أكدت جهات دولية معنية بالإغاثة، أن صعوبات كثيرة ومعقدة، تحيط بموضوع إغاثة السوريين، وأشارت بعض تلك الجهات إلى احتمالات فشل كلي للإغاثة في سوريا بسبب ما يحيط بها من تفاصيل وحيثيات، تجعل من الصعوبة الإيفاء بمتطلبات إغاثة معظم السكان في سوريا، إضافة إلى نحو أربعة ملايين لاجئ سوري، أغلبهم في دول الجوار ومصر. وتقدير الجهات الدولية بطابعه العمومي، يستند واقعيا إلى معطيات، وحقائق قائمة على الأرض، والأهم في هذه المعطيات والحقائق، هو تفاعلاتها، التي ما زالت تدفع بموضوع الإغاثة في سوريا نحو التفاقم رغم كل الجهود المتواصلة من قبل مؤسسات وهيئات محلية وإقليمية ودولية تواصل العمل في إغاثة السوريين منذ بداية الأزمة. إن الأساس الذي جعل السوريين بحاجة إلى إغاثة، هو الحرب الظالمة التي يشنها النظام على الشعب، وهي حرب مستمرة منذ نحو عامين ونصف، وجاء في سياق نتائجها قتل واختفاء مئات آلاف الأشخاص وجرح واعتقال مئات آلاف غيرهم، إلى جانب تدمير الممتلكات ومصادر عيش ملايين، وترافق ذلك مع تشريد ملايين داخل البلاد وخارجها، وفي كل الحالات تم تدمير أنماط العيش والعمل، وموارد السكان وبنى الإنتاج والتوزيع والخدمات وغيرها من ملامح النشاط الحياتي، ولا سيما في الجانبين الاقتصادي والاجتماعي. لقد بدأت هذه التغييرات بسيطة ومحدود مع بدايات الحرب على السوريين، وبدأت المجتمعات المحلية نشاطاتها في إغاثة المتضررين من أفراد وعائلات في المناطق التي بدأت قوات النظام استهدافها، في محاولة لإفشال الثورة وإعادة النظام إحكام قبضته على البلاد، غير أن استمرار حرب النظام وتصعيدها وسع دائرة المتضررين، مما فرض توسيع دائرة الإغاثة الأهلية التي دخلها نشطاء الحراك المدني والثوري، ثم انضم إليها رجال أعمال سوريون في الخارج، في محاولة لتلبية احتياجات المتضررين الذين تزايدوا بالتوازي مع تصاعد حرب النظام على الشعب، التي صار في نتائجها تدمير أحياء وقرى ومدن وتهجير سكانها كليا وجزئيا في أنحاء سورية مختلفة. وكان ممكن للإغاثة التي وفرها السوريون ومعها بعض المساعدات العربية والدولية الإيفاء بالمتطلبات الأساسية للمتضررين من حرب النظام، لولا أن الأخير استمر ووسع نطاق حربه، ودفع إلى تصعيدها، واتبع سياسة مناهضة لإغاثة المتضررين، والتي جاء في سياقها، اعتبار أعمال الإغاثة بحد ذاتها بمثابة «جرائم» مناهضة للنظام، تستحق أقصى العقوبات، ولهذا السبب صار المشاركون في أعمال الإغاثة عرضة للقتل والاعتقال، والشق الثاني في سياسة النظام، هو منع مرور مواد الإغاثة إلى وعبر المناطق التي يسيطر عليها، بل والقيام بمصادرة كل ما يمكن أن يكون قد تم تمريره دون معرفته. والشق الثالث في سياسة النظام، كان رفضه دخول منظمات الإغاثة الدولية لمباشرة نشاطها في الأراضي السورية إلا بمشاركة جهات تعمل تحت سيطرته، واشتراط توزيع مواد الإغاثة بمعرفته، الأمر الذي كان يعني توزيع قسم رئيس من الإغاثة على المناطق الداعمة للنظام، رغم أن أضرارها محدودة مقارنة بالمناطق الأخرى. وإذا كانت حرب النظام وسياسته في مواجهة الإغاثة واستنزاف موارد وإمكانات السوريين في الداخل والخارج، ومحدودية الدعم الإغاثي الدولي قد ساهمت في عدم القدرة على تلبية احتياجات المتضررين في الداخل والمقدر عددهم اليوم بنحو عشرة ملايين شخص، فإن نتائج أعمال إغاثة اللاجئين في الخارج كانت مقاربة، بل كانت فاشلة، حيث عجزت عن تلبية الاحتياجات الأساسية، نتيجة عدة أسباب، لعل الأبرز والأهم فيها هو الأعداد الكبيرة والمتزايدة من اللاجئين، حيث ارتفعت أعدادهم إلى أكثر من أربعة ملايين شخص موزعين في تركيا ولبنان والأردن ومصر، والأمر الثاني في أسباب فشل الإغاثة في الخارج طبيعة التجمعات التي يعيش فيها اللاجئون ومنها مخيم الزعتري في الأردن، والسبب الثالث سياسات التضييق التي تحيط بالسوريين، والتي كانت ملموسة في العراق والأردن قبل أن تتسع دائرتها لتشمل السوريين في مصر ولبنان، والسبب الرابع هو غياب وتغييب السياسات التنموية في تجمعات اللاجئين السوريين وخاصة في مجال التشغيل ولو البسيط، والسبب الخامس هو ضعف موارد الإغاثة مقارنة بحجم الحاجة، ووجود حالات من الفساد في حلقات متعددة بما فيها الحلقة السورية المعنية بالإغاثة. خلاصة القول في موضوع إغاثة السوريين، أنها بالفعل مشكلة كبيرة ومعقدة يختصرها قول إن السوريين في كارثة إنسانية نتيجة فقدهم مقومات عيشهم، مما يجعل الإغاثة تتطلب جهودا كثيرة ومشتركة، تبدأ بمشاركة السوريين وتفاعلهم الإيجابي معها، وبتدخل فاعل للدول والمنظمات والهيئات المعنية بأعمال الإغاثة، لكن الأهم في مواجهة الإغاثة هو وقف حرب النظام وسياسته في إغاثة السوريين، وهو ما يولد مزيدا من المحتاجين للإغاثة، وهو وضع لن يتوقف ما دام النظام موجودا، والحل الوحيد هو ذهاب النظام ومجيء نظام بديل، يوقف الحرب ويساعد في عودة السوريين إلى حياتهم الطبيعية.