بعد دخول الملك عبدالعزيز، يرحمه الله، إلى مكة المكرمة عام 1343هـ، 1924م دعا إلى الشورى، بل وجعلها ركيزةً أساسية في حكمه، وثبَّتها وفق أسس شرعية يعود نفعها على شعبه المحب له، رحمه الله، وقام بتأسيس «المجلس الأهلي للشورى». وعندما قطع «أي المجلس الأهلي» شوطاً بارزاً في التنمية، قام خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز، يرحمه الله، بإصدار نظام مجلس الشورى. هذا التحديث لنظام المجلس كان بمنزلة تحديث وتطوير لما هو قائم عن طريق تعزيز أطر المجلس، ووسائله، وأساليبه، ولدى تولي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، يرحمه الله، الحكم، دعم مسيرة المجلس، وعمل على تعزيز أهدافه، استكمالاً لما بدأه حينما كان ولياً للعهد. والآن، ونحن في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، أطال الله في عمره، وأمده بالصحة والعافية، نرى كيف أولى، رعاه الله، مجلس الشورى باهتمامه وعنايته استكمالاً لمسيرته حينما كان أميراً لمنطقة الرياض، وسيراً على نهج والده ومَنْ سبقوه من إخوته الملوك، رحمهم الله. ونحن بدورنا بصفتنا مواطنين نقدِّر عمل مجلس الشورى، بل ونفخر ونعتز به، ونأمل منه تقديم مزيد من العمل لخدمة بلادنا، على أن يراعي في ذلك جيداً توجهات حكومتنا الرشيدة، ووضعها مصالح شعبنا في المقام الأول، وأن يضع حداً للتجاوزات والتصريحات التي لا تناسب المواطنين الصادرة من بعض أعضائه الذين لم يقدموا شيئاً يذكر سوى خروجهم علينا بين الحين والآخر بتلميحات مستفزة، وتصريحات جارحة في حقنا، هذا بالإضافة إلى قيامهم بتعطيل بعض القرارات التي تصب في مصلحة المواطنين الذين لايزالون يخدمون الدولة في كل ميدان، وكل جزء من تراب وطننا الغالي، حباً وكرامةً. إن ما نراه من بعض أعضاء المجلس استفزاز علني، يجب أن يحاسبوا عليه، وألا تُترك تجاوزاتهم تلك تمر مرور الكرام. الدولة حفظها الله من كل مكروه، قدمت كثيراً وكثيراً للمواطنين، ولم تبخل عليهم يوماً، فهم الذين لا يكلون ولا يملون ولا يتهاونون في خدمتها في أي وقت وفي أي مكان، ومن حق الدولة على أعضاء المجلس الذين تمنحهم مميزات كثيرة ومجزية أن يكونوا على قدر المسؤولية التي أوكلت إليهم، وأن يجتهدوا في خدمة الدولة والمواطن، وأن يكونوا معول بناء وتقدم، لا معول هدم واستفزاز!