لا أحد ينكر أن قوة رأس المال وسطوته تستحوذان على القرار السياسي الكويتي منذ سنوات، وقد ظهر ذلك جلياً وواضحا في انتخابات مجلس الأمة، إلى أن خرج لنا مجلس أقل ما نقول عنه أنه لا صوت له! وعملية الاستحواذ تتم من خلال تعبئة الرأي العام بقبول قضية معينة أو رفضها؛ وذلك بشراء ولاءات من لديهم القدرة على تغيير إدراك الجماهير وأفكارها، بهدف السيطرة على مشاعرهم وتوجيه تعاطفهم أو غضبهم في اتجاه معين، وتكوين حراك اجتماعي سلبي مناهض للحراك الوطني الحر، وهذا ما حصل بالفعل عندما اتُهمت الأغلبية المبطلة وشباب الحراك بالمؤزمين إبان مطالبهم العادلة التي لم تخرج عن إطار الدستور وتطويره لمزيد من الحريات، من خلال إشهار الجمعيات السياسية التي تسبق إشهار الأحزاب وصولاً إلى نظام برلماني كامل يستطيع الشعب من خلاله اختيار الحكومة المنتخبة ليتسنى محاسبتها وعدم تجديد الثقة بها أو حتى إسقاطها. ولهذا خُوّن الحراك باستخدام التهويل والغموض واتهام شبابه بالانقلاب على الحكم؛ لا سيما بعد حادثة دخول المجلس، بهدف إحداث التباس لدى المتلقي، فخرج علينا من طالب بتطبيق أشد العقوبات على هؤلاء الشباب حتى وصلت إلى حد الإعدام أو السجن المؤبد، ومثل هذه المطالبات تندرج تحت بند سطوة المال السياسي، وفي هذا الجانب تمت الملاحقات السياسية وسجن خيرة شباب الكويت، وعلى رأسهم أيقونة الحراك الشعبي مسلم البراك ورفاقه. وأيضاً تم تضليل الناس العاديين بالانتقائية المتحيزة؛ التي يتم فيها التركيز على حقيقة وإغفال الحقيقة الأخرى المرتبطة بها، بهدف إعطاء انطباعات معينة يتم تفسيرها بشكل معين مخالف للواقع، وتم نجاح الدعاية السوداء، فتراجع الحراك الوطني الذي مورست ضده أساليب سياسية غير تقليدية، منها الفكرة الخطيرة جداً بأبعادها الاجتماعية أولاً والسياسية ثانياً، وهي استخدام الإعدام المدني "بسحب الجناسي" من بعض رموز الحراك، فكانت تلك اللحظة بمثابة رصاصة الرحمة لحراك اجتماعي استطاع حشد أكثر من 90 ألف كويتي باختلاف مشاربهم لإسقاط الحكومة وقتها. ختاماً: إن قيام الجماهير بتغيير الواقع على الأرض ظاهرة صحية؛ بشرط أن تكون في إطار الدستور وناتجة عن وعي سياسي حقيقي ومن أجل هدف وطني سام، لا من أجل تحرك واقع تحت تأثير التضليل، ومسير بقيادات مخادعة لا ولاء لها سوى رأس المال السياسي. ودمتم بخير.