يلجأ بعض الأفراد في حياتهم الخاصة للتكيف مع متطلباتهم المالية اليومية وشراء مستلزماتهم للاستدانة من بعض الجهات والمحلات، على أن يتم الإيفاء بحقوق الدائنين في أقرب فرصة يحصلون فيها على السيولة المطلوبة، وفي أحايين كثيرة يضطرون لجدولة هذه المديونيات في حال لم يتمكنوا من سداد كامل المبالغ. ولكن في كرة القدم السعودية وأنديتها، الأمر لا يختلف كثيراً، فإدارات الأندية تستخدم الحلول الفردية وأساليب البسطاء في التعامل مع متطلبات والتزامات مالية وعقود بمبالغ كبيرة، إذ تبرم العقود وتوقع مع اللاعبين المحليين والأجانب والأجهزة الفنية بمبالغ فلكية يُدفع جزء يسير منها عند التوقيع وتتم جدولة بقية المستحقات على الفترة الزمنية للموسم الرياضي. غير أن معظم تلك الإدارات تجد نفسها عاجزة عن إغلاق المطالبات المالية مع نهاية الموسم، ذلك أنها وقعت عقوداً تفوق قدرات النادي المالية ومداخيله السنوية أو أن هذه المداخيل ذهبت لالتزامات سابقة، وربما تكون صُرفت على بند مكافآت الفوز الفلكية التي أُجبر صانعو القرار على تقديمها بسبب سوء التعاقدات وعدم القدرة على إدارة الأمور كما ينبغي. يجد النادي نفسه في نهاية المطاف عاجزاً عن السداد فتبدأ خطابات الشكاوى تتراكم على طاولة الرئيس الذي ينطلق باحثاً عن تمويل شرفي، أو تقديم سلفة للنادي، أو الاقتراض من جهة تمويلية، وربما استدانة بعض السيارات مثلما فعل رئيس الشعلة قبل ثلاثة مواسم، وإن لم تنجح كل هذه المحاولات، وجد نفسه أمام أسهل الحلول بالنسبة إليه وهو تقديم الاستقالة وترك الجمل بما حمل. يعود النادي للمربع الأول في الموسم الجديد، تبدأ رحلة توقيع العقود الصفقات وتقديم الدفعات البسيطة رغم المنع من التسجيل، وينطلق المعسكر الخارجي الذي لا تقل تكلفته عن ٦٠٠ ألف ريال وبعد العودة من المعسكر يشرع المسيرون في التعامل مع شكاوى الموسم الماضي والتي تنتهي بتسويات أو تفاهمات مع استمرار تراكم المبالغ. هذا هو الواقع الذي تعيشه جل الأندية السعودية عند انتداب اللاعبين وإبراهيم العقود وهكذا تنظم هذه الكيانات أوضاعها المالية، على طريقة البسطاء الذين يستدينون من أصحاب الدكاكين بانتظار مرتباتهم الشهرية، ليستمر الواقع على ما هو عليه لأجل غير مسمى. الأمثلة على ذلك كثيرة، بل إن بيانات هيئة الرياضة ولجنة الاحتراف بشأن الإعلان عن الأندية الممنوعة من التسجيل ولجان التراخيص وغيرها التي تسعى لفرض معايير تقلل من تأثير هذه الفوضى على مستقبل الأندية لم تجدِ نفعاً في إيقاف هذا العبث والعشوائية في التعامل مع الملفات المالية. الأندية ماضية في السير على هذا النحو من والمديونيات تتراكم، على الرغم من أن هذا الأسلوب لم ينعكس بالإيجاب على نتائج الفرق والتقدم في سلم الترتيب الذي ينعكس بشكل مباشر على المداخيل المالية، ما يعني أن الفشل أصبح مزدوجاً كونه يشمل الجانبين المالي والفني. كل الأندية التي تجلب اللاعبين والمدربين على النوتة هي من تصدرت قوائم الفشل المالي التي أصدرتها هيئة الرياضة، وهي الأقل إنجازاً في نهاية الموسم، فمتى تتعلم من أخطائها ويتخلى مسيروها عن هذه الفوضى؟