قال صندوق الدولي إن جودة القروض العقارية في الإمارات في تحسن ملحوظ، على الرغم من تراجع أسعار العقارات، وذلك في إشارة إلى أن الدولة أصبحت تتعامل مع انخفاض الأسعار بشكل أفضل مما كان عليه الأمر قبل سبع سنوات. وأوضح صندوق النقد في تقرير حديث له أمس أن متوسط أسعار العقارات السكنية في دبي انخفض بنسبة 11% في العام 2015، مقارنةً مع تراجع بنسبة 0.8% في أبوظبي. وتراجعت القروض المتعثرة في قطاع الإنشاءات والتطوير العقاري بنسبة 7.5% في نهاية مارس/آذار 2016، انخفاضاً من 12.3% في العام 2013. أضاف صندوق النقد أن جودة القروض السكنية شهدت هي الأخرى تحسناً ملحوظاً، إذ تراجعت نسبة القروض المتعثرة في القطاع إلى 4.9% من 10% خلال الفترة ذاتها. ونتيجة لذلك، فإن تراجع أسعار العقارات لا يشكل مخاطر على القطاع المالي، حسبما أشار الصندوق. وأشار صندوق النقد الدولي إلى أن الخطوات التي اتخذتها الإمارات خلال العام 2014، مثل تنظيم عمليات البيع والشراء في قطاع العقارات، ورفع رسوم المعاملات العقارية، وتحديد سقف لقروض الرهن العقاري، ساهمت في الحد من عمليات المضاربة وتخفيض حجم القروض المعدومة. ويبدو أن قوة النظام المصرفي ساعدت الإمارات على مواجهة تحديات التباطؤ الاقتصادي الذي ساد جميع أنحاء المنطقة بسبب انخفاض أسعار النفط. وتوقع صندوق النقد الدولي أن يبقى نمو الناتج المحلي الإجمالي لإمارة أبوظبي قوياً عند 1.7% هذا العام. أما في دبي، فقد توقع الصندوق أن يتسارع النمو ليصل إلى 3.7%. من جهة أخرى، قال صندوق النقد إن الكيانات والمؤسسات التابعة للحكومة واصلت بنشاط عمليات إدارة ديونها، حيث إن العديد منها بدأت بتسديد الديون المترتبة عليها وذلك قبل مواعيد استحقاقها، في حين أن بعضها الآخر تمكن من تمديد موعد الاستحقاق. النشاط الاقتصادي ومن المتوقع أن يبقى النشاط الإقتصادي في الإمارات معتدلاً خلال العام العام 2016، وذلك قبل أن يتحسن على المدى المتوسط. ومن المتوقع نمو القطاعات غير النفطية في الدولة على المدى المتوسط بنحو 4%، مع ازدهار الوضع المالي العام نتيجة عدة عوامل منها تحسن أسعار النفط وآثاره الإيجابية المتمثلة في رفع مشاعر الثقة تجاه الاقتصاد العالمي والأوضاع المالية، إضافة إلى زيادة نشاط قطاع الاستمارات الخاصة في ضوء تحضيرات إمارة دبي لاستضافة معرض إكسبو العالمي 2020، وزيادة الطلب من إيران بعد رفع العقوبات الدولية عنها، إلا أن توقعات النمو بالنسبة لقطاع النفط والغاز الطبيعي من المرجح أن تبقى محدوة، نظراً لوفرة الإمدادات العالمية. التنوع الاقتصادي قال صندوق النقد الدولي إن دولة الإمارات تمكنت من تنويع اقتصادها المحلي بعيداً عن أنشطة النفط والغاز الطبيعي، حيث تمثل صادرات النفط 30% فقط من إجمالي صادرات السلع خلال الفترة ما بين العامين 2013 و2015. ومع ذلك، أدى انخفاض أسعار النفط إلى تراجع عوائد صادراته، وانخفاض الحساب الجاري من 10% من الناتج المحلي الإجمالي في العام 2014 إلى 3.3% في العام 2015، في حين بقيت الصادرات غير النفطية مرنة. ومن المتوقع أن يساهم النمو المعتدل في أسعار النفط على المدى المتوسط في المحافظة على فائض الحساب الجاري. العجز التراكمي وتوقع صندوق النقد أن يظل عجز التمويل عاملاً مشجعاً لنمو القطاعات الخاصة. ومن المتوقع أن يبلغ العجز التراكمي 18.4 مليار دولار خلال الأعوام 2016 إلى 2021، وهو ما يعتبر رقماً صغيراً جداً مقارنةً بالمصدات المالية التي تمتلكها الإمارات. وفي سبيل تفادي مزاحمة القطاع الخاص، فإن السلطات اتفقت على أنه يجب الاستفادة من صناديق الثروة السيادية في معالجة العجز، أو اللجوء إلى الأسواق المالية العالمية، وذلك عوضاً عن سحب أو استنفاد الودائع المالية الحكومية. ويعتبر إصدار أبوظبي لسندات مقومة باليورو بقيمة 5 مليارات دولار أمراً إيجابياً، ويجب أن تتواصل هذه العمليات المتعلقة بإصدار سندات بعملات أجنبية، حيث إن الزيادة في إصدار سندات سيادية بما فيها التي تصدرها أبوظبي، ستعمل على تعزيز أسواق الدين المحلية، علاوة على أن ذلك سيوفر للحكومة المحلية والحكومة الاتحادية مصادر تمويل إضافية. وسيوفر ذلك للبنوك أيضاً أدوات مالية جديدة لإدارة السيولة المالية، وذلك عبر استبدال جزء من السندات الحالية للبنك المركزي، الأمر الذي يمكن أن يسهم في تخفيض معدلات مقايضة الائتمان الافتراضي ومتوسط تواريخ استحقاقها. وفي سبيل السماح بإصدار السندات بما فيها الصكوك، والتي تعتبر أمرا جوهريا في تسهيل إدارة المصارف الاسلامية لسيولتها، فإنه يتعين على السلطات المالية المصادقة على قانون الدين العام وقوانين محافحة الاحتكار. ويتعين على البنك المركزي استخدام أدواته المالية وقت الضرورة لتعزيز السيولة، وتفادي التشدد غير المضمون في السياسات المالية. ضبط النظم المالية العامة يعتبر ضبط النظم المالية العامة التدريجي في الإمارات أمراً أساسياً في تقليل المخاطر المالية، وتعزيز الاستدامة المالية، والتخفيف من آثاره على معدلات النمو. وفي حالة غياب أية تعديلات مالية (خلافاً لما تم تبنيه في العام 2015)، فإن التعادل المالي لأسعار النفط العالمية سيظل فوق معدلات أسعار السوق على المدى المتوسط. إضافة إلى ذلك، فإن الحسابات المبنية على فرضيات الدخل تشير إلى أن العجز الأولي في القطاعات غير النفطية للعام 2015 تخطى المستوى الموازي الثابت لنصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي الذي يضمن تساوي الفرص بين الأجيال المتعاقبة، حيث بلغ العجز في النتاج المحلي الإجمالي للقطاعات غير النفطية في العام 2015 نحو 7.6%. وتتطلب هذه المخاطر المزيد من عمليات التوحيد المالي على المدى المتوسط. وبالنظر إلى المصدات المالية الكبيرة، فإن التعديل المالي يجب أن يكون تدريجياً لتخفيض آثاره السلبية على معدلات النمو. تعزيز أطر إدارة الدين من المتوقع أن يرتفع معدل الدين الإجمالي إلى الناتج المحلي الإجمالي بمقدار 17.0% في العام 2017، قبل أن ينخفض مجدداً على المدى المتوسط. ويمكن لهذا الرقم أن يتضاعف إذا ما طرأت ضغوط كبيرة بسبب انخفاض أسعار النفط، إضافة إلى تعثر المزيد من الشركات والكيانات التابعة للحكومة. وعلاوة على ذلك، فقد أظهرت التحليلات أن العوامل المساندة للشركات والكيانات التابعة للحكومة شهدت ارتفاعاً في السابق مع ضعف وضعها المالي وانخفاض أسعار الفائدة، وانتهاءً، تطلبت خطط إنقاذ كبيرة من جانب الحكومة المحلية. وبالتالي وفي هذا الإطار المتعلق بانخفاض معدلات التحول إلى شركات أو كيانات حكومية أو مشروعات ضخمة، فإن من المهم جداً تعزيز أطر إدارة الدين العام في سبيل تحديد الالتزامات العرضية وتحييدها عن الشركات والكيانات التابعة للحكومة، إضافة إلى الشركات بين القطاعين العام والخاص. ويتعين على دبي على وجه التحديد إعداد خطط للطوارئ في حالة نشوء ضغوط مالية كبيرة. وفي هذا الشأن، فإن الجهود التي تبذلها السطات المالية في دبي، والسلطات المالية المختصة بإدارة الدين في أبوظبي لمتابعة إصدار سندات الدين بواسطة الشركات والكيانات التابعة للحكومة يعتبر أمراً إيجابياً يجب تبنيه باستمرار. معدلات التضخم من المتوقع أن ينخفض معدل التضخم في الإمارات ليصل إلى 3.3% في العام 2016، على الرغم من توقعات بارتفاع العجز المالي وتراجع الحساب الجاري، بسبب انخفاض أسعار النفط، إلا أنه سيشهد تحسناً على المدى المتوسط.