كان رولان كولين تلميذاً في المدرسة الوطنية لفرنسا وراء البحار التي كانت تقوم بتكوين الإداريين الكولونياليين لإفريقيا، بين عامي 1948 و1950 وقد اختار هذا المسلك بالمخالفة لمنطق المؤسسات العامة، حتى يسهم من الداخل في الحركة الكبرى للقضاء على الاستعمار، حيث يمكن التفكير بأن ذلك يدفع بالمقاومة السياسية التي كانت لا تزال في عنفوانها في ذلك الوقت، وفي تلك المدرسة كان سنجور هو أستاذه، وبتوجيه منه قرر كولين أن يتخذ بحثه حكايات سوداء من الغرب الإفريقي - وهو عنوان هذا الكتاب - موضوعاً لإتمام الدراسة، وأضاف له عنواناً فرعياً هو شهادات كبرى في الإنسانية. يقدم سنجور لهذه الدراسة موضحا أن رجلاً في هذه السن يقدم لنا رؤية في العمق للأدب الزنجي الإفريقي يندر تجاوزها، ويقول: لم يترك كولين شيئاً أساسياً دون أن يكشف النقاب عنه، فأبرز فضائل الزنوجة واحدة تلو الأخرى، من الظلمات الخضراء للغابة البكر، فبدأ بالانفعال الذي يولد الصور والإيقاعات، وبتعبير أدق لا يقوم الانفعال إلا بالتعبير في إطار الصورة عن الإيقاع والانطلاق والالتزام الذي يولد من امتلاك الواقع. يوضح سنجور أن عالم الحكاية هو عالم الحرية، وحتى تحت رداء حيوانات القصص الخرافية بوجه خاص يكون البشر في موقف أو في حالة فإذا كانوا يصطدمون في كثير من الأحيان بأخلاق الغرب، فذلك لأنهم بشر، ولأنهم أحرار، إن الحكاية الزنجية الإفريقية جدلية، ومثلما تقدم لنا الحياة بوجهيها: السلبية والتحدي الذي ينتصب في وجه تعسف الكبار مع حرية التحريض عليه وهو ما يقوم به الأرنب البري أحياناً أو العنكبوت في أغلب الأحيان وهناك أيضا البناء الإيجابي على صخرة المجتمع، والإذعان لنظام هذا المجتمع الزنجي الإفريقي الذي أشار إليه علماء الإثنولوجيا، وهو نفس نظام الحرية لأنه يقوم على الديمقراطية.