×
محافظة المدينة المنورة

عام / خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي

صورة الخبر

قِف على بُعد أمتار من دور نشر تتهادى على أرففها كتب الشعر، راقبها من بعيد، اتركها لبعض الوقت وعُد مرة أخرى، ستشعر بعد لحظات بأنك تقف أمام قطع أثرية نادرة كُتب على سطحها عبارة ممنوع اللمس، فالجمهور يلقي عليها التحية ويمضي، ليقتني كتب الطبخ أو قصص الأطفال وغيرها، بينما يتركها وحيدة تعاني في صمت. جولة سريعة في معارض الكتب المختلفة، كفيلة بأن تكشف لك عن الحال التي آلَت إليها الشعر اليوم، فدور نشر كثيرة أغلقت أبوابها في وجهه تجنباً للخسارة، فهو منتَج يزين الأرفف بعناوينه الشاعرية، إلا أنه في عالم الناشر التاجر بضاعة تعاني الكساد، فلا جمهور يأخذه بالأحضان، ولا ناشر على استعداد لتكبد الخسارة من أجله. البيان طرقت أبواب الشعر والناشرين، لتطمئن على حال ديوان العرب، وبين شاعر انحاز للإبداع، وناشر التفت للربح من أجل عطاء مستمر، أكد البعض أن الشعر تخلى عن دوره، ولم يعد الشاعر صوت المجتمع، فيما شدد آخر على أن مكانته لا تزال محفوظة وأن ديوانه لم يغلق، وأن المشكلة تكمن في المتلقي، إلا أنهم اتفقوا على ضرورة الموازنة بين الإبداع وتحقيق المردود المادي، لتستمر عجلة العطاء في الدوران. حيلة الشاعر أكدت الشاعرة الهنوف محمد، أن الجمهور غير متفرغ للقراءة، ما دعا بعض الشعراء إلى التحايل عليه للوصول إلى قلبه، وقالت: هناك شعراء اتجهوا للـواتساب لنشر أشعارهم، وآخرون قصدوا فيسبوك وغيرهما من وسائل التواصل الاجتماعي، فالشاعر أيضاً له حيله الخاصة. وذكرت أنه في ظل تهرب دور النشر من نشر كتب الشعر، أنقذت مواقع التواصل الاجتماعي الموقف، وقالت: رغم فائدة هذه المواقع، إلا أنا ساهمت في ظهور المستشعرين المحسوبين على الشعر، وبرأيي أن عدد الشعراء الحقيقيين ليس في تزايد. الهنوف محمد: الناشر تاجر والمؤسسات الثقافية داعم قوي وأشارت الهنوف إلى أن معظم دور النشر المحلية تجارية، عدا المؤسسات الثقافية، وقالت: الأمر بالنسبة لدور النشر بيزنس، ويجب أن يكون هناك مكسب من وراء أي مشروع، فما ذنب صاحب الدار في حال لم تحقق مطبوعات داره أرباحاً؟ ولذا، أقترح تقديم القصائد صوتياً لتكون مسموعة بدلاً من مكتوبة، ما يسهل وصولها للجمهور، فالشعر المسموع جاذب أكثر، وفي زمننا، سيكون هو من يعيد الجمهور للشعر. ولفتت الهنوف إلى أن الناشر تاجر، ولكنها لا تلومه على ذلك، وقالت: أنا قريبة من الناشرين المحليين وأعرف مشكلاتهم عن قرب، وأرى أن من حق دور النشر ألا تنشر الشعر، إن كانت ستتكبد الخسائر، ويبقى الأمر متعلقاً بمدى إيمان صاحب النشر بما ينشر، فإذا كان شاعراً، سيضع الشعر نصب عينيه، على عكس التاجر الذي ينظر للشعر كبضاعة، وينتظر مردوداً مادياً من ورائه. وأكدت الهنوف أن المؤسسات الثقافية تدعم الشعر، وقالت: تهتم وزارة الثقافة واتحاد كتاب وأدباء الإمارات بنشر دواوين الشعر، أما دور النشر الخاصة فلديها تذبذب بذلك. موازنة الشعر تخلى عن دوره والشاعر لم يعد صوت المجتمع، بهذه العبارة بدأ الشاعر والناقد محمد نور الدين مدير عام دار نبطي للشعر، حديثه، لافتاً إلى أن نصوص الشعراء لم تعد تلامس الهم الاجتماعي الذي يعايشه الجمهور، وقال: في السابق كان الشاعر صوت المجتمع، وكان هو من يغير الأفكار، ويعارض ويوافق ويحدد موقف الجمهور، كما ابتعد الشعراء أنفسهم عن قيادة المشهد الاجتماعي والسياسي والفكري، ليتحول الشاعر إلى صوت نفسه فقط، فكيف يطالب المجتمع، بعد ذلك، بأن يقرأ له، وخصوصاً أن المجتمع لديه همومه الخاصة ويحتاج لمن يتحدث باسمه؟ محمد نور الدين: الشاعر تخلى عن دوره ولم يعد صوت المجتمع وأشار إلى أن الروايات نجحت بجذب الجمهور لتطرقها لموضوعات ومشكلات سياسية واجتماعية تلامسهم، فبعضها تحدث عن التفرقة العنصرية والطبقية وغيرها، ما جذب الجمهور إليها، ليس لقوة المؤلف أو الرواية، بل للموضوع نفسه، على عكس الشعر الذي ترك الموضوعات المهمة والحساسة خلال العشرين سنة الأخيرة، متخلياً بذلك عن دوره. ولفت إلى أن الناشر ليس ناقداً، وقال: يعرض الناشر ما لديه، وفي حال لم يجد إقبالاً على اتجاهات ومجالات معينة، سيتوقف عن النشر فيها، وبرغم ذلك، أرى أن على دور النشر أن توازن لتقدم للجمهور وجبة ثقافية متكاملة. وذكر نور الدين أنه لا يمانع طباعة دواوين الشعر، والتسويق لها، إلا أن المشكلة تكمن في التوزيع، فهناك مكتبات ومراكز توزيع تتجنب كتب الشعر، وذلك لعدم وجود مشترٍ لها، لتبقى قابعة على الأرفف كما هي، بينما تلقى نظيرتها من كتب طبخ وأطفال حركة شرائية وإقبالاً ملحوظاً. وأكد أنه لا يحق لدور النشر أن تغلق أبوابها في وجه كتب الشعر، وقال: سيستعيد الشعر يوماً مكانته في مقدمة الركب، وسيتشبع الجمهور من الأجناس الأدبية الأخرى ليعود للشعر، وكثير من الأعمال الأدبية تستعين بالشعر، فالروايات والقصص تحتوي على لغة وخيالات شعرية، والإعلانات والأغنيات تستند على الأشعار. وعما إذا كانت دور النشر المحلية تجارية، قال: يجب أن يكون هناك جانب تجاري، فبدون ذلك، ستغلق دور النشر أبوابها، وسيغرق الشاعر والناشر معاً. طريقة مبتكرة وما إذا كان الشعراء اليوم مقصرين، قال نور الدين: الشعر حالة تجلي، ولو قدمه الشاعر بطريقة تقليدية، لن يجذب الجمهور، فالمتلقي اليوم يتعامل مع التلفزيون والسينما ومواقع التواصل الاجتماعي، وينجذب للإبهار، وهو ما يفرض على الشاعر تقديمه بطريقة مبتكرة، كتسجيله بأحدث التقنيات مع خلفيات موسيقية متميزة، كما يتطلب منه الأمر أن يفتح لنفسه قنوات يستطيع من خلالها الوصول لنفوس وخيال وفكر الجمهور. وأكد نور الدين أن الشعر لو أثبت حضوره، فدور النشر هي من سيسعى وراء الشاعر، وقال: مشكلة الشعراء تكمن في عدم قدرتهم على مواكبة العصر الجديد بما فيه من معايير جديدة، ونحن اليوم نعيش في زمن العولمة بكل ما فيه من إبهار، وهذا يستدعي من الشعر البحث عن مخرج ليعود - كما كان - ديوان العرب، وتخلف الشعر لم يكن - يوماً - بسبب تقدم الأجناس الأدبية الأخرى بل لفقدانه حالة الإبهار. واقترح على الشعراء التزاوج مع السينما والأغنيات، وقال: يستطيع الشاعر أن يفتح أمام نفسه آفاقاً أوسع، ففي الثمانينات كان الشعراء يتجهون للأغنيات، ما ساهم في انتشار أشعارهم ووصولها للجميع، وبرأيي أن الشاعر ليس بحاجة لدور النشر، فهو الأقدر على الوصول بإبداعه حيث يشاء. غذاء يومي أكد الشاعر محمد البريكي، مدير بيت الشعر بالشارقة، أن دور النشر لا تتهرب من الشعر، وقال: من خلال تعاملي مع بعض دور النشر التي تهتم بطباعة الشعر، وجدت بعضها يعرض على الشاعر الذي يمتلك أدواته الحقيقية نشر دواوينه، وأذكر أنني في أثناء وجودي في أحد معارض الكتب، اقتنيت أكثر من 5 دواوين لشعراء شباب من دولة واحدة، ومن دار نشر أيضاً واحدة، وأعتقد أن دور النشر التي تأبى النشر للشعراء تهتم بنشر كتب في ميادين أخرى تحقق من خلالها أرباحاً ثابتة أو متنامية، أو ربما لأنها نشرت لبعض من يدعون الشعر ولم تنجح التجربة، وهو ما ولد هذا الانطباع المشين. محمد البريكي: مكانة الشعر محفوظة وديوانه لم يغلق وذكر أن الشعر ليس بحاجة ماسة إلى طباعته في كتب، خصوصاً أن الشعر غذاء الناس اليومي وديوانهم المنشود، وفي المناسبات الاجتماعية والوطنية والأمسيات تُلقى القصائد، ليكون الشعر حاضراً بشكل آنٍ بين الناس. وعما إذا فقد الشعر جمهوره، قال: جمهور الشعر مستمع أكثر منه قارئ، وهو يتنفس الشعر ويتحدث به، فهل فقدت القصائد المغناة مستمعيها، وهل جافى الجمهور القصائد المصورة في وسائل التواصل الاجتماعي وعلى موقع يوتيوب أو من خلال الأقراص المدمجة وغيرها، وهل بالإمكان مقارنة هذا الجمهور بذلك الذي يقتني كتاباً لجنس أدبي غير الشعر؟ وأضاف: نعم هناك خلل ما في مستوى بعض ما يُنشر من شعر، وهناك بعض من يدعون بأنهم شعراء، وبعض المؤسسات الثقافية تسهم في زيادة الخلل نفسه، وكذلك بعض وسائل الإعلام التي تنحاز إلى جنس وتحاول خلق قضية أو تسهم في تدمير جنس أدبي على حساب آخر، ولكني أرى أننا في حاجة إلى الشاعر والروائي والقاص والناثر والفنان التشكيلي والمسرحي وغيرهم، ولا بد من أن نولي المبدع الحقيقي أهمية من أجل بناء ثقافة مستدامة تحتوي الجميع وتمثل المشهد. اتهام وأشار البريكي إلى أن من حق دور النشر البحث عن الربح، ولكن هذا لا يعطي الحق لأحد باتهام الشعر بفقدان جمهوره وبريقه، وتساءل: أين دور النشر الخاصة من دواوين الشعر التي تصدر - مثلاً- عن دائرة الثقافة والإعلام في الشارقة، ومركز الشيخ حمدان بن محمد لإحياء التراث، وأكاديمية الشعر في أبوظبي، وبعض المؤسسات الأخرى وكم هي عدد هذه الدواوين؟ وأردف: أعتقد أن هناك جانباً ينصف الشعر، إذ ربما تطلق بعض هذه الادعاءات من أجل استفزاز الشعراء لتحفيزهم على طباعة كتبهم. وأكد البريكي أن مكانة الشعر محفوظة، وديوانه لم يغلق، وقال: العرب تقول عن نفسها لن يترك العرب الشعر حتى تترك الإبل الحنين، لكني أقول إن على الشاعر أيضاً دوراً كبيراً في الاعتناء بنصه، وأن يحشد فيه طاقات كثيرة وثقافات متنوعة، من أجل أن يظهر بصورة مشرقة، ويعيد للذائقة وهجها وحضورها الجميل. وأنهى البريكي حديثه بالقول: لو عدنا إلى أساس الشعر لوجدناه مسموعاً أكثر منه مقروءاً، ولذا كان العرب يقولون أنشدنا شعراً، وما يقوم به الشعراء اليوم من طرق يحاولون من خلالها الوصول للجمهور ليس حيلة، إنما تعايش وتقارب، وهم يسيرون في الاتجاه الصحيح. إبداع حقيقي توجهنا إلى الشاعر أحمد العسم بأسئلتنا، وأولها كان عن سبب تهرب دور النشر من الشعر والشعراء، فقال: قبل الإجابة، لا بد من تقسيم دور النشر إلى قسمين: الأولى تابعة لمؤسسات وهيئات حكومية، والثانية خاصة، أما التابعة لمؤسسات حكومية، فترحب بالإبداع في الأجناس الأدبية كافة، فيما تنظر دور النشر الخاصة إلى الكتاب الذي يباع أكثر وإلى الجنس الأدبي الذي يجذب الجمهور، فالقصة والرواية - الآن- جنسان أدبيان مرغوبان أكثر من الشعر، لكن هذا لا يعني أن هذه الدور لا تنشر الشعر، وإنما قللت من نشر هذا الجنس الأدبي. أحمد العسم: لم يفقد جمهوره ومشكلته تكمن في المتلقي ولفت العسم إلى أنه رغم كل شيء، يبقى الإبداع الحقيقي في أي جنس أدبي هو السيد، سواء نشرته هذه الدور أم لم تنشره، مشيراً إلى أن الشعر لم يفقد جمهوره، فهو ما زال متألقاً، والدليل على ذلك المشهد الثقافي في الإمارات وأي قطر من الأقطار العربية، وتساءل: أليس شاعر المليون والمسابقات الشعرية خير دليل على ذلك؟ فالنشيد الوطني الذي نردده هو شعر الشعر، والزهرة التي لن تذبل في حياتنا. وذكر أن هناك دور نشر تسعى وراء الربح، وفي المقابل، هناك دور أخرى تنجز وتطبع، إلاّ أنها تحمل على عاتقها أعباءً كثيرة، ما يجعلها تتطلع إلى الربح ولو كان ضئيلاً، من أجل الاستمرار والبقاء والعطاء، وقال: لا بد من دعم دور النشر الجيدة، حتى يرى الكتاب الجيد النور، لأن ذلك ينعكس إيجاباً على الحياة الثقافية والحراك الثقافي أيضاً. ورفض أن يكون الشعر قد فقد مكانته، وقال: مشكلة الشعر تتعلق بالمتلقي، وهذه الإشكالية موجودة منذ قديم الزمان، فالمتلقي يريد شعراً خطابياً مفهوماً، والشاعر يكتب كما يريد وقد لا يكون خطابياً. وأشار إلى أن كل ذلك موجود لدينا، لكن البحث عن الوسائل التي تجسر العلاقة بين الشاعر والمتلقي ضرورة، وهذه العلاقة مرهونة بأمور كثيرة، لكن المهم أن يظل الشاعر مُصِراً على الأصالة والمعاصرة، وأن يعمل المتلقي على الارتقاء إلى مستوى هذين العنصرين. ولفت العسم إلى أن هناك وسائل متعددة للوصول إلى الجمهور، والشاعر يمتلك حريته بهذا المجال، وقال: بالنسبة لي، فليس لدي مشكلة في نشر قصيدتي، لأنني أقرأها باستمرار للحياة وللأصدقاء ولعائلتي، كما ليست لدي مشكلة في نشر نصوصي لأني أؤمن أن هناك من يستمع إلي، وأؤمن بأن رسالتي ستصل للمتلقي، لذلك لا ألجأ إلى أي حيل للوصول إلى الجمهور. معايير جاذبة ينحاز الشاعر علي الخوار دائماً للإبداع حيث يكون، فالشعر لم ولن يفقد بريقه، ولكن مأساة كتب الشعر تكمن إما في شاعر لا يمتلك أدواته، أو في سوء اختيار دور النشر للديوان أو صاحبه، هذا ما أكده الخوار الذي رأى أن من حق الناشر أن يأخذ الجانب التجاري بعين الاعتبار، ولكن بشرط ألا يكون ذلك على حساب الثقافة والإبداع، وقال: لو أصبح الربح هو الهدف الرئيس لدور النشر، فالأولى أن تغلق أبوابها. علي الخوار: المبدِع ينصت له الجمهور وتتهافت عليه دور النشر ورفض الخوار أن تكون دور النشر المحلية تجارية، مشيراً إلى أنه حين أعلن عن تقديمه لديوان جديد، تواصلت معه 4 دور نشر معبرة عن رغبتها في طباعة ديوانه، ولافتاً إلى أن ثقة الناشر بالشاعر تجعله مسانداً له ولإبداعه. ونصح الخوار الشعراء بألا يتجهوا للنشر بمجرد كتابة بعض القصائد، بل يجب أن يفكروا بذلك بعد تقديم أنفسهم وإبداعاتهم بشكل صحيح للجمهور من خلال البرامج والنوافذ الإعلامية ومواقع التواصل، وبعد تكوين قاعدة جماهيرية، تجعل إصداراتهم منتجاً ينتظره الجمهور بلهفة، وقال: دور الشاعر يتمثل في توصيل نفسه وإبداعه للمتلقي، وبعدها يأتي دور الناشر، فدور الشاعر لا يقتصر على الكتابة فقط، بل عليه الاشتغال على نفسه، ليصل إلى قلوب الناس، ولو كان مبدعاً سينصت الجمهور إليه، وسيتهافت على اقتناء دواوينه، لتتهافت- بالتالي- دور النشر عليه. إعادة تدوير وذكر الخوار أن الشعر المسموع يمتاز بقدرته على الوصول للجمهور بشكل أفضل من المكتوب، ولكن هذه الطريقة لا يتقنها الجميع، إذ يجب أن تتوفر لدى الشاعر الراغب بتقديم قصائد مسموعة، ملكة الإلقاء، ويكون صاحب حضور في الأمسيات وعلى المسرح، وألا تكون أشعاره مجرد إعادة تدوير لقصائد شعراء آخرين. وتحدث الخوار عن معايير القصيدة الجاذبة فقال: الفكرة الجديدة المبتكرة، وبعدها الصياغة، ومصافحة قلوب الناس من خلال أسلوب شعري متميز، وتجنب التكرار. وذكر الخوار أن هناك بيتاً شعرياً واحداً يساوي قصيدة بأكملها، لافتاً إلى أن الجمهور قادر على تمييز الشعر القوي من غيره. ونصح دور النشر بضرورة الاطلاع على الساحة والتركيز على الأسماء الموجودة عليها، ما يساعدها في الاختيار الصحيح ويحقق لها المردود الربحي في نفس الوقت. بضاعة كاسدة لو تعاملنا مع الكتب كسوق، فالشعر بضاعة كاسدة لا مشتري لها، هذا ما أكدته الشاعرة والأديبة صالحة غابش، مديرة دار صديقات للنشر، لافتة إلى أن السبب وراء ذلك تجارياً بحتاً، وقالت: اتجاه القارئ للرواية والقصة، جعل الناشر يهتم بهما، لتصبح كتب الشعر وكأنها بضاعة مكدسة في المخازن. صالحة غابش: لو تعاملنا مع الكتب كسوق فالشعر بضاعة كاسدة ومن خلال تجربة شخصية مرت بها، قالت غابش: تواصلت مع أحد الناشرين بخصوص ديوان شعري أردت نشره، لكنه لم يتحمس له، وبادرني بالسؤال فوراً: هل عملتِ على رواية أخرى بعد روايتك السابقة رائحة الزنجبيل؟ فأجبته بأنني في طور إنجاز رواية جديدة، ليتواصل معي بعد ذلك ويسألني عنها متجاهلاً ديوان الشعر. وكشاعرة، اعترفت غابش أن للشاعر دوراً كبيراً في إبعاد القارئ عنه، مشيرة إلى أن الإغراق في كتابة قصيدة النثر، والقصيدة الملأى بالرموز والغموض، والإغراق في الكتابات الفلسفية القريبة من المصطلحات العلمية بحجة الارتقاء بالشعر، يصرف الناس عن قراءته، فمتلقي الشعر لا يزال يحب الكلمة البسيطة والسهلة والقريبة إلى القلب، فالقصائد التي تصل مباشرة إلى الوجدان تعلق بالأذهان، ويتأثر بها الإنسان ويهوى سماعها مرات ومرات، أما الأشعار الرمزية الغامضة، تعتبر منفرة للمتلقي. وعما إذا كانت دور النشر المحلية تجارية، قالت: لا بد من الربح لضمان الاستمرارية، فالناشر يعمل ويجتهد ويتحمل تكاليف كثيرة من طباعة وإخراج ونشر وغيرها، ولا بد أن يوازي تلك الجهود أرباح تدفع العجلة للاستمرار، ولكن بشكل لا يهيمن فيه الربح على الأهداف السامية الأخرى، ومن خلال زياراتي لمعارض الكتب، ساءني ارتفاع أسعار بعض الكتب على الرغم من خلو محتواها من مضمون غني، ما يطرح تساؤلات كثيرة، ويؤكد أن الجانب التجاري فرض نفسه لدى الكثيرين. إصدار موسوعة شعراء الإمارات أصدر بلال البدور سفير الدولة لدى المملكة الأردنية الهاشمية، موسوعة شعراء الإمارات، وهي عمل توثيقي مكون من عدة أجزاء، صدر الكتاب الأول منه في 2014، واعتمد فيه على الأبجدية في ترتيب الشعراء من مختلف المراحل والمدارس الشعرية، ممن تركوا بصماتهم في أعمال توثق لمشهد ثقافي وحركة شعرية إماراتية متميزة، وحرص على سرد السيرة الذاتية لكل شاعر. 1000 انطلقت مبادرة بيت الشعر من الشارقة، ووصلت إلى عدة مدن منها مدينة المفرق الأردنية، والأقصر المصرية، ونواكشوط بموريتانيا، والقيروان في تونس، وتطوان في المغرب. وجاء الإعلان عن تأسيس وتدشين بيوت الشعر خلال مهرجان الشارقة للشعر العربي في دورته الـ13، بناء على دعوة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، بإنشاء 1000 بيت شعر في الدول العربية، حيث تكون تلك البيوت في مدن وقرى عربية عدة. واستطاعت بيوت الشعر العربية أن تتحول خلال الفترة الأخيرة إلى منصات ثقافية تجمع التجارب الشعرية الفاعلة في البلدان العربية، الأمر الذي ساهم في خلق عنوان واضح لهذه التجارب، والتي لم تعد تعتمد على الجهود الفردية والعلاقات الشخصية. منافسه مسابقات الشعر .. أحداث سنوية يحظى الشعر في دولة الإمارات باهتمام كبير، ما جعل القنوات التلفزيونية تخصص برامج خاصة به، ومنها شاعر المليون المتخصص في مسابقة الشعر النبطي، وحصد متابعة جماهيرية واسعة في العالم العربي في نسخته الأولى، وأثمر عن شعراء أضافوا للمشهد الثقافي الإبداعي الكثير، وبرنامج أمير الشعراء المتخصص في مسابقة الشعر العربي، وهو حدث سنوي كبير يتم في آخر حلقة منه تتويج شاعر بلقب أمير الشعراء، وساهم البرنامج في إثراء الساحة بأسماء جديدة، ساهمت في إحداث حراك شعري فاعل. برنامج البيت .. احتفاء بالشعر النبطي برنامج يعنى بالشعر النبطي وترسيخ معانيه كصنف أدبي فريد، إضافة إلى جذب المواهب الشعرية الشبابية في منطقة الخليج العربي ومختلف الدول العربية بشكل عصري يلائم أسلوب حياتهم، وهو من إنتاج مركز حمدان بن محمد لإحياء التراث، ويعرض على قناة سما دبي. وتتمثل أهداف البيت في إحياء الإرث الأدبي والشعري بإسلوب مبتكر يتماشى مع حداثة وتطور العصر، الأمر الذي ساهم في تحويل البيت إلى برنامج سنوي يحتفى بالموروث التراثي العريق، يتيح الفرصة للمشاركين والشعراء لإبراز مواهبهم وإبداعاتهم في الشعر النبطي، ويمهد لهم الطريق ليكونوا نجوم المستقبل. تعزيز بيت الشعر في دبي .. نافذة إبداع يهدف بيت الشعر الذي يقع في منطقة الشندغة التراثية بدبي إلى تعزيز مكانة الثقافة والشعر وترسيخها في وجدان المجتمعات العربية كموروث ثقافي يسهم في مسيرة التنمية والتطور، ويتمثل دوره في تنظيم الأحداث والفعاليات الثقافية والفنية والأدبية، ونشر الدراسات الشعرية، ودعم الشعر العربي والشعبي وترويجه وتواصله عالمياً. ويضم بيت الشعر، الذي يطل على خور دبي، مكتبة شاملة من الدواوين والمجموعات الشعرية والنقد والتراجم، واستوديو حديثاً ومكتبة سمعية وصوتية مع تجهيزات للتسجيل والنسخ. كما يستضيف أمسيات شعرية ومعارض أدبية وفعاليات ثقافية متنوعة. تظاهرة الشارقة حاضنة لمهرجانات الشعر يعد مهرجان الشارقة للشعر الشعبي تظاهرة سنوية تحتفي بالشعر الشعبي، ويعمل على اكتشاف ما في الشعر الشعبي من معانٍ ودلالات، وتوثيق المشهد الشعري الإماراتي والخليجي والعربي بما يتضمنه من ملامح وسمات، ويحتضن نخبة من أهم الشعراء ويعرض نتاجاتهم. أما مهرجان الشارقة للشعر العربي، فهو فعالية حافلة بالأنشطة، تستضيف رواد الشعر العربي محلياً وعربياً، وتسلط الضوء على الشعر كديوان للعرب، ودوره يتمثل في دور الشعر ومبدعيه في حماية اللغة العربية وتدوين وتسجيل وتوثيق ما نعيشه في بلداننا.