، خلافا لما توجبه أحكام القانون من شروط لقبول الدعوى، فضلا عن تعلقها بعمل من أعمال السيادة التي تخرج عن دائرة الاختصاص الولائي للمحكمة، موضحة أن ذات الدائرة حكمت في مثل ذات الموضوع بعدم الاختصاص الولائي، في الدعوى رقم 7039 لسنة 67 قضائية، والتي أقيمت أمامها طعنا على اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر ودولة قبرص. وأشارت المذكرة إلى ضرورة الالتزام بما قرره المشرع الدستوري من اختصاص رئيس الجمهورية بإبرام المعاهدات وباختصاص أوكله مجلس النواب بمراجعة تلك المعاهدات للموافقة عليها أو رفضها اختصاصا قضائيا واضح الحدود يمارس فيه مجلس النواب وظيفة القاضي الطبيعي للمسألة المطروحة عليه والتي تدخل في أعمال السيادة، والتي لا يملك القضاء بنوعيه وسائل رقابتها. وأكدت الهيئة أنها نبهت إلى حظر مصادرة اختصاص مجلس النواب أو استباقه في الفصل في المنازعة والتي تنحسر عنها ولاية محاكم مجلس الدولة، لكن ذلك جميعه لم يجد نفعا، حيث أعلنت المحكمة أنها ترى في تفسير وضعته للفقرة الأخيرة من المادة 151 من الدستور، ما يقيم لها اختصاصا، وترتب تبني ذلك المنهج الغريب في التفسير، إغفال ما أوجبه الحكم الدستوري من إجراءات، وأن المحكمة بذلك اختزلت الحكم الدستوري بتفسير فقرة منه وتجاهل باقي الفقرات على النحو الذي بدت له الفكرة المضطربة للحكم في انتزاع الاختصاص بتعطيل الحكم الدستوري وحجبه عن التطبيق باجتزاء النص وتفسيره على نحو ما يؤدي إلى دعم فكرة الحكم التي أدت إلى تعطيل أحكام الدستور، ومخالفة القانون. وأشارت المذكرة إلى أن مخالفة القانون تمثلت في إغفال الحكم المنشور للمحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 39 لسنة 17 قضائية، والذي تضمن أن أعمال السلطة التنفيذية، بالنظر إلى خصائصها، تستعصي على موازين التقدير القضائي التي يقتضيها الفصل في صحتها أو بطلانها، وينبغي ألا تباشر السلطة القضائية رقابتها عليها ليس لأنها فوق الدستور والقانون، ولكن لأن ضوابط ومعايير الفصل في مشروعيتها لا تتهيأ للسلطة القضائية بكل فروعها. وأضافت أن أسباب الحكم حفلت بكل العيوب التي تبطله وبدت تقريراته وقد اعتراها أخطاء تباعده عن مقومات الحكم القضائي وخصائصه ومنها افتراضه الأدلة الظنية واعتماده أدلة غير معتبرة قانونا في أمر يستعصي عليه الإلمام بتفاصيله مما جعله يسرف في بيان ما تساند إليه مغفلا نقيضه، وكانت الموازنة والترجيح في تلك المسائل قد غابت عنه بالكلية وهو ما يعزز ما انتهت إليه المحكمة الدستورية العليا من أن المحاكم قاطبة لا تملك وسائل رقابة أعمال السيادة لأن ضوابط ومعايير الفصل في مشروعيتها لا تتهيأ للسلطة القضائية بكل أفرعها. كما أشارت إلى أن مقيمو الدعوى، المطعون ضدهم، قد بدا لهم ضعف أسباب الحكم الصادر لصالحهم وتحقق مخالفته للواقع والقانون فبادروا إلى تعطيل الفصل في الطعن بالالتجاء إلى طلبات الرد وافتعال أسباب التأجيل على الرغم من خطورة القضاء المطعون فيه باعتباره يعارض أحكام المحكمة الدستورية العليا خاصة في الدعاوى أرقام 3 لسنة 1 ق دستورية، 10 لسنة 14 ق دستورية، 166 لسنة 34 ق دستورية والتي قررت فيها عدم امتداد رقابة القضاء على أعمال السيادة، مما يكون معه الحكم الصادر عائقا في تنفيذ أحكام المحكمة الدستورية العليا، وهو ما تتوافر معه مقومات منازعة التنفيذ. وأضافت المذكرة أنه ما كان يجوز لمحكمة القضاء الإداري الالتفات عن هذه الأحكام الدستورية وما كان يجوز لها أن تنخلع من تحت عباءة الالتزام بأحكامها ذات الحجية المطلقة الملزمة لكافة سلطات الدولة وتجهر بأسباب جميعها مخالف للقانون، مؤكد أنه لا يجدي حكم القضاء الإداري نفعا إسرافه في الاجتهاد والتجائه إلى بيان مناهج التفسير للقول بأن الحظر في أعمال السيادة هو محض استثناء والأصل أنه مثل أي عمل آخر يصدر عن جهة الإدارة ويخضع لرقابة القضاء، واعتماده منهجا غريبا في التفسير عكس المناهج المستقرة التي طوعها للتدليل على فكرته. وزادت "كما لا يجدي نفعا محاولة الالتفات بهذا المنهج لمخالف لصحيح القانون على نطاق سريان أحكام المحكمة الدستورية العليا ومحاولة الإفلات من وجوب احترام مضامينها واختلاق ذرائع باجتهادات فاسدة لعرقلة مداها"، موضحة أن الهيئة فوجئت بموقف آخر مخالف للقانون وهو امتناع القائمين على أمور محكمة القضاء الإداري والدائرة السابعة فحص بالمحكمة الإدارية العليا عن إعطاء الهيئة صورة رسمية من الحكم الصادر من الدائرة الأولى، وهو الأمر الذي دفع الهيئة إلى تقديم صورة الحكم التنفيذية المعلنة للهيئة، دون تقديم صورة رسمية من الحكم للمحكمة الدستورية حتى لا يلزم قانونها بذلك وإنما قصر الالتزام بتقديم صورة رسمية من الأحكام في طلبات تنازع الاختصاص وتنازع الأحكام. وأشارت المذكرة التي أعدها المستشار رفيق عمر شريف نائب رئيس هيئة قضايا الدولة، إلى أن الهيئة قد تقدمت بعدة طلبات لاستصدار صورة رسمية من الحكم إلى أن طلباتها جميعها لم تحظ باستجابة ومنها الطلب الموجه إلى رئيس مجلس الدولة والطلب المقدم إلى الدائرة السابعة فحص، واختتمت الهيئة مذكرتها بطلب وقف تنفيذ الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري القاضي ببطلان توقيع ممثل الحكومة على اتفاقية "تيران وصنافير"، وكذلك الاستمرار في تنفيذ الأحكام الصادرة من المحكمة الدستورية وعدم الاعتداد بحكم القضاء الإداري. واستندت الهيئة في المنازعة التي أقامتها إلى الحكم الذي أصدرته المحكمة الدستورية العليا في 21 يناير 1984 بعدم قبول الطعن على معاهدة الدفاع العربي المشترك الموقعة عام 1964، والذي أكد عدم اختصاص المحكمة بنظر الاتفاقيات الخاصة بالعلاقات الدولية وتقتضيها السياسة العليا للبلاد لاندراجها ضمن أعمال السيادة التي ينبغي أن تنحسر عنها الرقابة القضائية الدستورية". كما استندت إلى حيثيات عدد من أحكام "الدستورية" في مسألة أعمال السيادة، من بينها حكم بطلان قانون مصادرة الأراضي الزراعية، وحكم رفض الطعن على اتفاقية المصرف العربي، وحكم عدم دستورية قانون تحديد معايير تشكيل الجمعية التأسيسية لدستور 2012.