×
محافظة المنطقة الشرقية

السعودي سامي الجابر !

صورة الخبر

الجالس إلى جواري التهبت كفاه من التصفيق كلما أعلن مذيع حفل تكريم المتخرجين من طلابنا وطالباتنا المبتعثين إلى فرنسا عن اسم طبيب مختص في جراحة العظام والمفاصل، قلت له وأنا ألمح طرف عكازه المخبأ تحت الطاولة: أما أنا فقد دونت أسماء الأطباء الذين تخصصوا في طب العيون، همس لي وهو يشير إلى جانب من الصالة مكتظ بالسيدات: هل رأيت حماسهن كلما أعلن المذيع اسم طبيب من الأطباء الذين تخصصوا في التجميل. لم نكن وحدنا، كما لم يكن وحدهن، من استشعروا غير قليل من الطمأنينة على مستقبل وطننا ونحن نتابع حفل التكريم لعشرات المتخرجين والمتخرجات في مختلف التخصصات العلمية، والذين لم يحملوا شهادات أرقى الجامعات الفرنسية فحسب، بل حملوا كذلك إعجاب القائمين على أمر تلك الجامعات، والذين تحدث ممثلهم في ذلك الحفل مشيرا إلى تميز الطلبة والطالبات السعوديين على نحو مكن أحد هؤلاء الخريجين من أن يرأس قسم الأطفال في أكبر مستشفيات فرنسا فور تخرجه، وهو أمر عده ذلك المتحدث أمرا استثنائيا. ولم يكن يعكر صفو ذلك الفرح وتلك الطمأنينة غير التخوف من أن يؤول أمر هؤلاء الأطباء إلى ما آل إليه أمر زملاء لهم تخرجوا من قبل، ولم يجد لديهم المواطنون الذين فرحوا بتخرجهم واطمأنوا إلى ما فرحوا به ثم وجدوا أنفسهم محبوسين داخل قوائم من الانتظار الطويل الذي يبلغ شهورا؛ لكي يتمكن المريض منهم من الظفر بمقابلة ذلك الطبيب الذي فرح به واطمأن إلى تخرجه، قوائم من الانتظار الطويل يكون متاحا فيها للمرض أن يتضاعف والألم أن يشتد والموت أن يزور. ولا يتوقف هذا التوجس عند حدود المواطنين الذين يعانون من قوائم الانتظار فحسب، بل يمتد ليشمل كذلك التخوف من أن يجد هؤلاء الأطباء المتخرجون أنفسهم في مستشفيات تفتقر إلى التجهيزات الحديثة التي تمكنهم من أداء عملهم على النحو الذي تمت تهيئتهم من أجل أدائه، ولا تحقق للمواطن الحصول على العلاج الذي يمكن له أن يضع حدا لمعاناته، بل لا يجد أولئك الأطباء المتخرجون المحيط العلمي الذي يمكنهم من التواصل مع المنجزات العلمية في المجالات التي تخصصوا فيها، فيكون عهدهم بتطوير أنفسهم يوم أن تخرجوا من تلك الجامعات وانضموا إلى زملاء لهم سبقوهم إلى التخرج وتوقفوا عند حدود ما تعلموه وانتهى بهم الأمر إلى الانقطاع عن ركب التعليم. التخوف مما قد يؤول إليه أمر طلابنا وطالباتنا المختصين في مجال الطب هو نفس التخوف الذي يشوب فرحنا بالخريجين والخريجات في كافة المجالات، ما لم يواكب الإنجاز العلمي الذي يبذلونه خلال دراستهم إنجاز إداري مماثل في الأجهزة التي سوف يعملون فيها حين يعودون إلى الوطن.