×
محافظة المنطقة الشرقية

«طيبة النسائية» تختتم فعالياتها لشهر شوال

صورة الخبر

أنا الابن الثاني للعائلة، ولدت يوم الأربعاء الموافق 05-10-1955 فى قرية صويلح، تنقلت في المراحل الدراسية بين عدة مدارس بداية من صويلح الابتدائية الى جبل الحسين مدرسة كلية الحسين. في العام 1977حصلت على دبلوم دبلوم فى هندسة الطيران ورخصه طيار تجاري من Santa Ana Aviation College ، وفي العام 1980 التحقت بالعمل في شركة الملكية الأردنية، مهندس طيار و تدرجت برتب حتى أصبحت برتبه قائد طائره، وتشرفت بحضور المغفور له جلاله الملك الحسين مراسم ترفيعي الى قائد طائرة عام 1993، وقام رحمه الله بتقليدي إشارة كابتن (قائد طائره). أعود للمدرسة الابتدائية وأتذكر اول يوم دراسي، مر اليوم الأول بسلام وذهبت إلى بيتنا وأنا مغبر بعد ساعتين من اللعب بكرة القدم، وكنت أفكر بعدم الذهاب للمدرسة مرة أخرى ومحاولة إيجاد سبب مقنع لذلك، وقلت لنفسي قطعا عندما تراني أمي بهذه الهيئة سيرق قلبها وتعفيني من هذا العبء الثقيل( المدرسة )، ولكن ما إن دخلت حتى استبشرت بقدومي خيراً، لان ابنها أصبح يذهب الى المدرسة لوحده، وصار لزاماً علي أن أذهب للمدرسة كل يوم. لم أكن متفوقاً في المدرسة, ولم أكن من الأوائل وهذا شي طبيعي لعدم رغبتي في الدراسة أصلا، لم تكن هناك كتب تكفي جميع الطلاب، كنا حوالي خمسه وثلاثون طالب في الصف، كنت اول من استلم كتاب العربي والدين من بين عشرون طالبا فقط، كانت كتب قديمه ومهترئه وعمرها الافتراضي قد انقضى، بعد نهاية الدوام المدرسي وخلال طريق العودة عقدت اتفاقيه مع زميل لي وبعته الكتابان كل كتاب بقرشين واشتريت سندويش فلافل وزجاجه بيبسي باردة، بقيت حتى نهاية السنة بدون كتاب وكلما سألني والدي اقول له لم تصرف لنا الوزارة كتب ولهذا لا يوجد عندي أي وظائف بيتيه. حاولت أن أجمّل صورة المدرسة في فكري ولكنني لم أفلح، من كان يقوم بتدريسي هم مدرسيين لو صنفناهم الآن بالمقاييس الحديثة، لوجدنا نصفهم لا يستحق مجرد الانتماء لا للتربية ولا للتعليم، كان استاذ اللغة العربية والتربية الدينية يتجولون والعصا لا تفارق أياديهم، كل فهمهم عن التربية والتعليم هو الضرب، وهؤلاء دخلوا سلك التربية والتعليم بالصدفة المحضة، بعد أن أحرزوا مجاميع لا تؤهلهم لدخول الجامعة، فابتلانا الله بهم، ونصفهم الآخر جدير بالاحترام والتقدير، ومازلت أحمل لهم كل مودة وتقدير، أولئك رجال التربية والتعليم حقاً، إذ تعلمت منهم القدرة على البحث المستمر والاستكشاف والثقة بالنفس قبل أن أتعلم الدروس والواجبات. إنّ الفكرة التي أريد إيصالها من خلال هذه المذكرات تكمن بأن الثقة بالنفس والبحث المستمر والفضول والمثابرة وعدم الاستسلام، هي مقومات ستصل بك في النهاية الى ما تصبو إليه، وأقول لأولئك الأساتذة الرجال الذين غرسوا في داخلي حب الاستكشاف و الثقة بالنفس، وهم من تعلمت منهم، ويحق لي أن نقول فيهم: من علمني حرفا صرت له عبداً. كان أكثر العقاب بالضرب بالعصا الذي تلقيته كان بسبب القواعد العربية والإعراب وحفظ القصائد والآيات القرآنية وتلك قضيتي مع اللغة العربية والتربية الدينية، التي لم أجد لها حلا حتى بدأت الحياة العملية والعمل في مجال الطيران، بقيت أرسب في هذه المواد طيلة مراحل الدراسة من الابتدائي إلى الثانوي, ولأن الدخول للجامعة لا يتم إلا بالنجاح في كل المواد، كان لزاماً علي أن أنجح، وقد فعلت بصعوبة شديدة جداً و بقدرة قادر. لم يكن لدي الصبر ولا الرغبة الكافية لفهم واستيعاب مادة اللغة العربي والتربية الإسلامية، وكنت أرسب بهما باستمرار، كانت تعجبني حصتا الرياضيات والعلوم، وهما السبب الوحيد الذي جعلني أصبر على قسوة الدراسة وخشونة بعض المدرسين، أعيد واكرر أنه لم تكن لدي رغبة في المدرسة، ولكن والدي ووالدتي أجبراني على الذهاب إليها، لإيمانهما بأني سأصبح ذا قيمة في المستقبل. أكملت المرحلة الابتدائية بخيرها وشرها, وخطوت خطواتي الأولى للمرحلة الاعداديه وهي مرحلة تعتبر نقلة في حياتي، وهو أننا سندرس اللغة الإنجليزية للمرة الأولى، كانت المرحلة الإعدادية ثلاثة سنوات في السلم التعليمي والمرحلة الابتدائية ستة سنوات، ثم المرحلة الثانوية ثلاثة سنوات، أن تكون بالمرحلة الاعداديه والثانوية ينظر لك على أساس انك كبرت ويعطونك اهتماما أكبر لقدرتك على تحمل المسئولية، وتصبح من الذين يقودون الآخرين ويعتمدون على أنفسهم ويستطيعون اتخاذ القرارات. تغير الحال تدريجيا و لم اعد اكره المدرسة التي دخلتها مجبراً، ربما لأنني تعودت عليها، وربما لأنني لمست فيها فائدة ما، لان الإنسان بطبعه يميل للتغيير والتجديد، المرحلة الابتدائية كانت طويلة ومملة، ودخلت المرحلة الاعداديه –المتوسطة - حاملا معي آمال عظيمة عن عالم جديد، واستمتعت بالسنة الأولى، لما حملته من جديد في عالم الدراسة. أكملت الصف الثاني و الثالث في المرحلة الإعدادية، أكملت استعداداتي لامتحانات الشهادة الاعداديه، امتحنت ونجحت وخاصة في مادة اللغة العربية حيث كانت علامتي 50 وفي التربية الإسلامية 51، كان الانتهاء من الإعدادية يعتبر بداية جديدة بالنسبة لي وأمنية أراها تتحقق وهي بداية المرحلة الثانوية، ومما حببني في المدرسة الثانوية هو أنه لا يوجد بها ضرب بالعصي كما كان موجودا في المرحلة الإعدادية وخاصة المرحلة الابتدائية، اللهم إلا قرع الجرس. في الصف ألاول ثانوي كنت في أوج نشاطي السياسي وأصبحت قوي الشخصيّة وكنت بين زملائي مثالاً للشهامة والرجولة، إبان فترة السبعينات كنت استمع الى خطب سيدنا المرحوم الملك حسين و المرحوم جمال عبد الناصر وأنور السادات وطبعا كانت الكلمات تحوي الكثير من المفردات النادرة وكنا نتداولها وهي كلمات كبيرة وكنت أحب التلفظ بهذه الكلمات، حتى دون أن أفهم معناها، فهي كانت تعطيني إحساسا انني إنسان مثقف، كانت المرحلة الثانوية مختلفة بكل المقاييس، فقد اعتبرتها فترة نضوج عقلي وفكري كبير بالنسبة لي لأنها فتحت أمامي آفاقا عريضة بطريقه تفكيري. كانت نظرتنا لاخواتنا بنات الجيران و الشارع والحي عموما نظرة الأخ لأخته لا أكثر، كنا أكثر نخوة وشهامة من جيل اليوم، كنا نعرف بنات الحي معرفة تامة، إلى أن كبرنا وكبرت أحلامنا، وظهرت عليهن بعض العلامات وكذلك علينا علامات أخرى، وتفرقت بنا السبل، وتوقفنا عن اللعب، وكنت أود ان أكون بطلا أمام بنات حارتنا، لأستحوذ على نظرات إعجاب واستحسان ناهيك عن ابتسامة عذبة أو كلمة إطراء ترفع من معنوياتي، كانت تعجبني الكلمات الإنجليزية وكنت اعوج فمي بلا داعي لأنطق بالكلمة و بالطبع لا يفوتني أن أقول ما تعلمت في البيت والشارع، لأستحوذ على إعجاب وانتباه من يسمعني، بعد أن كبرت وذادت حصيلتي من التعليم صرت أضحك على نفسي كلما تذكرت ذلك الشيء، لكنه الماضي وأقوله لكم بكل صدق. نهاية الجزء الخامس..... يتبع