×
محافظة المنطقة الشرقية

إفيموفا.. دموع في «عيون حزينة»!

صورة الخبر

يَنبش برنامج «تاريخ سريّ» في حلقته التي عرضت على شاشة قناة «Channel 4» البريطانية أخيراً وحملت عنوان «صدام يذهب الى هوليوود»، في قصة الفيلم الروائي «المسألة الكبرى»، الذي كان من خطط صدام حسين لكتابة تاريخ جديد للعراق سينمائياً، وعلى نحو يصب في هيستيريا التقديس والتعظيم الإعلامية التي كانت سائدة بعد تسلمه السلطة في عام 1979. سيكلف نظام صدام حسين المخرج العراقي محمد شكري جميل بإخراج الفيلم، الذي عادلت موازنته ما صرف على جزء سلسلة الخيال العلمي «حرب النجوم» الذي أنتج في الوقت ذاته، وسيستعين بنجوم تمثيل من بريطانيا وتقنيين من هوليوود، وسيستغرق إنجاز الفيلم ما يقارب العام الكامل، منعت فيه السلطة الممثلين الأجانب من العودة الى بلدانهم. يعود البرنامج البريطاني الى البدايات، عندما تلقى المنتج العراقي المقيم في بريطانيا ليث جورفاني دعوة من الحكومة العراقية لإنتاج فيلم عن بداية تأسيس العراق وإستقلاله من الإحتلال البريطاني في عام 1920. هذا التوجه السينمائي للحكومة العراقية وقتها كان يشمل خططاً لإنتاج فيلم عربي كبير عن العلاقة التاريخية مع إيران، والتي ستقدم في فيلم «القادسية»، الذي يحمل توقيع المخرج المصري صلاح أبو سيف ومن بطولة سعاد حسني وعزت العلايلي. لن يجد المنتج العراقي صعوبة في اقناع ممثلين بريطانيين في الانضمام لفريق العمل، فالمبالغ المعروضة طائلة، والكساد كان سائداً وقتها. عندما يصل الممثلون والتقنيون الى العراق تتكشف وقتها الورطة التي علقوا بها، فالحرب مع إيران كانت قد بدأت للتو، حتى الطائرة المدنية التي كانت تنقلهم من لندن، رافقتها في الأجواء العراقية طائرة عسكرية لحمايتها، وسيتم حجز جوازات الأجانب. فيما سادت الفوضى الفيلم، ولم يستلم الممثلون أيّ سيناريو، وبدت المهمة أكبر كثيراً من قدرات المخرج العراقي. وكأن الفريق الغربي في الفيلم كان ينقصه القلق، ليسلط الضوء عليه الممثل البريطاني الراحل اوليفر ريد، الذي لعب أحد الأدوار الاساسية في الفيلم، والذي كان معروفاً بتصرفاته الماجنة وإدمانه على الكحول. سافر ريد وقتها الى العراق برفقة صديقته التي لم تكن تتجاوز السابعة عشرة، وهذا بدوره سيطلق عنان الصحافة الفضائحية في بريطانيا، والتي سترافق الصديقين الى المطار، ليوفر هذا بدوره مشاهد أرشيفية مهمة. يسعى البرنامج الى أن يعثر على خطوط فضائحية مثيرة في قصة الفيلم والتي تنطوي أيضاً على كثير من التفاصيل المؤلمة عن حياة العراقيين وقتها. في المقابل تكشف شهادات الممثلين والممثلات والتقنيين البريطانيين عن حقبة تاريخية مجهولة، فأحد الممثلين خالف وقتها التعليمات بعدم مغادرة بغداد، وتوجه سراً الى مدينة كربلاء، حيث سيشهد فيها على جنازات جنود الحرب الإيرانية والتي لم تنقطع وفق قوله. وفي شهادة أخرى تخص الحرب ذاتها، ينقل أحد التقنيين أن زملاء عراقيين لهم كانوا يستدعون الى الحرب المندلعة وقتها، وبعضهم قتل في المعارك. تتوافر في قصة الفيلم العراقي كل عناصر الإثارة التي يبحث عنها البرنامج البريطاني، فهناك ديكتاتور يهب الملايين من الأموال من أجل أحلام وطموحات غريبة، وممثل شهواني مُتمرد على الأعراف كان برفقه فتاة جميلة في فندق في بغداد، وأموال كانت تبدد في الصحراء، ومنتج سينمائي جشع كل همه إرضاء حاكم بلد كان يغرق بدماء أبنائه. ولعل الجزء الخاص بزيارة فريق «بانوراما» التلفزيوني البريطاني الشهير للعراق والتي صادفت وقت تصوير الفيلم، هو من يرفع الحلقة التلفزيونية من الإثارة المحضة الى الإستعادة التاريخية الجديّة، اذ إن فريق برنامج «بي بي سي» والذي كان يخطط لإنجاز حلقة عن العراق بعد الحرب مع إيران، كان يسعى أيضاً الى مقابلة صدام حسين. وسيتوجب على الفريق البقاء لأيام من أجل تلك المقابلة، التي سيدافع فيها صدام عن سياساته الشديدة القسوة مع معارضيه العراقيين. يقترف البرنامج البريطاني أخطاء تاريخية، ويتلاعب بالصور الأرشيفية في شكل يخدم مُقاربته المثيرة، فيقدم مثلاً مشاهد من إيران من أيام الحرب العراقية - الإيرانية على أنها من داخل بغداد. كما يدعي البرنامج أن فيلم «المسألة الكبرى» لم يعرض أبداً بعد عرضه الأول في مهرجان لندن السينمائي، وهو أمر يُخالف الواقع، إذ إن الفيلم عُرض في الصالات السينمائية في العراق وقتها، وبعدها دورياً ولسنوات على شاشات التلفزيون العراقي.