قالت المعارضة في جنوب السودان إن إزاحة الرئيس سيلفا كير ميارديت لزعيمها رياك مشار من منصبه كنائب له، وتعيين تعبان دينق، يعد بمثابة انقلاب على اتفاقية السلام، وإعلان الحرب ضدها، وإعادة الأمور للمربع الأول، وهدَّدت بإزاحة سيلفا كير من السلطة وتخليص الجنوب من ديكتاتوريته. وقال مناوا بيتر جاتكوث، المتحدث باسم المعارضة، في تصريحات من مقر إقامته بالعاصمة الكينية نيروبي، مساء أول من أمس إن حركتهم تعيد حاليًا تنظيم صفوفها على المستويات السياسية والدبلوماسية والعسكرية لمجابهة قرار الإطاحة بمشار، ورأى أن قرار تعيين تعبان دينق قاي من قبل الحكومة خرق واضح لاتفاقية السلام، وتأكيد على تنصل سيلفا كير عن التزامه بتنفيذ اتفاق السلام مع المعارضة، فضلاً عن أنه «يقطع الطريق أمام مشروع الإصلاح المؤسسي الذي دعا له طرفا الاتفاق». وأكد جاتكوث أن تعيين تعبان لن يغير من حالة الانهيار الاقتصادي، وانعدام الأمن القومي وحكم القانون، ومحاسبة مرتكبي جرائم الحرب في جنوب السودان. وقال المتحدث جاتكوث إن «جميع خياراتهم باتت مفتوحة للرد على قرار سيلفا كير، بما فيها إزاحته من السلطة، وتخليص الجنوب من نظامه الديكتاتوري»، مشددا على أن «الهجمات التي تقوم بها القوات الحكومية ضد المعارضة في منطقة الاستوائية، وتركيزها على استهداف مشار لن تحقق أغراضها، وقد اختبرت قوات سيلفا كير ذلك، وتأكدت من مقدرة وجاهزية قواتنا على ردعها». ونفى جاتكوث ما تردد عن عودة مشار إلى منطقة فنجاك، وقال إنه لا يزال في الولاية الاستوائية في جنوب السودان. وبشأن مصير وزراء الحركة وقادتها الموجودين في جوبا الذين أوصوا بتعيين تعبان دينق، قال المتحدث الرسمي إنهم «لم يساهموا كلهم في تنصيب تعبان، ولبعضهم موقف واضح من المؤامرة بعد ممارسة الضغط عليهم وإرهابهم بواسطة الأجهزة الأمنية، ولكننا لاحقًا يمكننا التعامل مع هؤلاء بعد تقصي الحقائق»، لافتا النظر إلى أن المعروف لديهم هو أن السفير إيزكيل لول قاركوث هو الوحيد المشترك في الأمر مع تعبان دينق قاي منذ البداية. وكان مشار قد اختفى منذ الاشتباكات الدامية، التي اندلعت في الثامن من الشهر الحالي في جوبا بين الجيش الشعبي النظامي ومتمردين موالين لمشار، وخلفت المواجهات التي استخدمت فيها أسلحة ثقيلة مئات القتلى، علما بأن مشار تولى مجددا منصب النائب الأول لرئيس الدولة بعد عودته في أبريل (نيسان) الماضي بموجب اتفاق السلام. من جهة ثانية، قالت الأمم المتحدة إن مدينة جوبا، عاصمة جنوب السودان، شهدت ما لا يقل عن 120 حالة عنف جنسي واغتصاب بحق مدنيين منذ تفجر القتال هناك قبل ثلاثة أسابيع بين القوات الموالية للرئيس سلفا كير ومنافسه ريك مشار. وفي وقت سابق هذا الشهر احتدم القتال العنيف بين القوات الموالية لكير وتلك التي تدعم نائبه ريك مشار على مدى عدة أيام باستخدام الدبابات وطائرات الهليكوبتر. ولقي ما لا يقل عن 272 شخصا حتفهم، قبل أن يأمر الزعيمان المتنافسان بوقف إطلاق النار. وقال فرحان حق، المتحدث باسم الأمم المتحدة، إن بعثة حفظ السلام التابعة للمنظمة الدولية في جنوب السودان لا تزال تتلقى «تقارير تبعث عن الانزعاج الشديد للعنف الجنسي، منها حالات اغتصاب واغتصاب جماعي قام بها جنود بالزي العسكري، ورجال يرتدون ملابس مدنية بحق مدنيين، منهم أشخاص قصر بالقرب من مقر بعثة الأمم المتحدة وفي مناطق أخرى من جوبا». وأضاف حق أن قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة كثفت دورياتها، وتقوم أيضا بتوفير «الحماية في أوقات معينة للنساء عندما يخرجن من مواقع حماية المدنيين لجمع الحطب وجلب مواد أخرى». وتحمي الأمم المتحدة عشرات الآلاف من الأشخاص في مواقع في جوبا وأماكن أخرى في جنوب السودان. وأوضح حق أن الأمم المتحدة تدعو كل الأطراف إلى توقيع العقوبة الفورية على الجنود المسؤولين عن «أعمال العنف هذه التي لا توصف».