«سُلَّمُ نخلة» قُدِّمَ عربون محبة. سُلّم مبتكر يلتف بحنان حول ساق النخلة بشكل لولبي، من كعبها حتى مستوى الثمر، ليعبر به مصممه عن حبه الكبير لوالدته التي أراد لها أن تمارس هوياتها في جني التمور بأمان وسهولة. حدث ذلك في مدينة «بريدة» السعودية. كم مرة فجر حب كبير ينابيع الإبداع! لقد أشعلت صورة السلَّم الغريبة مواقع التواصل الاجتماعي، وانتشرت بين المتداولين فيها بشكل واسع، وأشاد الجميع بالفكرة وبحرص صاحبها على البر بأمه وتلبية رغبتها. قد تكون الفكرة بسيطة، وقليلة التكلفة، لكن معناها كبير، فالحب يمنحنا أجنحة بقوة خارقة تطلق طاقتنا فنحلق في سماء الإبداع. من أعظم أجنحة الحب، التي أضاءت البشرية، أجنحة «إديسون»، مخترع المصباح الكهربائي، فقد اخترعه من أجل أمه أيضاً، عندما مرضت مرضاً شديداً، واستلزم الأمر إجراء عملية جراحية لها، إلا أن الطبيب لم يتمكن من إجرائها نظراً لعدم وجود الضوء الكافي، فاضطر للانتظار حتى الصباح كي يجري العملية لها. ومن تلك اللحظة تولد الإصرار عند «إديسون» على إنارة الليل بضوء مبهر، فانكب على التجارب حتى خاض 99 تجربة لم تحقق نتائج، لكنه لم ييأس، حتى نجح في المرة المائة، فكان هذا الضوء ليجعل الليل حياة إضافية. كل ذلك من أجل الحب! هناك العديد من قصص الحب، بجميع أشكاله، وراء أعظم الاختراعات والابتكارات، والإبداعات، الأدبية أو الفنية، كعشق شاعر الشباب «أحمد رامي» لصوت كوكب الشرق، الذي توهج لأكثر من نصف قرن، منذ عام 1924 عندما غنت أم كلثوم أول قصيدة لرامي، «الصب تفضحه عينه». ومن لحظتها استمرت أم كلثوم تغني قصائد رامي، فقد كتب لها نصف أغانيها التي أمتعت العالم برشاقة الحرف، وعذوبة الصوت، كـ«اِفرح يا قلبي»، «جددت حبك ليه»، «يا مسهرني»، «أخذت صوتك من روحي»، وغيرها من القصائد الشهيرة التي أمتعت النفوس قبل الأسماع، لحساسية الكلمة وعمقها وصدق المشاعر فيها، وكان حبه لها مصدر إلهامه، وقد أعطاه روح القداسة. وعندما سألوه عن حبه لها قال: «إنه يحب أم كلثوم كما يحب الهرم.. لم يلمسه، ولم يصعد إليه.. لكنه يشعر بعظمته وشموخه.. وبالفن العجيب الذي صنعه». الحب أوكسجين الإبداع، يجعل العالم أفضل وأجمل. إنه احتياج مهم للإنسان، وقد وضعه عالم النفس الأمريكي «أبراهام ماسلو» في المرتبة الثالثة من هرم الاحتياجات، بعد الحاجات الفسيولوجية، والحاجة إلى الأمان. إنه محرك الإنسان في هذا الكون، وباعثه للاستمرار في الحياة، وعندما يترجم عملياً، يكون من أسمى أنواع العطاء، لأنه مغلف بالأكسير الذي يحيي كل ما فينا، «فنحن نحيا على ما نحصل عليه؛ ونصنع الحياة بما نعطيه»، كما قال «وينستون تشرشل». ليتنا نستطيع أن نحجّم وحش أنانياتنا، ونقيد نرجسياتنا، التي تشوه كل جميل فينا، وتجعلنا صوراً باهتة فاقدة اللون والجمال، فالحب المطرز بالعطاء، من سمات الكرماء. * كاتبة كويتية Amal.rany@yahoo.com