لندن: «الشرق الأوسط» في عام 1997، نظم تركي جاد الله مصمم الأزياء السعودي الشاب أول عرض أزياء خاص به بقاعة «ليلتي» بجدة، وشهد نجاحا ساحقا، وكان القاعدة الراسخة التي انطلق منها إلى عالم تصميم الأزياء واثقا من أن المستقبل يحمل له النجومية. ولم يكن مفاجئا اختيار «لكزس» لتركي في قائمة عرض أزياء خاص عام 1998، وأول من أمس كان متألقا كعادته في العاصمة لندن، وهو يقدم مجموعة ربيع وصيف 2014، في صالة عرض بفندق «بارك لين» بعد مشاركته في أسبوع الموضة 2013، وقال، أمس، لـ«الشرق الأوسط»: «كنت أتمنى وجود والدي الشيخ فيصل جاد الله الذي وافته المنية قبل عامين، ليشهد نجاحاتي عاما بعد آخر، على الرغم من أنه كان في البداية (رحمة الله عليه) يعارض دخولي مجال الأزياء والموضة، وهي مهنة عشقتها وأنا صغير، من خلال والدتي التي أجادت مهنة الخياطة وتصميم الأزياء في العاصمة لندن. ويقول تركي جاد الله: «في الحقيقة لطالما كنت شغوفا بعالم الأزياء، فمنذ طفولتي وأنا معتاد اختيار الملابس لوالدتي، ومع مرور الوقت وبعد تخرجي في المرحلة الثانوية، قررت أن أكرس إجازتي الصيفية للبحث عن بداية الطريق إلى عالم الموضة والأزياء. وكان من الطبيعي أن ألتحق بمدرسة (ايزمود) لتصميم الأزياء في بيروت عام 2005، التي تخرجت فيها في عام 2008 بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف». ومن ثم بدأت حياتي العملية الحقيقية، فلقد اكتسبت خبرة واسعة حينما عملت مع المصممين اللبنانيين العالميين جورج شقرا وربيع كيروز، ثم جرى اختياري من قبل مؤسسة «Starch»، التي أسسها كل من ربيع كيروز وتالا حجار، والتي تقوم على تشجيع ودعم المصممين الموهوبين الصاعدين، وقمت بعرض أول مجموعتين لي. هناك كثير من الأسماء العربية لمعت في كل الصناعات والمجالات على مستوى العالم، لكن يبدو أن صناعة الأزياء تحظى بهامش كبير من إبداع العرب سواء في بلدانهم أو في أرجاء العالم، ومصمم الأزياء السعودي تركي جاد الله أهدى وطنه، أول من أمس، وأمام عشرات المصورين الصحافيين، اسما جديدا بزغ في عالم تصميم الأزياء، وكان من بين الأسرع ظهورا في المنطقة، والأكثر تنافسية بين علامات الأزياء التجارية عالميا. وللمرة الأولى، قدم تركي جاد الله عرض أزياء خاص به في مدينة لندن، وهي المجموعة الأحدث والأرقى من تصاميم «HAUTE COUTURE». وقدم المصمم تركي أمس 14 فستانا، بينها فستان للعروس، وكان اللونان الغالبان الأصفر بدرجاته مع الأبيض، وباستخدام قماش الحرير المدمج مع النيلون، ولكن ما ميز عرض أول من أمس اللندني، بحسب المصمم تركي جاد الله، هو «البساطة مع فخامة الربيع». وعن فستان العروس، الذي قدمه تركي كان بلون «الموف» مع درجاته، وشهد العرض أمس إقبالا من الحضور وتجاوبا مع الـ14 قطعة التي عرضها المصمم السعودي. وقال لـ«الشرق الأوسط» إنه يعمل اليوم على إنتاج خط جديد يعرف باسم «غولد ليبل» وهو في الأساس فساتين للسهرة. وفي عام 1998، ومع تصاعد نجم تركي جاد الله في صناعة الأزياء، حظي بفرصة المشاركة في أول مهرجان للتسوق يقام بمدينة دبي، كأول مصمم سعودي تجري دعوته ليكون أحد الفاعلين في تأسيس هذا المهرجان العالمي، الذي يحظى بمكانة مرموقة على مستوى المنطقة. وعندما شعر بأن الوقت مواتٍ لتوسيع معرفته بصناعة تصميم الأزياء التي تتسم بالتغير والتطور المستمرين، عاد لدراسة الأزياء في أكاديمية فلوريدا العالمية بمدينة ميامي الأميركية. وإثر تخرجه في الأكاديمية عام 2001، سارعت شركة «برايدال جلوري»، بيت الأزياء التابع لشركة «House of couture» المتخصصة في فساتين الزفاف، إلى الاستفادة من معرفته وموهبته وحسه الفني. بعد ذلك، استفاد تركي من ظهوره في برنامج «بروجكت فاشن» التلفزيوني اللبناني، الذي عرض على تلفزيون «المستقبل» عام 2006، والذي ضم عددا من مصممي الأزياء من منطقة الشرق الأوسط، وأدت الجهود الكبيرة التي بذلها تركي إلى ابتكار جيليه وتنورة نسائية تميزتا بقصاتهما المبتكرة التي ساهمت إلى حد بعيد في إضفاء أناقة استثنائية إلى الأزياء النسائية. وبعيدا عن الإعلام، حصد تركي جاد الله جائزة أفضل مصمم للفساتين الجاهزة، منح بعدها فرصة إنتاج حصري لدار أزياء «أيزون» ببيروت، لتكتب عنه مجلة «آيشت».. «الفائز تركي جاد الله من السعودية ابتكر تنورة فريدة وقميصا مرحا من البنفسجي والأخضر». كما أعربت لجنة التحكيم الدولية التي تألفت من مجموعة من رواد صناعة الأزياء عن إعجابها بدقته وعنايته بالتفاصيل وبأسلوب الابتكار. لكن قلب تركي متعلق بمنطقة الخليج. ونتيجة حنينه للوطن، عاد إلى المملكة العربية السعودية، حيث سرعان ما كسبت ابتكاراته المعجبين. في عام 2011، قرر تركي الارتقاء بحلمه إلى مستوى جديد، وإطلاق علامة تجارية تميز إبداعاته، ويترك من خلالها آثاره في صناعة الأزياء محليا وعالميا للأجيال الحالية والمقبلة، ومن أجل تحقيق هذا العالم تحالف تركي مع بيت الأزياء «OtKutyr» بالسعودية بهدف ابتكار خطوط أزياء موسمية بأيدٍ سعودية ذات طابع متفرد، ليستكمل بذلك مشواره العالمي في تصميم الأزياء الذي سيظل تركي يثريه بشغفه ويروي ظمأه للإبداع. وعن خطوط الموضة التي يستوحيها قال: «في الحقيقة أي شيء قد يكون ملهما، بدءا من الموسيقى التي أسمعها وأنا أقود سيارتي، مرورا بالتفاعل مع الناس والاسترخاء على الشاطئ وقراءة المجلات، وانتهاء بمتابعة عروض الأزياء للمصممين الآخرين. وهناك مصدر آخر للإلهام، وهو السفر، فزيارة بلدان أخرى، والتعرف على ثقافات مختلفة، وزيارة الصالونات وعروض الأزياء، كلها أمور تزيد من إبداعي ومخيلتي». وعن نفسه يقول تركي جاد الله: «أنا شاب عادي مولع بعمله، فمعظم وقتي لعملي ولكنني أيضا أحب الاختلاط بالناس والخروج مساء. في الحقيقة وقت العشاء هو وقت مهم جدا لي، كما أن الثقافة هي الأخرى لها دور أساسي في حياتي، فأنا عاشق للسفر والتجوال، خاصة من أجل حضور الصالونات المختلفة والمعارض والمتاحف وزيارة المدن الجديدة كل عام، فالسفر يساعدني في إثراء ثقافتي وإبداعي. العالم من حولي يبدو مصدرا غنيا للإلهام، فهو يمنحني إشارات ملهمة طوال اليوم، منذ اللحظة التي أستيقظ فيها حتى الخلود إلى النوم، وقد يصل الأمر إلى أحلامي». وعن أغلى فستان باعه ضمن تصميماته يقول لـ«الشرق الأوسط»: «كان فستان خطوبة سعره 35 ألف دولار، إلا أنه في الوقت ذاته يشير إلى أنه كثيرا ما يقدم تصميمات مجانية لوالدته وشقيقاته وأفراد من العائلة».