يرى الكثيرون أفغانستان على أنها دولة مصدرة للإرهاب عربيا وعالميا، لكن هناك جانب آخر يكشفه الدكتور عبد الله خاموش، النائب الأول للسفير الأفغاني بالقاهرة، والمستشار الثقافي والإعلامي للسفارة في حواره لـ«الغد»، مشيرا إلى أن بلاده وقعت فريسة بين دول مجاورة أرادت لها السقوط، وبين تنظيمات متطرفة استوطنتها واستغلت ضعفها في فترة ما بعد الحرب ضد السوفييت. يؤكد خاموش أن دولة أفغانستان بدأت تخطو خطوات ثابتة نحو الاستقرار والعودة إلى ما كانت عليه في السابق من ريادة وعلم تقدم، موضحا أن الدولة بقيادتها الجديدة تفتح ذراعيها لمن يريد العودة من جديد للعمل ضمن صفوف اللحمة الوطنية الأفغانية. نص الحوار: كيف كان وضع أفغانستان قبل الحرب؟ دولة أفغانستان كانت قبل مجئ الشيوعيين قوية، لها حاكمها المحب لها، ولديها شعب واع، ومتقدمة في مجالات مختلفة، كان هناك قانون ونظام، الملك لم يكن يتدخل في إضافة درجة لابنه أو ابنته في الجامعة، السيد محمد داوود خان، رحمة الله، ربما كان له دور في دخول الشيوعية لبلادنا بعد انقلابه على ابن عمه، لكن كان رجلا وطنيا وخدم الشعب الأفغاني ورفع رؤوسنا في العالم، لذلك قتله الشيوعيون، واذكر أن ابنته الوحيدة كانت تحتاج لدرجة ولم يعطوها لها لتنجح، فاستدعاهم خان وكرمهم، لكن بعد حضور الشيوعيين دمروا البلاد، وكانوا يقتلون الشباب لمجرد أنه يصلي فقط. ارتبط اسم أفغانستان بالعنف والقتال.. برأيك هل بدأت تتغير هذه الصورة؟ في البداية لا بد أن نعرف أن أفغانستان دولة مسلمة، وشعبها بجميع فئاته وطوائفه يعتزون بإسلامهم، وكانت معقلا للإسلام، ومنها انتشر إلى بلاد ما وراء النهر، وإلى شبه القارة الهندية وماليزيا وإندونيسيا وحتى أستراليا. ومن ناحية العلم، لقد كان لعلماء أفغانستان دور كبير في إثراء المكتبة الإسلامية، أمثال الإمام البخاري مؤلف الصحيح، والإمام أبو داوود السجستاني وأبو المعالي الجويني وأبو بكر الرازي وجلال الدين الرومي والسيوطي، وعشرات العلماء من رجال الفقه والحديث. وكان يرى الاتحاد السوفييتي أنه يجب الوصول إلى بحر الهند عبر أفغانستان، فدبر المكيدة واستفادوا من ضعف الشعب الأفغاني ومن العسكريين الذين تعلموا في الاتحاد السوفيتي، كما أصيب المجتمع الأفغاني بداء الشيوعيين وأصيب أيضا أولادنا الذين تتلمذوا على أيدي الروس وأعوانهم، ثم جاءوا إليها وقاموا بانقلاب عسكري. وعلى مدار 14 عاما بدأت دولة أفغانستان حربها ضد السوفييت، بمشاركة مقاتلين مسلمين، وطوال هذه الفترة لم نسمع فيها كلمة انتحاري أو مصطلح إرهاب أو أي من هذه المسميات، كان جهادا واضحا ضد محتل، ثم جاءت القاعدة وحدث ما حدث، وما سمعنا جميعا به، ولعل أطراف دولية دعمت هذا الأمر، فالموضوع برمته كان مكيدة ضد الشعب الأفغاني لإبطال وتشويه مفهوم الجهاد النقي. كان هناك نوع من الاتحاد بين الأحزاب السياسية والمجاهدين العرب واستطاعوا طرد السوفييت وتحرير كابل، لكن بعد الانتهاء من الحرب بدأ القتال بين هذه الأحزاب وبعضها، تري لماذا حدث هذا التفكك والقتال بينهم؟ أقول إن الذين كانوا يمولون المسلحين من الدول الغربية كانت لهم طموحات وأطماع في بلادنا، وكانوا ينظرون إلى كل شبر كمادة ولا ينظرون إلي قضايا اقتصادية أو تنموية في البلاد، كانوا يرون قوة الشعب وتماسكه ووجود أحزاب سياسية قوية ولم تكن هناك مشكلة، فدبروا مكيدة ومزقوا الشعب وفرقوه، مثلما يحدث الأن في سوريا وليبيا وغيرها، نفس المكائد التي تحاك ضد الدول حتى لا يستفيد الشعب من ثمرة جهاده. ولك أن تعلم أن أفغانستان يوجد بها 5 آلاف معدن، فشعبها غني، لسنا فقراء، لديها ثروات من بترول وغاز ويورانيوم وخصوبة زراعية، عدد السكان 30 مليونا ومساحتها 650 ألف كيلومتر مربع، حوالي ضعفي مساحة فرنسا وبريطانيا، هم قسموها باسم القبائل واللغات. ألم تستطع قيادات أفغانستان، أمثال سياف وحكمتيار ويونس خالص وبرهان الدين رباني السيطرة على الأوضاع الداخلية مبكرا؟ حينما تعيش في بلد مدمر في كل النواحي الثقافية والاقتصادية، وتصبح ثقافة الشباب البندقية، فالذين حاربوا 14 عاما ولم يصلوا إلى التعليم ولا بناء مستقبل ولا اقتصاد لهم، فماذا تنتظر منهم؟ أعداؤنا استفادوا من هذه الظروف، من أمية وفقر الشعب، وهذه الأحزاب التي تحدثت عنها لم يكن لها سابقة عريقة في التربية، ولم يصلوا لدرجة من النضج السياسي، فالحركة الإسلامية التي تأسست في جامعة كابل لم تكن حركة عالمية، وإنما محلية خاصة بأفغانستان فقط. وحينما رأى الشباب نشر ثقافة السوفييت الشيوعية عبر التمويل المالي والمراكز الثقافية، عمد الشباب إلى عمل مضاد لتحجيم انتشار الفكر الشيوعي في البلد، وقبل أن يصل الشباب إلى مرحلة التعليم والنضج والتربية والوحدة جاء السوفييت إلى أفغانستان وزرعوا فيها أحزابا، وكان لهذه الأحزاب تأثير في الشارع والمجتمع، ومن ثم أصبح كل لهم في المستقبل تأثير علي القادة الميدانيين الأميين، فبدلوا الجهاد المقدس إلى حرب داخلية، لذا لم تكن للأحزاب الإسلامية سابق تجربة أو خبرة. زعمت أمريكا أنها جاءت إلى بلادكم لتخليصها من الإرهاب.. فما تعليقك؟ الآن المسلم لا يساعد أخاه المسلم، فكيف تتصور أن تأتي دولة أخرى تختلف معك في الدين والثقافة لكي تساعدك؟ الجميع يعلم أن ما ذكرته كان حجة لدخول بلادنا والسيطرة على خيراتها من معادن وغير ذلك، السياسة تحكمها المصلحة فقط حتى جيراننا من البلاد حكمتهم مصلحتهم الخاصة، ولم نجد وقتها طالبان فقد هربوا جميعا إلى باكستان، الذي حدث لعبة دولية، ولقد أساءت جماعة طالبان التصرف، ولم يفقهوا الدين ولا السياسة. هل بدأت أفغانستان تخطو خطوات نحو الاستقرار؟ الإفراط و التفريط كلاهما يضر بالدولة، ولا ينفع، وهو ما وقعت فيه أفغانستان، الآن لدينا أحزاب متنوعة من كل الطوائف لكل من يسعى إلى العمل لصالح بلاده. لمطالعة الجزءالثاني حوار| دبلوماسي يكشف «صناعة المتطرفين» في أفغانستانأخبار ذات صلةمقتحمو مستشفى كابول العسكري يرتدون «ملابس أطباء»ارتفاع الخسائر البشرية في صفوف القوات الافغانية بنسبة 35% عام…ارتفاع حصيلة الاعتداء في سوق باكستان لـ24 قتيلاالمارينز الأمريكيون يعودون إلى أفغانستانالأمم المتحدة: عودة أكثر من 350 الف لاجئ أفغاني من…شارك هذا الموضوع:اضغط للمشاركة على تويتر (فتح في نافذة جديدة)انقر للمشاركة على فيسبوك (فتح في نافذة جديدة)اضغط للمشاركة على Google+ (فتح في نافذة جديدة)