×
محافظة المنطقة الشرقية

4 مباريات في ختام الجولة الثانية من دوري جميل

صورة الخبر

إعداد: محمد هاني عطوي: 8 أشهر من العاطفة الجياشة والعذاب النفسي قضتها ماريتا لورينز تلك الجاسوسة التي جندتها وكالة الاستخبارات الأمريكية (سي آي إيه) وهي في التاسعة عشرة، لتغتال زعيم كوبا فيدل كاسترو. ماريتا لورينز حولت قصتها إلى كتاب تتجاوز فيه الحقيقة الخيال. وتقول لورينز، التي عرفت بلقب الألمانية الصغيرة كما سميت آنذاك، إنها التقت فيدل كاسترو عام 1959 على متن قارب في ميناء العاصمة الكوبية هافانا، وتحول ذلك اللقاء إلى حب من النظرة الأولى قبل أن ينتهي بمأساة. ولكن حب المغامرة عند ماريتا ابنة قبطان سفينة ألمانية والجاسوسة الأمريكية كان يسري في دمها، لأنها لم تستطع قتل حبيبها السابق كاسترو الذي أصبح عدواً للولايات المتحدة. في كتابها كنت الجاسوسة التي أحبت كاسترو تعيد لورينز إحياء قصة خلال فترة من التاريخ كانت مليئة بالصخب والعنف، من ثورة كاسترو، إلى اغتيال جون كنيدي في دالاس. تعيش ماريتا لورينز التي تبلغ من العمر 76 عاماً، في شقة فخمة تعلو فندق كوين في مانهاتن، ورغم ذلك تصفها بـ حفرة الجرذان، وفيها حاورتها مجلة باري ماتش الفرنسية. * كيف يمكن لفتاة ألمانية ولدت عام 1939 أن تلتقي فيدل كاسترو في 1959؟ - كان والدي قبطان سفن سياحية. وكان هو مدير السفينة برلين التي رست في ميناء هافانا في بداية عام 1959. بعد يوم من وصولنا، رأيت قوارب صغيرة مليئة بأشخاص ملتحين يقتربون منا، وهم يحملون الأسلحة، ويلبسون ثياباً موحدة لونها كاكي، ولاحظت أطولهم الذي كان يدخن السيجار، وسألته عما يريد. فقال إنه يريد الصعود إلى القارب لمعاينته فقلت: حسناً، اصعد. * ماذا حدث بعد ذلك؟ - تجولت معه على القارب، بدءاً من غرفة المحرك إلى غرف الدرجة الأولى. وسألني عن مكان حجرتي فأطلعته عليها. * كيف التقيتما ثانية؟ - عدت إلى نيويورك، حيث كنت أعيش مع أخي جو. وذات يوم رنّ الهاتف، وكان ذلك فيدل الذي دعاني إلى هافانا، فقبلت على الفور، وفي اليوم التالي ركبت طائرة للخطوط الجوية الكوبية، ففي ذلك الوقت كان الأمر ممكناً لأن فيدل لم يكن قد اقترب بعد من الاتحاد السوفييتي، والجسور مع الولايات المتحدة لم تكن قطعت بعد، والحقيقة أنني كنت خائفة، ولكن كنت متحمسة جداً كما أنني لم أخبر والدي. * كيف استقبلك؟ - حملني ودار بي وأنا بين ذراعيه. وبقيت 8 أشهر ونصف الشهر معه، من مارس/آذار إلى نوفمبر/تشرين الثاني 1959. وكنت أعيش في جناح 2408 في فندق هيلتون، حيث كان يقيم. وكان شقيقه راؤول وتشي غيفارا يسكنان في الغرف المجاورة. * من أي نوع كان فيدل كاسترو؟ - كان أكثر اهتماماً بالنظر في المرآة وتمسيد لحيته. كان نرجسياً ويفتقر إلى الثقة بالنفس، أو بالأحرى، كان بحاجة إلى الاطمئنان، والمداعبة وكأنه طفل صغير. * هل هو الاستياء الذي جعلك تتحدثين عنه اليوم؟ - لا، على العكس تماماً فأنا لست حاقدة عليه، فإلى جواره، كنت أشعر وكأنني ملكة، وكان يقول لي: أنت السيدة الأولى في كوبا، وإنه سيبقى الحب الكبير في حياتي. * كيف كانت حياته اليومية؟ - لم يكن لديه روتين معين، يغادر دون سابق إنذار أو سبب كما كان مضحكاً جداً. وكنا نحب الاستهزاء بالسياح الذين نراهم من نافذة الطابق ال 24. * هل تحدثتما عن الزواج؟ - لا. فهو حذرني منذ البداية بأنني يجب ألا أفكر بالزواج به. وكان يقول لي: أنا متزوج كوبا. وكنت مجنونة من الغيرة عليه وأعرف أن له مغامرات عاطفية، لكنه كان لا يبقى في الخارج وسرعان ما نلتقي. من جهتي لم أكن تلك التي تعكر مزاجه وتمارس الضغوط عليه، فمع كاسترو، هذا الأمر لا يصلح، لأنه هو من كان يقرر. * في مايو/أيار 1959، قابلتِ رجلاً يسمى فرانك ستورجيس، ما قصته؟ - حدث ذلك في فندق ريفييرا. هذا الرجل، الذي لا أعرفه، اقترب مني وقال لي إن بإمكانه أن يخرجني من الجزيرة، فرفضت لكنه قدم نفسه كحليف أمريكي لكاسترو. وما لم أكن أعرفه في ذلك الوقت أنه كان على مقربة من المافيا، التي كان يدافع عن مصالحها وعن الكازينوهات المقامة على الجزيرة. كان الرجل عميلاً مزدوجاً، بل أكثر، فهو على علاقة مع باتيستا، الدكتاتور السابق الذي أطاح به كاسترو، ووكالة الاستخبارات المركزية التي كانت تعتبر كوبا مستعمرة أمريكية. وفي وقت لاحق، في عام 1972، كان جزءاً من عصابة من السباكين الذين وضعوا أجهزة تنصت في مقر الحزب الديمقراطي في واشنطن، وهو الذي أثار قضية ووترغيت. وعندما قلت لكاسترو إنني قابلته، أمرني بغضب، ألا أراه مرة أخرى أبداً. * كان فرانك ستورجيس هو من جعلك تكتشفين عالم التجسس ووكالة الاستخبارات المركزية، أليس كذلك؟ بلى، لكن من دون أن ألحظ ذلك. وكان يقول لي إنه يمكن أن يساعدني، وفي المقابل كان يطلب مني الكثير من الخدمات. وللتخلص منه، انتهى بي الأمر إلى أن أعطيه خطابات كان كاسترو يرميها في سلة المهملات، وكانت، حسب رأيي، لا فائدة منها لكن كان ذلك على ما يبدو كافياً لإرضائه. * في أكتوبر/ تشرين الأول 1959 كنت تشربين كوباً من الحليب، وفجأة سقطت أرضاً، فهل كان الحليب مسموماً؟ نعم، لكنني لم أعرف من فعل ذلك بي أو لماذا. كان فيدل غائباً وتولى أحد أقاربه نقلي إلى الطوارئ وتنظيم رحلة عودتي إلى نيويورك. ولم أكن أتذكر أي شيء بل كل ما أعرفه هو أنني استيقظت في غرفة في مستشفى روزفلت في مانهاتن، في حالة ذهول. * ماذا عن طفلك من كاسترو؟ أخفوه عني في كوبا وقالوا لي إنني أجهضت، لكن الطبيب النسائي في نيويورك كان يعتقد أنه تم توليدي قسرياً. وهكذا عرفت أن طفلي ولد عندما كنت في غيبوبة في كوبا، ونشأ وترعرع هناك وسُمّي أندريس فاسكويز. * كيف يمكنك أن تكوني على يقين من أنه هو ولا توجد صورة له؟ لأنني رأيته في عام 1981 عندما ذهبت لرؤية كاسترو لآخر مرة بعد 20 عاماً من الغياب. والصورة الوحيدة له التي كنت أملكها فقدتها. * حدثينا عن ذلك اللقاء. وافق كاسترو على استقبالي لكنه لم يكن سعيداً وتوسلت إليه أن يعرفني إلى طفلنا، ثم فتح الباب وظهر أندريس. كان يشبه فيدل جداً خصوصاً يديه ووجهه. أعطيته الهدايا التي كنت أحضرتها له، وقال لي إنه كان يدرس الطب وحينها لم أستطع التوقف عن البكاء. * هل بقيتِ على اتصال مع ابنك؟ في البداية، نعم. كنت أبعث له الرسائل وأعتقد أنه قرأها. من جهتي، وصلتني رسالة من العنوان الذي أعطاه لي وعندما فتحتها كانت فارغة. * دعينا نرجع إلى عودتك من كوبا في أواخر عام 1959. كتبت في كتابك أنك انضممتِ إلى صفوف مكافحة كاسترو..لماذا؟ خلال فترة النقاهة، زارني رجال من مكتب التحقيقات الفيدرالي وحكوا لي قصصاً مرعبة عنه، ومع الوقت كسبوا ثقتي تدريجياً. وكانت والدتي إلى جانبهم وكانت تعمل ممثلة، كما كانت تعمل لحسابهم أيضاً. وخلال الحرب العالمية الثانية، بدأت تتعاون مع الولايات المتحدة ضد التجسس، ولم تتوقف واتهمت فيدل كاسترو بالاعتداء عليّ. وحينها كنت ساذجة، وواقعة في الحب، ولكن مدمرة على الصعيد النفسي، ولذا قررت الانضمام إلى الحركة المعادية لكاسترو رغماً عني، والتقيت مرة أخرى، فرانك ستورجيس الذي كان قد عاد إلى الولايات المتحدة. فرحب بي وقال: مرحباً بك على متن سفينتنا. * وأرسلك لاغتيال كاسترو في أوائل 1961؟ - بالضبط. ذهبت بالطائرة، وكنت لا أزال أحمل مفتاح الجناح 2408، حيث كان يعيش فيدل كاسترو. دخلت ووصل بعد فترة وجيزة، وقال لي: أوه، أيتها الألمانية الصغيرة. * هل قلت له إنك جئت لقتله؟ نعم، لكنه كان يعرف ذلك، وسلمني مسدسه الذي كنت أوجهه إلى رأسه، وقال لي: لا يمكن لأحد أن يقتلني. وكان محقاً. تركت السلاح وشعرت بأنني أزحت عن كاهلي وزناً ثقيلاً. * بالطبع كان قادتك غير مسرورين من فعلك. بالتأكيد كانوا غاضبين جداً، وقالوا لي إنه لو كنت تمكنت من تحقيق الأمر لم يكن ليبدؤوا عملية خليج الخنازير (محاولة غزو كوبا التي تحولت إلى فشل أمريكي ذريع في إبريل/ نيسان 1961). * ولكنك مع ذلك ظللت مرتبطة بالدوائر المعادية لكاسترو. نعم، كنت أصبحت جاسوسة بالفعل وعندما نبدأ، فلا يمكننا أن نتوقف. كنت أعيش في ميامي، مثل لي هارفي أوزوالد، الرجل المتهم بقتل جون كنيدي. * ما المناسبة التي جمعتك بأوزوالد؟ في حفل كانت تقيمه الحركة المعادية لكاسترو. وكانوا يتحدثون بصراحة عن كراهيتهم لكنيدي واتهموه بأنه هو الذي أفشل عملية خليج الخنازير من خلال عدم توفيره الدعم الجوي الموعود. كان أوزوالد هنا وكان مدعياً ووحيداً وكنت حذرة منه، وكان يبدو أنه لا يحبني أيضاً. * هل هو قاتل جون كنيدي حقاً؟ كان ضالعاً ومشاركاً، لكنه لم يكن مطلق النار الوحيد. ووفقاً لكلامه كان هناك رجل آخر. أريد الرحيل عن واقعها اليوم وأمنياتها تقول لورينز: حياتي كلها، بشكل مباشر أو غير مباشر، انغمست في خدمة التجسس المضاد إما عن طريق أصدقائي في "المافيا"، وإما عن طريق شركات الأمن والمخبرين الخاصين. وأعيش في جحر للفئران في كوينز، في نصف طابق سفلي، مع قطتي، وكلبي وسلحفاتي وسمكتي البرتقالية وليست لدي سوى رغبة واحدة، وهي أن أرحل من هذا العالم. وأريد أن أعود إلى ألمانيا مع ابني مارك، الذي يبلغ من العمر 46 سنة. ولديه وظيفة تنتظره هناك، فهو سيرأس متحفاً مخصصاً للتجسس المضاد.