×
محافظة مكة المكرمة

المطر.. رقيب الفساد وكاشف المستور

صورة الخبر

علي القاسمي تابعت ما توافر بين يدي من متابعات وتغطيات مصاحبة لمؤتمر القيادات الإدارية الحكومية في المملكة.. الواقع والتطلعات، كثير من الأسطر دونتها لأقف عليها بالجدية التامة أو السخرية الطرية الطيبة، ولكنني سأعبر على محاور هذا المؤتمر الحي لثلاثة أيام، العبور تلقائي ونابع من بوح موظف حكومي يرى ولا يتكلم، يسمع ويتساءل، يعرف ويتجاهل، فلم يعد هناك من يجهل الأسئلة التي ظنناها لأعوام أسئلة سرية ومجهولة الأسباب وربما قادتنا قناعات مزيفة نحو أنها أسئلة المسار الحرج. يعبِّر المحور الأول من محاور المؤتمر الخمسة عن «إعداد القيادات الإدارية» وهذا الإعداد يقع في خانة ما نسمع عنه ولا نراه، ولن أضرب أمثلة حية عن بعد المحور عن واقعنا، إنما تثبت الحقيقة الصادمة أننا في مأزق قيادات مستمر ولن نخرج منه إلا بنية صريحة على التغيير والإعداد نيابة عن الحديث التنظيري، فيما أحبارنا لا تتجاوز انسكابها الخجول في نقطة البداية، فيما أتى المحور الثاني بعنوان «أنظمة ولوائح الخدمة المدنية ذات العلاقة بالقيادات الإدارية» وهو محور يقع في خانة ما نقرأه ولا يطبق، وكثيراً ما يتوقع آخرون أنه في دكاكين بيع الكلام وعداد الأنظمة واللوائح التي لا تتحرك إلا متى استثارها قارئ نابه أو موظف يفتش عن حق من حقوقه المختفي في بطنها وبين مجلداتها الفاخرة. «استقطاب وتعاقب القيادات الإدارية» كان محوراً ثالثاً وهنا مسألة فيها نظر فلا يمكن لهذا المحور أن يُرَى في خانة مبهجة في ظل وجود المؤسسات العائلية وطغيان العصبية القبلية والمحسوبيات وحرج القادم من طرف «فلان» أو ذي العلاقة بـ«فلان»، لا أظن ثمة تفاؤل بتعاقب للقيادات الإدارية ما دامت مغادرة بعض القيادات لمواقعها وكراسيها الإدارية متوقفة على قدرية الموت أو فضيلة التقاعد، وإن سلمنا باستقطاب «ما» في جهة «ما» فهو بنسبة لا تكاد تذكر في منظومة العمل الحكومي. بينما دار المحور الرابع في تحديات القيادات الإدارية وأظنها محصورة ببساطة تامة في المركزية ومطاطية الأنظمة وركوب الرأس والإيمان التام بأن التغيير ليس فعلاً إدارياً سهلاً في مؤسساتنا بل يحتاج لشجاعة محاطة بكثير من التوجسات والمخاوف لأن شبكة العلاقات المصلحية والنفعية تفعل ما تستطيع ومن خلالها قد تطير قيادات من كراسيها وتهبط علينا قيادات من السماء وبعد زمنت وجيز تغادر القيادات الهابطة وتأتي أخرى ببركات الدفع الرباعي والتزكيات العاجلة. آخر المحاور يبحث في «التوجهات الإدارية المعاصرة والتجارب الناجحة» وهو ذو شقين فالأول لا يعني شيئاً في ظل ركن التوجهات المعاصرة جانباً والاكتفاء بتوجهات «الفزعة» وتجارب الإنقاذ، بينما الشق الآخر يحتاج لجرعة صدق في تقديم نماذج قيادية حكومية ناجحة، لا نريد أن نذهب للبعيد أو للجوار، حاجتنا لنماذج حية وطنية لنعرف كيف نجحت وما السبيل لنجاح غيرها؟ مؤتمراتنا مع خالص الحب والتقدير تلعب على التنظير وتوضع على طاولات النقاش مع الإيمان المسبق أنها لن تخرج عن لقاءات الأصدقاء وتبادل الصور واستعادة الذكريات، التوصيات التي تنتهي بها لم تعد تؤكل عيشاً، هذه المؤتمرات تسبح في بحر من التناقضات والحجار الصلبة غير القابلة للإزالة، لست متشائماً لكنني باحث عن خطى تفاؤل لا أوراق «مكانك سر» وللحديث بقية.