اتفق مفكران على أن مزاعم الكاتب المصري يوسف زيدان، بشأن عدم وجود حضارة في الجزيرة العربية، بأنها مجرد محاولة بائسة من الكاتب لاختلاق معارك لجذب الضوء نحوه والعودة مرة أخرى إلى دائرة الشهرة عبر تصريحات مثيرة بغض النظر عن أهميتها من عدمه. وقالا: إن زيدان مجرد ظاهرة صوتية انتهت إذ سبق له أن أصدر تصريحات ينفي فيها هوية المسجد الأقصى ورحلة الإسراء والمعراج، الأمر الذي جعل منه ملء العين والبصر ولكنه بعد أن شعر بخفوت نجمه عاد من جديد بتصريحات لا تمت للواقع بصلة. يخالف الصواب أوضح طارق حجي، المفكر والكاتب المصري أن الدراسات التاريخية تؤكد أن سكان الجزيرة العربية أنتجوا تراثاً من الإبداع الأدبي والشعري، الذي كان عصب حياتهم الثقافية بل والاجتماعية، وعكس هذا الشعر ذهنيتهم في ميلهم للاعتزاز بالقبيلة ومدح الذات. وأشار إلى أن الجزيرة العربية قدمت عدداً من المفكرين ممن كانوا من خلفيات غير عربية مثل ابن سينا والفارابي، وأغلب الظن ان تفسير ذلك هو أن الإسلام أصبح هو إطار التفكير والفلسفة. واعتبر القول: إن الجزيرة العربية لم تنتج علماء ومفكرين «يخالف الصواب» لأنه يحصر الأمر في أن سيبويه واضع قواعد النحو العربي كان فارسياً رغم أنه كان تلميذاً بكل معنى الكلمة لرجل عربي هو «الفراهيدي» عماني الجنسية، مشدداً على ان معظم ما وصلنا عن «سيبويه» هو من إنتاج «الفراهيدي» الذي لم يقتصر عمله على النحو وإنما نظر ايضاً في مجال أوزان الشعر. وشدد على انه لا يمكن القول إن الجزيرة العربية لم تنتج علماء ومفكرين لأن كل ما قام به سيبويه كان سائداً ومتداولاً فهو لم يخترع قواعد جديدة للغة بل قام بتسجيل هذه القواعد، وأوضح ان «زيدان» غفل ان بيئة العرب الاولى كانت تعتمد على المشافهة، ولم يبدأ سيبويه التدوين لقواعد اللغة العربية إلا عندما وجد خطراً على اللغة العربية بسبب الشعوب غير العربية التي دخلت في الاسلام. جهل فاضح.. أما استاذ الأدب والنقد والمفكر المصري، الدكتور حسام عقل، فأكد ان يوسف زيدان، اعتاد كلما انحسرت عنه الاضواء ان يلقي بالونات اختبار وقنابل صوت من هذا النمط في محاولة للفت الانظار واستبقاء ذاته في دائرة الضوء خصوصاً بعد رحلة المغرب وما قام به من سلوكيات سيئة. وشدد على ان «زيدان» خصم من الرصيد الثقافي للمصريين كثيراً، ولم تعد مقالاته تلفت الانظار كما تجاهل المصريون حضور صالونه بالشكل الكثيف الذي كانوا يلجأون إليه، ومن ثم بدأ زيدان منذ ثلاثة اعوام أن يقترب من مساحات الهوية العربية والاسلامية، فيعبث بثوابتها ويفتات على تاريخها، ويشهر برموزها في محاولة مزدوجة للفت الانظار. وأوضح ان زيدان سبق وقام بإرسال بعض الرسائل الى الخارج الاسرائيلي والاوروبي والدولي، وقد رد عليه كثير من المفكرين والباحثين والمثقفين، عندما طرح قبل أشهر فكرة انكار وجود مدينة القدس، أو تاريخية المسجد الاقصى، وهي مغازلة واضحة للكيان الصهيوني ومحاولة لاختراق الضوء بورقة التطبيع. وأظهر ان زيدان يعود مرة أخرى للفت الانظار بالقول إن الجزيرة العربية قد خلت من الحضارة واللغة، وهذا جهل فاضح لأن الجزيرة قبل الاسلام حفلت بكثيرين قدموا عطاءً لغوياً شفاهياً أمكن جمعه بعد ذلك في تاريخ الاسلام الباكر بعد ان ظهرت عملية التدوين. وأبدى ثقته بأن يوسف زيدان الذي يتحدث عن اللغة هو في واقع الحال لا يجيد اللغة، مشيراً إلى انه سبق وقام بلفت انتباه «زيدان» لاخطاء لغوية فاضحة له في بعض كتابته على صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي»فيسبوك» وعلى سبيل المثال كتب ذات مرة «ألفت كتاباً من سبع فصول» وكان يقتضي ان يقول «سبعة فصول» وهو خطأ بدائي في العدد والمعدود، واذا كان يجهل بسائط اللغة فهل من المتوقع ان يقرأ كتاب الأغاني للاصفهاني وكل ما ظهر من المخطوط والمطبوع لهذه الفترة التاريخية من عمر الجزيرة العربية التي يتحدث عنها بخفة وضحالة؟! واعتبر ان مأساة يوسف زيدان تتمثل في نظرية فقاعة الهواء، حيث يريد ان يلبس عباءة المفكر التنويري والفيلسوف، بينما امكانياته وأدواته لا تؤهله لهذا الدور وعليه ان يعترف انه مجرد روائي اجاد في بعض مؤلفات وأخفق في الآخر، لكن الرداء الجديد الذي يحاول ان يمنحه لنفسه يشبه الرداء الواسع على جسم صغير، وعليه ان يفهم ان مغامراته الايديولجية الفاشلة لم تعد تستلفت نظر احد، بل تثير ازدراء الكثير والمشهد الثقافي في مصر بدأ يفضح أدواته ومحاولاته البائسة.