يُقدّم الإعلام الجديد مبادرات على مستويات مختلفة ذات تأثيرات إيجابية وأخرى سلبية. فهناك المواقع الإخبارية والثقافية والفنية والمُدَوّنات التي تسمح للناس بالحديث عن القضايا التي تهمهم، وهناك مواقع الشبكات الاجتماعية التي تتيح للمشاركين بإقامة صلات جديدة مع الناس متجاوزة الحدود الجغرافية والسياسية، في عالم افتراضي يتخطى العالم الحقيقي. ووَفّر الإعلام الجديد مجموعة جديدة من طرق التواصل تحمل معها وعوداً هائلة ومخاطر كبيرة. وغالباً ما يفتقر إلى قواعد ولوائح شاملة ومُنَفّذة بشكل جيد. على الجانب الواعد، يسمح وجود الإعلام الجديد بثقافات تشاركية ويشجعها فهي ثقافة للتعبير الأدبي والفني وتبادل الإبداعات والأفكار وتبادل الأخبار حول مجريات الأحداث وتوفر الثقافة التشاركية فرصاً للمشاركة في المجتمع المدني، ويُمرِّر الأشخاص الأكثر خبرة بشكل غير رسمي النصح والإرشاد مما لديهم من خبرات للمستخدمين المبتدئين . وينخرط في الثقافة التشاركية أفراد يعتقدون أن مساهماتهم مهمة، ويشعرون بضرورة التواصل الاجتماعي بعضهم مع البعض الآخر. واليوم تقود مواقع الشبكات الاجتماعية مثل الفيسبوك وتويتر والانستغرام ولينكد إن إلى أشكال جديدة من التفاعل الاجتماعي، والحوار والتبادل والتعاون. ويتمكن مستخدمو هذه المواقع من تبادل الأفكار، وإضافة آخر التحديثات والتعليقات، أو المشاركة في الأنشطة والفعاليات، في حين يتشاركون على أوسع نطاق في الاهتمامات والمصالح مع الآخرين. وتُمكّنهم من الدردشة المتبادلة إلى الترويج للأخبار العاجلة، ومن جدولة موعد السفر أو تنسيق الاستجابة للكوارث، وتساعد وسائل الإعلام الاجتماعية الناس لمتابعة الأخبار العاجلة، ومواكبة الأصدقاء أو الزملاء ومشاركتهم بأمور كثيرة من صور وأغان وفكاهة لطيفة ومقالات وبحوث، والمساهمة في المناقشات عبر الإنترنت أو التعلم من الآخرين. فهي تغير من سلوك المستخدمين على الإنترنت بحيث يصبحون هم نقطة الدخول الأولية، والبحث، والتصفح وسلوك الشراء. وندرك أن الاستفادة من وسائل الاتصال بمختلف أنواعها في كل المجالات هي ضرورة حياتية، وندرك مع ذلك أن الإنترنت وما رافقه من انتشار الوسائط الاجتماعية لا تخلو من مخاطر حقيقية على المجتمع، فكل وسيلة تكنولوجية لها جوانبها السلبية. وفي الجانب السلبي يوفر الإعلام الجديد مِنَصّات لقوى ظلامية وغير شرعية وتكفيرية وهذا ما نشاهده من منصات متوفرة لداعش استطاعت من خلالها تجنيد الشباب الانتحاريين الذين عاثوا في الأرض تقتيلاً وإرهاباً. يثير الإعلام الجديد قضايا سريعة الاشتعال ولكنها أيضاً سريعة الانطفاء. وهناك الألعاب المتعددة على الإنترنت التي تستغرق جزءاً كبيراً من حياة الشباب حيث أصبحت ممارستها تُشكِّل نوعاً من الإدمان على حساب نشاطات أخرى مثل القراءة وممارسة الرياضة والتفاعل الاجتماعي. ولا يمكننا تجاهل ما وفرته المواقع الاجتماعية من منابر للقوي الظلامية والإرهابية فلا يمكننا مثلا إنكار إساءة استخدام المواقع الاجتماعية بما يؤدي إلى إيذاء الآخرين، ولا يمكننا أن نتجاهل استحواذ هذه المواقع على حياة الشباب بحيث أضحت عند البعض حالة إدمانية ويكفي أن نتذكر أن استخدام الشبكات الاجتماعية لدى الفرد في الإمارات تبلغ في المتوسط ثلاث ساعات يوميا، ولا يمكننا أن نتجاهل ما يقوم به الهاكرز من اقتحام للمواقع وغزو للخصوصية. ولا يمكننا كذلك تجاهل ما توفره المواقع الإباحية من إضرار وخاصة بالشباب والأطفال. ونحن ندرك الصعوبات الجمة في ضبط الإعلام الجديد بشكل يسهم في خدمة البشرية. ومع ذلك ليس أمامنا إلا أن ننظر بإيجابية بحيث نستفيد من إمكانيات الوسائط الاجتماعية لخدمة قضايا مجتمعاتنا، لعلنا نعمل على تحويل تحفظاتنا حول الإعلام الجديد إلى وسيلة لتثقيف مجتمعاتنا للحيلولة عن استعماله السيئ.