تعد كيب تاون من أقدم المدن في جمهورية جنوب إفريقيا، وثاني أكبر مدنها من حيث المساحة وعدد السكان البالغ نحو 4 ملايين نسمة، وهي بذلك تعد من أكثر المدن التي تتمتع بتنوع ثقافاتها وعرقياتها، حيث يتجسد هناك مزيج فريد من التعايش والتنوع الثقافي والحضاري قلما تجد مثيلاً له في بلد آخر، يعيشون جنباً إلى جنب عند نقطة التقاء البحرين (المحيط الهندي والأطلسي). بعد وصول الأوروبيين سنة 1652، أصبحت كيب تاون مرفأ للبحارة الذين كانوا يسافرون على طول الساحل الإفريقي في طريق التوابل متجهين إلى الهند، كما أن لها تاريخاً عريقاً وحافلاً بالأحداث يعود إلى مئات السنين. تتمثل الصورة النمطية لسكان كيب تاون في شخص حافي القدمين، يرتدي سروالاً قصيراً وفضفاضاً، وتلك الصورة في الحقيقة تعطي انطباعاً قريباً جداً من الواقع، ولعل من الأسباب الكثيرة التي تكمن وراء قدرة كيب تاون على استقطاب ذلك القدر الكبير من الزوار من الشباب المفعمين بالحيوية على مدار العام، هو امتلاكها للكثير من المقاهي ذات الأجواء المسترخية، إضافة إلى توفر المأكولات الرائعة، وفرص السهر المدهشة، حيث تزخر كيب تاون بالعديد من الأنشطة المختلفة التي تتراوح بين السير على الشواطئ الشهيرة لساحل المحيط الأطلسي إلى استكشاف المنطقة الجميلة النابضة بالحياة في بوكاب، فيما يعد خليج هاوت مركزاً لصيد الأسماك وخصوصاً سمك التونة وجراد البحر، وتتميز القاعدة البحرية التاريخية في سيمونس تاون بتاريخها الرائع. في كيب تاون فقط يمكنك أن تطعم الدلافين وأسد البحر والفقمات المائية، ويمكنك أيضاً الاستمتاع بمشاهدة القرش الأبيض والحيتان العملاقة، بينما ترتشف كوباً من الشاي في أحد المقاهي الشاطئية أو يمكنك الخروج في نزهة بحرية بصحبة طيور البطريق، وقد صنف موقع تريب أدفايزر المتخصص في السياحة والسفر مدينة كيب تاون على أنها الوجهة السياحية الأولى على مستوى العالم في العام 2011 الأمر الذي استحقته المدينة عن جدارة. جبل الطاولة عندما يرد اسم كيب تاون فإن أول ما يخطر على البال هو جبل الطاولة تيبل الذي يبلغ ارتفاعه 1000 متر، والذي يُلقي بظلاله على أفق المدينة. ويتعين عليك مراقبة الجبل خلال سفرك بالطائرة إلى كيب تاون، وإذا حالفك الحظ فقد تتمكن من مشاهدة الغيوم أو ما يعرف بغطاء الطاولة، وهو ينسدل فوق قمة الجبل التي تبلغ مساحتها ثلاثة كيلومترات. ويمكنك الوصول إلى قمة الجبل من خلال نزهة ممتعة سيراً على الأقدام، أما إذا أردت الوصول إلى القمة بسرعة، فيمكنك ركوب العربات المعلقة التي تنطلق في رحلة تستغرق 10 دقائق كل 15 دقيقة. ويمكنك من فوق القمة اختيار وجهاتك اللاحقة في خليج الطاولة مثل تلة سيجنال التي تضم منازل الحي الماليزي ذات الألوان الزاهية، والمنطقة رقم ستة التي تضم متحف الأبارتهايد المدهش ومنطقة الميناء التي تشكل منطقة التسوق والترفيه في واجهة فيكتوريا آند ألفريد المائية. جزيرة روبن وعلى بعد سبعة كيلومترات من الشاطئ، تقع جزيرة روبن التي تضم السجن السابق سيئ الصيت الذي سجنت فيه شخصيات سياسية بارزة مثل نلسون مانديلا. ويعد الانطلاق في زيارة لمدة يوم واحد إلى هذه الجزيرة تجربة رائعة وتثقيفية في وقت واحد. وعند النظر باتجاه الغرب، سوف تشاهد خليج كامبس الذي يعد أحد أفضل شواطئ كيب تاون ومنطقة ترفيهية رائعة طوال النهار والليل، حيث من الرائع للزوار الانطلاق في رحلة بالسيارة للتمتع بالمناظر الطبيعية على امتداد الساحل، إذ يمكنك المرور بجانب وادي لاندودنو قبل الوصول إلى خليج هوت، ويمكنك أيضاً التمتع بمشاهدة سوق الحرف المقامة على جانب المرفأ قبل الانطلاق برحلة على متن أحد القوارب إلى جزيرة الفقمات ومشاهدة مستعمرات كيب فرو للفقمات التي تقع في الجزيرة. وبعد ذلك يمكنك مواصلة رحلتك بالسيارة على امتداد طريق قمة تشابمان، غير أنه يتعين عليك التأكد مسبقاً من أن هذا الممر الجبلي مفتوح أمام حركة السيارات. ويمكنك مواصلة السير عبر قرى صيادي الأسماك في كوميتي وسكاربورو حتى تصل إلى متنزه جبل الطاولة الوطني، ثم إلى رأس الرجاء الصالح الذي يستحق منك التقاط بعض الصور فيه، حيث آخر بقعة على اليابسة في جنوب القارة الإفريقية لتشاهد نقطة تقابل المحيطين الهندي والأطلسي، فتجد أحدهما مياهه باردة والآخر مياهه دافئة. حي البوكاب وبعد أن تكون قد استمتعت برحلة الاستكشاف للجبال، من الأفضل لك أن تتجه إلى الداخل لمشاهدة الأحياء التاريخية، والتي يأتي في مقدمتها حي البوكاب الشهير بألوانه الزاهية، والذي يعد أول حي للمسلمين في جنوب إفريقيا، حيث تقطنه أقلية مسلمة من عرقية المالاي ذوي الأصول الماليزية الذين حُدِّدت إقامتهم في هذا المكان إبان حقبة (الأبارتهايد) أو سياسة التمييز العنصري. واليوم يختلط البوكاب بأرقى المباني الشاهقة في مدينة كيب تاون، ولاتزال أصوات الأذان تنطلق من مسجد الحي أو المسجد الأول كما يسمونه كناية عن كونه أول مسجد بُني في جنوب إفريقيا عام 1794. وبالقرب من الحي سوف تجد في حديقة كريستيان بوش، العديد من النباتات الفريدة والأشجار النادرة، وسيجذبك تنوع ألوان هذه الزهور كما تتنوع ألوان السكان وتتعدد ثقافاتهم، الجميع يفهم لغة واحدة هي لغة التعايش والاحترام المتبادل. التسوق والترفيه تعد الواجهة البحرية لفيكتوريا وألفريد مكاناً رائعاً للتسوق، حيث تشتهر بمنتجات الفنون والحرف اليدوية الإفريقية والمنتجات الجلدية الأصلية في مركز فيكتوريا وارف للتسوق والذي بدوره يضم أيضاً تشكيلات واسعة من السلع الفاخرة من أرقى الماركات العالمية ذائعة الصيت، ويبقى شارع لونغ ستريت دائماً مكاناً للحياة الليلية الصاخبة، علاوة على ذلك يوجد العديد من المتاحف التي تستحق الاستكشاف في تلك المدينة الرائعة. شواطئ ساحرة نغادر كيب تاون وننطلق بالحافلة على امتداد الجانب الأطلسي لشبه الجزيرة بعد منطقة كليفتون، حيث يمكنك التمتع بمشاهدة الشواطئ العصرية في كامبس باي، ولاندودنو وهوت باي، ويتميز الأخير بشاطئه الرملي الطويل وميناء الصيادين الذي يمكنك الانطلاق منه في رحلة بحرية إلى جزيرة الفقمات. ويمكنك أيضاً الانطلاق برحلة على طول قمة تشابمان الذي يبلغ طوله 9 كيلومترات لمشاهدة الشريط الساحلي الصخري الذي يوفر إطلالات رائعة على خليج تشابمان كوميتي والمحمية الطبيعية في رأس الرجاء الصالح، وفي هذه المحمية يمكنك مشاهدة النباتات الفريدة وقرود البابون والغزلان ومجموعة مدهشة من الطيور. وبعد أن تتناول وجبة الغداء، يمكنك أن تقوم بزيارة إلى بلدة سايمون تاون التي تأسست في العام، 1743 وهي بلدة جميلة تضم منازل متألقة مشيدة وفقاً للأسلوبين الفيكتوري والهولندي، وتشكل حالياً قاعدة لأسطول جنوب إفريقيا، ثم انطلق إلى شاطئ بولدرز لمشاهدة البطاريق وهي تسبح في المياه الضحلة والصافية بين الصخور العملاقة.