×
محافظة المنطقة الشرقية

واشنطن: تعمدنا تسليم «400» مليون دولار إلى إيران

صورة الخبر

باتت القوات الموالية للحكومة اللبيبة قاب قوسين أو أدنى من طرد تنظيم داعش من سرت لكن خسارة الإرهابيين معقلهم الأساسى هذا لا تعنى اطلاقا خسارتهم ليبيا أو حتى إرساء الاستقرار فيها، بل إنها قد تكون بداية لمزيد من الفوضى والعنف، بحسب محللين. وأطلقت القوات الموالية لحكومة الوفاق الوطنى المعترف بها دوليا، فى 12 مايو عملية برية وبحرية وجوية لطرد التنظيم الإرهابى من شريط ساحلى يمتد بطول نحو 200 كلم فى شمال وسط البلاد ويشمل سرت، وهو هدف يبدو أن تحقيقه بات وشيكا بعد أن أضحى الإرهابيون محاصرين فى اثنين فقط من الأحياء السكنية فى المدينة الساحلية. ولكن حتى وإن كانت خسارة سرت ستمثل هزيمة نكراء لـداعش فهى لن تعنى بأى شكل من الأشكال القضاء بالكامل على التنظيم الإرهابى لأن مقاتليه من ليبيين ومهاجرين (غالبيتهم من العرب) يمكنهم بسهولة أن يتفرقوا ويتخفوا وسط السكان، مستغلين الفوضى السياسية والأمنية السائدة فى البلد منذ انهيار نظام العقيد معمر القذافى فى 2011. ويقول إيثان كورين الرئيس والعضو المؤسس لمركز أبحاث بيريم اسوشييتس الذى يعنى بالشرق الأوسط وأفريقيا، إن مقاتلى تنظيم (داعش) (...) برهنوا عن قدرة على الذوبان فى محيطهم. وأكد انه إذا تم القضاء بالكامل على التنظيم الإرهابى فى سرت عندها علينا أن نتوقع من تنظيم (داعش) أن يغير استراتيجيته بحيث ينتقل إلى شن حملة أوسع نطاقا واسهل انتشارا لإشاعة الرعب وبث الذعر، متوقعا أن يضرب الإرهابيون أهدافا متصلة بمصراتة وطرابلس. وأوجد تنظيم أبوبكر البغدادى موطئ قدم له فى ليبيا فى 2014 قبل أن يتمكن فى يونيو 2015 من أن يبسط سيطرته بالكامل على سرت لتصبح معقله الرئيسى ومركزا لتجنيد الإرهابيين وتدريبهم وإعدادهم لشن هجمات داخل ليبيا وخارجها ايضا، كما بث الذعر فى قلوب الاوروبيين الذين وجدوا بين ليلة وضحاها قاعدة إرهابية على بعد نحو 300 كلم من سواحلهم الجنوبية. من جهته، يقول الصحفى والمحلل السياسى عبدالبارى عطوان، للوكالة الفرنسية: إن داعش خسر سرت ولكنه لم يخسر ليبيا، ولا سيما الجنوب، حيث لديه حاضنة وحيث المنطقة رخوة إذ لا وجود هناك لدولة مركزية أو لميليشيا واحدة مسيطرة. ويضيف الخبير فى شئون الجماعات الإرهابية أن الجهاديين خسروا سرت مسقط رأس القذافى ولكنهم لم يخسروا قبائل سرت، لأن المصالحة الوطنية لم تتحقق حيث إن قبائل كبرى كانت تاريخيا موالية لمعمر القذافى وجدت نفسها اليوم خارج السلطة ومهمشة. ويلفت إلى أن هذا التهميش حدا ببعض أبناء هذه القبائل للالتجاء إلى (داعش) تماما كما فعل أنصار صدام حسين فى العراق (...) لأنهم وجدوا فى الدولة الاسلامية الملاذ أو الخيمة. وعن وجهة الإرهابيين بعد سرت يقول المحلل السياسى إنه فى العادة، الدولة الإسلامية تخسر مناطق فتنتقل إلى أخرى مثل البدو الرحل، وتقديرى انهم بعد سرت سيتجهون جنوبا. ويضيف عطوان أن الإرهابيين لديهم فى العادة خطتان: الخطة ألف تقوم على الاستيلاء على مناطق والتمكن فيها، والخطة باء تقوم على العمل تحت الأرض، واليوم بات تطبيق الخطة ألف صعبا على تنظيم الدولة الاسلامية لأن القوى الكبرى اجتمعت ضده فى سوريا والعراق والآن سرت، وبالتالى فهو سيطبق الآن الخطة باء، أى أسلوب القاعدة الذى لطالما كان ضده، أى أن ينكمش الجهاديون أرضا ويتوسعوا إرهابا. وبحسب جيسون باك مؤسس موقع آيز اون ليبيا فإن الانتصار على الإرهابيين فى سرت لا يعنى أن حكومة الوفاق انتصرت فى معركة تثبيت شرعيتها أو أن البلد سيسير نحو الاستقرار، لا سيما بالنظر إلى ما يجرى فى بنغازى، مؤكدا أن أى مقاربة مستديمة لحل النزاع فى ليبيا تستدعى اعادة تقييم جذرية فى قدرات حكومة الوفاق وشرعيتها فى آن معا. ويضيف أن الحل يستدعى ايضا تدخلا دوليا (...) يسهم فى توفير حد أدنى من الأمن فى المناطق السكنية ومستوى من التنمية كافٍ لوضع حد لاعتناق الفكر المتطرف. ويحذر من أنه إذا كان من شأن تحرير سرت أن يعطى دفعا لحكومة الوفاق الوطنى فهناك احتمال كبير بأن تواجه هذه الحكومة تحديا من قبل الميليشيات التى دحرت تنظيم الدولة الاسلامية فى سرت، وأبرزها تلك التى أتت من مصراتة، المدينة الواقعة فى منتصف الطريق بين سرت والعاصمة طرابلس. ويخشى باك من أن هذه الميليشيات قد تقول إن من يقود المقاتلين هو من يجب أن يتولى السلطة السياسية فى ليبيا وليس اصحاب الألقاب الذين يرتدون بزات جميلة. ويؤيد الأمريكى كورين، هذا التحليل قائلا: إن النصر فى سرت لن يرسى استقرارا سياسيا أو أمنيا، لا بل إنه يهدد بمرحلة من النزاع أكثر عنفا، لا سيما إذا وقعت مواجهة بين القوات الموالية لحكومة الوفاق فى الغرب والقوات الموالية للبرلمان فى الشرق.