×
محافظة المنطقة الشرقية

الشباب والهلال.. موقعة ملتهبة بحسابات مختلفة!!

صورة الخبر

طالعتنا دراسة، مطلع هذا العام، طبعت في مجلة اللانست المتميزة العدد المتخصص في مجال أمراض الغدد الصماء والسكري، أحدثت تغييرا في مفهوم علاج مرحلة ما قبل مرض السكري وكذلك فتحت الأفق نحو وسائل وقائية جديدة من الإصابة بمرض السكري عبر رسائل الجوال التوعوية. هذه الدراسة لم تعمل في دول العالم الأول كما يسميها البعض ولكن أجريت في دولة الهند المعروفة بمحدودية قدراتها المادية وإمكانيتها المالية. ضمت هذه الدراسة بداية أكثر من ثمانية الاف مشارك ممن لديهم القابلية للإصابة بمرض السكري وافقوا على استقبال رسائل توعوية عن مرض السكري النوع الثاني وكانت هناك مجموعة ضابطة لم ترسل لها هذه الرسائل. استطاعت هذه الرسائل من غير تدخل علاجي إحداث تغيير في عادات المعرضين للإصابة بمرض السكري وسلوكهم مما قلل من احتمالية إصابتهم بمرض السكري. ومن الدراسات المحلية القلائل، وقد تكون هي الوحيدة، التي نظرت إلى دور الرسائل التوعوية الإرشادية وتأثيرها على الأمراض المزمنة الشائعة كمرض السكري مثلا، والتي كانت نتاج تعاون أطباء ينتمون إلى مستشفيات وجامعات ثلاث وهي مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث ومستشفى قوى الأمن الداخلي وجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وشركة الاتصالات السعودية متمثلة في شركة الصحة المحمولة. حيث أرسلت وعلى مدار ستة أشهر متتابعة رسائل توعوية إرشادية تعليمية تذكيرية تفاعلية متنوعة عن مرض السكري النوع الأول المعتمد على الإنسولين ومرض السكري النوع الثاني غير المعتمد على الإنسولين. وقد استقبل هذه الرسائل عدد من المرضى تجاوز مقدارهم الأربع مئة مريض. استطاعت من خلالها هذه الوسيلة التوعوية ومن غير تغيير علاجي أو تدخل دوائي مختلف أن تحدث تحسنا ملحوظا في معدلات السكر التراكمية ومستويات السكر قبل وبعد الأكل وعدد مرات الانخفاض والارتفاع والتذبذب السكري، ولم يقتصر المنحنى الإيجابي لهذه التقنية الاتصالية فقط على النقاط الآنفة الذكر بل ان المستوى الثقافي والمستوى التعليمي للمريض قد تحسن أيضا والذي أبدى، أي المريض، رغبة أكيدة في استمرار هذه التوعوية التثقيفية الواصلة له من غير جهد أو مشقة. إن أهم نقاط التحسن في هذه الدراسة هو إقبال المريض على تحليل السكر المنزلي، حيث كانت هذه الرسائل الهاتفية سواء القصيرة منها أو المصورة بمثابة مذكر له لعمل القراءات السكرية المطلوبة والتي عادة ما ينسى أو يتناسى مريض السكري عملها والقيام بها. إن مجرد تحسن عدد مرات التحليل المنزلي للسكر وزيادة تكرار مرات عملها، يؤدي بلا أدنى شك إلى تناقص معدلات السكر التراكمية ومستويات السكر المختلفة لكونها الخطوة الأولى في طريق التعرف على الاحتياج الحقيقي لجرعات الإنسولين أو الأدوية الخافضة للسكر. كما أن عدد مرات زيارة المريض للمستشفى قد يقل بتحسن مستوى السكر في الدم وهذا ما أكدت عليه الدراسة سواء زيارة أقسام الإسعاف بسبب انخفاض السكر أو ارتفاعه. لقد تم قبول هذه الدراسة في المجلة الأمريكية المرموقة والمتخصصة في مجال الطب الاتصالي والتطبب عن بعد. ولا يستبعد نتائج هذه الدراسة الايجابية كون هذه المنطقة بحاجة ماسة للوسائل المتجددة للتثقيف من هذا النوع وغيره لما يعرف عن تباعد فترات زيارات المرضى للطبيب إما لزيادة عدد المرضى وخاصة مرضى السكري أو قلة الأطباء المتخصصين في هذا المجال. إن هذه الوسيلة الجديدة والتي تدخل في نطاق ما يعرف بالطب الاتصالي أو ما يعرف بالرعاية الطبية عن بعد عبر وسائل الجوال كان لا بد من تطويرها وكذلك العمل على مجانية تلقيها. ولذا عملت الكثير من الدول على إطلاق التطبيقات الهاتفية الصحية المختلفة والتي يمكن تحميلها من قبل الراغبين في ذلك مجانا وبالتالي تلقى المحتوى الطبي التوعوي المطلوب. إن المتصفح لموقع (أبل) على سبيل المثال للبحث عن التطبيقات الهاتفية الصحية المسجلة في ذلك الموقع والصادرة من المملكة العربية السعودية يجد أنها لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة. بل يبدو أن هناك تطبيقين (استرعوا انتباهي) وهما تطبيق تابع للجنة الوطنية لتعزيز الصحة النفسية والتطبيق الاخر هو تطبيق صحتك. إن المتابع للتطبيقات الصحية الطبية التوعوية العالمية يجد أن أعدادها في تزايد كبير. ولم تترك مجالا صحيا إلا وتطرقت إليه، بل إن الأمر لم يتوقف عند حد التطبيقات الهاتفية، فهناك عدد من الأجهزة أصبحت متوفرة وترتبط بأجهزة الجوال أو الهاتف المحمول ويتواصل المريض من خلالها مع طبيبه مثل جهاز تحليل السكر التابع لاحدى الشركات الفرنسية المصنعة للإنسولين أو جهاز قياس الضغط، جهاز تحليل السكر أو جهاز قياس الضغط تنتقل قراءاتهما مباشرة للجوال وبالتالي للطبيب المعالج من غير حاجة المريض لزيارة الطبيب الفعلية. إن مشاركة شركات الاتصال الهاتفية في مجال توعية المجتمع أو التعاون مع شركات تقنية متخصصة في هذا المجال أصبحت ضرورة ملحة وخاصة أن الكثير من الأمراض المزمنة التي نعاني منها من مرض السكري أو زيادة الوزن أو ارتفاع ضغط الدم أو زيادة الكوليستيرول ونحوها يمكننا الوقاية منها أو الحد من مضاعفاتها عبر التوعية والتعليم والإرشاد والتثقيف. ولا بد أن ننطلق بخطى ملموسة إلى تفعيل دور الطب الهاتفي المحمول أو ما يعرف بالصحة المحمولة. إن المتابع لمجال الصحة الالكترونية والصحة المحمولة ليجد أن هناك توسعا كبيرا في هذا المجال الجديد والمتجدد، لدرجة صدور مجلات طبية متخصصة تعني فقط بالتطبيقات الصحية المختلفة. وذلك تأكيدا لما تنتهجه بعض الدول العربية المجاورة من إخضاع جميع الدوائر الحكومية لعمل تطبيق هاتفي خاص بها يمكن للمراجعين من خلاله التواصل مع الجهة الحكومية المسؤولة. وأعتقد جازما أن هذا النهج سينطبق وسيطبق قريبا على جميع الجهات الصحية المختلفة ليس فقط لتيسير المراجعة الإدارية للمريض ولكن كذلك للمراجعة الصحية والطبية.