مجموعة أسئلة لو تمت الإجابة عنها لوقفنا على أسباب قصور قطاع السياحة لدينا. لماذا السياحة لدينا غير جاذبة حتى بالنسبة للمواطنين، دعك من استقطاب سياح من الخارج؟ لماذا يهرول السعوديون إلى الخارج في الصيف وتزدحم المطارات بالمسافرين أفراداً وأسراً للبحث عن مواقع للاصطياف؟ لماذا بلدان هي في نفس مستوى طقس مناخ المملكة، خاصة في الخليج، أصبحت خياراً مهماً للسعوديين، ويشدون الرحال إليها كل صيف؟ أين يكمن الخلل، هل هو سوء التخطيط أم قصور في التنفيذ؟ تقديري أن الإجابة بشفافية عن مثل هذه التساؤلات، على الأقل، تضع أولئك الذين يردون اقناع الناس بالسياحة الداخلية أمام الحقيقة. نقول بذلك ولا نغمط «هيئة السياحة» بعض حقوقها والانجازات النسبية التي تحققت، ولكن تظل الجهات التي أوكلت إليها شؤون السياحة، على مدى العقود الطويلة الماضية، مسؤولة عن تخلف موقع المملكة في قائمة الدولة الجاذبة سياحياً، على الرغم من الإمكانات الهائلة التي كان بالإمكان توظيفها وتسخيرها. معظم الباحثين عن الترويح لا يسألون عن الطقس ودرجة الحرارة بقدر اهتمامهم ببيئة الخدمات، ومدى توفر « ثقافة خدمة السائح». وإلا كيف نجد دبي، وطقسها الصيفي الأشد حرارة في الخليج، ولكن دبي العصرية لديها من الفكر الاقتصادي والتخطيط ما يجعل الملايين من حول العالم ينجذبون إليها، لأنها وفرت خدمات راقية، وتجند أطقم بشرية قادرة على الاحتفاظ بالضيف وإغرائه بتكرار الزيارة. لعل أهم ما ظل ينقص توجهنا السياحي هو توظيف ميزة التنوع، الذي حبا الله بها المملكة، فنقاط الجذب السياحب في «تبوك» تختلف تماما عن ما هو متوفر في «أبها»، والإمكانات التي يمكن أن تسخرها «منطقة نجران» هي غير ما تذخر به «المنطقة الشرقية»، وهكذا.. وكذلك كانت تدابيرنا السياحة تفتقد الاستدامة، أي تأمين ما يجعل البيئة السياحية مستمرة ومتطورة ومواكبة للجديد في عالم السياحة، فقد هيمنت « التقليدية « على سياساتنا في قطاع السياحة. الآن الرؤية الشاملة للمملكة 2030 تقدم حلولاً لجعل السياحة مورداً اقتصادياً يعتد به، وبالطبع لا يتأتى ذلك إلا بتغيير شامل للذهنية التي طبعت سياحتنا بالصورة النمطية التي باتت عليها. وكذلك الإجابة عن التساؤلات التي وردت في صدر هذا الطرح المقتضب. وكما المواطنين، العالم أيضاً يترقب أن تحدث المملكة تغييرات في استثمار ميزاتها السياحية. فالسياحة أولاً، وقبل البنية التحتية المطلوبة، خدمات وليست طقساً بارداً أو معتدلاً.