على الرغم من أن أنظمة وقوانين "المملكة" تشدد على احترام حقوق الأفراد في حال تم استدعاؤهم للجهات الأمنية في قضايا عادية أو قضايا تتطلب توقيف الشخص أو القبض عليه أو تفتيشه أو سجنه على ذمة قضية ما، إلا أن هناك قلقاً كبيراً يصيب من يتم استدعاؤه من قبل بعض الجهات الحكومية، مثل الشرط أو الأحوال المدنية أو الدفاع المدني، وغيرها من الجهات المعنية الأخرى، خاصة حينما يتم الاتصال به هاتفياً ولا يتم إبلاغه بسبب استدعائه بشكل واضح، أو عندما يقال له :"راجعنا وتعرف". نظام الإجراءات الجزائية واضح، ولكن جهل المواطن يجعله مرتبكاً أكثر من اللازم عقوبة جزائية وقال "د.محمد المسعود" –محام، ومستشار قانوني- :"هناك أمثلة كثيرة لصالح الفرد في نظام الإجراءات الجزائية، منها المادة الثانية، إذ لا يجوز القبض على أي إنسان أو تفتيشه أو توقيفه، أو سجنه إلا في الأحوال المنصوص عليها نظاماً، كما أن التوقيف أو السجن لا يكون إلا في الأماكن المخصصة لكل منهما وللمدة المحددة من السلطة المختصة"، مضيفاً أنه يحظر إيذاء المقبوض عليه جسدياً أو معنوياً، كما يحظر تعريضه للتعذيب، أو المعاملة المهينة للكرامة. وبين أن المادة الثالثة من نظام الإجراءات الجزائية تؤكد على أنه لا يجوز توقيع عقوبة جزائية على أي شخص إلا على أمر محظور ومعاقب عليه شرعاً أو نظاماً، وذلك بعد ثبوت إدانته بناءً على حكم نهائي بعد محاكمة تُجرى وفقاً للوجه الشرعي، موضحاً أن المادة الرابعة أشارت إلى أنه يحق لكل متهم أن يستعين بوكيل أو محام للدفاع عنه في مرحلتي التحقيق والمحاكمة، لافتاً إلى أن الشخص يمكن أن يتوجه بمرافقة محاميه ليطمئن وليضع المسار القانوني أمام المحقق أو جهة الاستدعاء، ذاكراً أنه من المهم أن يعرف الشخص سبب استدعائه. قلق كبير وأوضح "عبدالله اليامي" -أخصائي اجتماعي، ومدرب تنمية بشرية– أن الاستدعاء قد يشكل قلقاً كبيراً للمُستدعى، مضيفاً أن القلق يزداد لديه بشكل أكبر حينما يعلم أحد جيرانه أو أصدقائه أنه تم استدعاؤه من قبل جهة حكومية مثل الشرطة، مرجعاً ذلك إلى خشية المُستدعى من أن يفسر ذلك على أساس أنه قد ارتكب فعلاً جنائياً ما، خاصة إن كان الشخص حسن السيرة والسلوك، وقال :"كنا نشاهد الاستدعاء في المسلسلات التلفزيونية في الصغر، وكانوا إما أن يتصلوا بالشخص المطلوب ويطلبوا منه الحضور حالاً، أو أن يرسلوا أشخاصاً لاستدعائه، وذلك دون إخباره عن السبب". وأشار إلى أن هذه هي الحالة المُتبعة في معظم الدول، مضيفاً أن هذا الأسلوب قد يكون تفادياً لعدم النقاش المطول عبر الهاتف، موضحاً أن ما يُغرس في المشاهد لما يحدث عبر هذه المسلسلات في هذا الصدد يُسهم في صنع القلق في حياته على أرض الواقع، داعياً الجهات المعنية إلى تطوير أجهزتها وزيادة كفاءة العاملين لديها عبر تزويدهم بالمزيد من الدورات المهمة التي تصنع اللباقة مع المواطنين، مشدداً على أهمية أن يتصف الشخص العامل في الجهة الأمنية التي تستدعي المواطن بالعديد من الصفات الجيدة. وأضاف أن من بين تلك الصفات كيفية تعاملهم مع الآخرين من الناحية الاجتماعية والنفسية، مبيناً أنه من الممكن أن تتم الإفادة من جهود بعض الدول المتقدمة في هذا المجال، إلى جانب إرسال العاملين لديهم إلى تلك الدول لتبادل الخبرات، وكذلك إشراكهم في دورات تنموية اجتماعية لتزويدهم ببعض المهارات اللازمة للتعامل مع الآخرين، مشيراً إلى أن ذلك سينعكس بشكل إيجابي على المجتمع، مؤكداً على أن هناك العديد من الأخصائيين الاجتماعيين ذوي كفاءة عالية في مجال التنمية البشرية من الممكن أن تتم الإفادة من جهودهم في هذا الصدد. وأكد على أنه متى ما أتقن العاملون في الجهات المعنية أساليب التعامل مع الآخرين، فإنهم بذلك سيتلافون إيقاع أي شخص في حرج ما أمام الآخرين، أو أن يعرضونه لبعض الآلام والضغوط النفسية، مشدداً على ضرورة أن يتم المزج بين الحزم واللين، على أن يتم استخدام الأسلوب المناسب على حسب شخصية وسلوك الشخص المستهدف. لائحة الدعوى وأكدت "إنعام العصفور" –ناشطة حقوقية– على أن استدعاء الشخص دون أن يعرف السبب الحقيقي لاستدعائه، إلى جانب جعل سبب الدعوة عاماً وغامضاً يعد إجراءً غير نظامي، مشيرة إلى أن هذا الأسلوب من الممكن أن يسبب للفرد وأسرته كثير من الضيق والتوتر والخوف والهلع، مبينة أنه لابد أن يرفق طلب الاستدعاء بلائحة الدعوى كاملة حتى يطلع المُستدعى عليها ويعرف موقفه؛ من أجل أن يكون على بينة تامة وقادر على تقديم دفوعه وإعداد أسانيده، سواءً كانت "الدفوع" شكلية أو موضوعية. وبينت أن نظام الإجراءات الجزائية ونظام المرافعات الشرعية في "المملكة" ضمن للشخص المستدعى تلك الحقوق، لافتة إلى أن المادة الرابعة بعد المائة نصت في نظام الإجراءات الجزائية على أنه يجب أن يشتمل كل أمر بالحضور على اسم الشخص المطلوب رباعياً وجنسيته ومهنته ومحل إقامته، إلى جانب بيان تاريخ الأمر وساعة الحضور وتاريخه، وكذلك اسم المحقق وتوقيعه، إضافة إلى الختم الرسمي، مشيرة إلى أن أمر القبض والإحضار يشتمل فضلاً عن ذلك على تكليف رجال السلطة العامة بالقبض على المتهم وإحضاره أمام المحقق إذا رفض الحضور طوعاً في الحال. ولفتت إلى أن أمر التوقيف يشتمل بالإضافة إلى ما سبق على تكليف مأمور التوقيف بقبول المتهم في دار التوقيف، مع بيان التهمة المنسوبة إليه ومستندها، مضيفة أن المادة المادة (14/3) من نظام المرافعات الشرعية أكدت على أن ترفق بصورة ورقة التبليغ صورة من صحيفة الدعوى وفق المادتين (20) و (39)، مبينة أن المادة (20/2) نصت على أنه يلزم المدعي أن يقدم صحيفة الدعوى مطبوعة مع نسخة مترجمة عنها إلى لغة المدعى عليه إذا كان لا يتكلم اللغة العربية. وقالت :" نصت المادة (39) على أنه يجب أن ترفع الدعوى من المدعي إلى المحكمة بصحيفة تودع لدى المحكمة من أصل وصور بعدد المدعى عليهم"، مضيفة أنه يجب أن تشتمل صحيفة الدعوى على البيانات التالية : موضوع الدعوى وما يطلبه المدعي وأسانيده، مشددة على أهمية أن يعرف الشخص حقوقه التي كفلتها له الأنظمة، على أن يتقدم بشكوى إلى الجهات المختصة في حال تم التجاوز على أي منها؛ حتى لا تتكرر مثل تلك التجاوزات، مؤكدة على أن أي استدعاء لا يحدد السبب يعد ساقطاً من الناحية النظامية. طلب الاستدعاء وأشار "عبدرب الرسول البحراني" –محام- إلى أن أساليب الاستدعاء -بوضعها الحالي- لا تزال تساوي بين المشتكي والمُشتكى عليه والشاهد على حد سواء، مضيفاً أنهم يتلقون الاستدعاء دون أي إفصاح عن السبب حتى ذهاب الفرد منهم لجهة الاستدعاء، موضحاً أن ما يعيشه المُستدعى من قلق وترقب يجعله يذهب في الوقت الذي طلب منه الحضور فيه، ومع ذلك فإنه قد يتفاجأ حينها بعدم وجود المحقق أو القاضي –مثلاً-، وبالتالي فإنه ينتظر فترة من الوقت قبل أن يُعطى موعداً آخر، الأمر الذي يجعله مستاءً مما حدث. وشدد على أهمية إصلاح الجهاز الإداري بالكامل وإعادة هيكلته وتدريب كوادره وتأهيلهم، موضحاً أن الطريقة المثلى للاستدعاء يجب أن تكون عبر الاتصال هاتفياً، على أن يُعرِّف الشخص المتصل بنفسه تعريفاً كاملاً وبمن يمثل، مؤكداً على أنه يجب على المتصل أن يكون ملماً بالقضية ولديه كل المعلومات المطلوبة من الإدارة التي استدعت المُستدعى إلى القاضي أو المحقق باسمه وصفته والموعد المحدد، على أن يرفق بذلك طلب الاستدعاء ممهوراً بختم رسمي عبر بريد إلكتروني أو وسائل التواصل إن توفر ذلك. تطور هائل ورأى "أحمد المزيد" -مدير إدارة الأحوال المدنية بمحافظة القطيف- أن هناك تطوراً هائلاً حصل في مجال الاستدعاء، مضيفا أن المقارنة مع الوضع السابق تُظهر الفارق الكبير في هذا الشأن، لافتاً إلى أن "الأحوال المدنية" تهدف إلى خدمة المواطنين والمقيمين وتيسير أمورهم بأسهل السبل وأسرعها، مؤكداً على أن الاستدعاء يكون عادة بشكل آلي عبر رسائل الجوال، على أن يكون ذلك عند انتهاء إجراء قد طلبه المستفيد، كانتهاء تاريخ إصدار أو تجديد الهوية الوطنية، أو ما شابه ذلك من إجراءات. ولفت إلى أنه يتم إيضاح سبب الاستدعاء للمُستدعى ضمن الرسالة المُرسلة إليه، مشيراً إلى أن التواصل بين إدارات الأحوال المدنية والمستفيدين أصبحت تتم عبر الرسائل النصية وعبر الموقع الالكتروني للأحوال المدنية، موضحاً أنه بات بإمكان الجميع الإطلاع ومعرفة كل ما يتعلق بالأحوال المدنية عبر هذا الموقع.