قال الشيخ صلاح الجودر خطيب جامع الخير بقلالي في خطبة الجمعة أمس: ونحن في أيام العيد السعيد نسأل الله أن يتقبل منا الصيام والقيام وسائر الأعمال، فطوبى لمن اغتُفرت زلتهُ، وتُقُبلت توبتُه، وأقيلت عثرته، ونشكره سبحانه على ما انعم وتفضل، قال تعالى: «وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبّرُواْ اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ» (البقرة: 185)، هكذا مضت ليالي شهر رمضان مسرعة، بالأمس كنا نستقبله، واليوم قد ودعناه، ولا ندري هل نستقبله عاماً آخر أم أن الموت أسبق إلينا منه، نسأله سبحانه أن يعيده علينا وعليكم بالأمن والأمان. إن من استخف بالعلماء أفسد دينه، ومن استخف بالسلطان أفسد حياته، ومن استخف بالأهل والأصدقاء أفسد مروءته، والعاقلُ لا يستخف بغيره، ونحن في هذا اليوم المبارك نتساءل: أيكونُ الإنسان عدوًا لأهله، مفسدًا لدينه، محاربًا لوطنه، مصدر إزعاج وقلقٍ وفساد وترويع؟! هل يرضى العاقل فضلا عن المسلم أن يجلب الأذى لقومه ووطنه وأبناء جلدته، ويُمكن لأعدائه إشاعة الخراب والدمار والفوضى والعنف والإرهاب لتحقيق مآربهم؟! إن المتابع والمتأمل في أحوال الشباب والناشئة وعملية التغرير بهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي والمنتديات وشبكات المعلومات يرى أموراً بالغة الألم، تبرز درجة التغرير ومستوى التحريض الذي يقع لهم بسبب الضعف العلمي وقلة الفهم وقصر النظر، برزت فيهم التبعية المطلقة للأشخاص والانقياد الأعمى للنصوص، والمسارعة للتصديق والقبول والتسليم، ناهيكم عن عدم التثبت والروية، فظهر فيهم سرعة الاستجابة وسهولة الانقياد، حتى أصبح البعض منهم دعاة التكفير والطائفية والتفجير، والبعض الآخر أصبحوا عملاء وخونة ومتآمرين على الأمة، ولعلكم رأيتم من وقع في براثن بعض الأجهزة الاستخباراتية الإقليمية، توجههم كيفما شاءت لنشر الفوضى والخراب والأذى بالمنطقة. تأملوا الشباب الذين يسيرون في فلك ولاية الفقيه وداعش وحزب الله والحشد الشعبي وغيرها من الجماعات الإرهابية، أليسوا شباباً سذجاً تم اختطافهم من أهليهم ثم استغلالهم لتنفيذ تلك المخططات التدميرية في أوطانهم، تلك الأعمال ليس فيها صالح لأحد سوى لأعداء الأمة، بل إنها لإنهاك الأمة وإضعافها وإدخالها في صراعات سياسية ودينية لتمكين الأعداء منها لتقطيع أوصالها وتمزيق وحدتها وتغيير هويتها، شباب سذج تم شحنهم طائفياً وكأنهم يخوضون حرباً طائفية! إن تلك الأعمال الإرهابية لم تكن دوافعها دينية ولا وطنية، بل دوافعها سياسية لصالح اعداء الخارج، ألم يعلم أولئك الأغرار بأن ما يحضون به من أموال ونساء وملذات وتسهيلات إنما هو من التخطيط ومكر السيء؟!، ألم يعلم أولئك الأغرار أن غاية ما يقومون به هو إشاعة الفوضى وإثارة الفتن وافتعال الصدام بين أبناء المجتمع الواحد، ومن ثم تسليم المنطقة إلى أعدائها لتغير هويتها وتقسيمها؟! لقد كان الشباب المغرر بهم يتحدثون في بادئ الأمر عن جهاد الكفار وضرب المنافقين والمشركين، فإذا بهم يتحولون إلى ضرب أهليهم وذويهم وأبناء جلدتهم، فيخربون البيوت، ويغلقون الشوارع، ويعتدون على رجال الأمن والمواطنين، والمؤسف أنهم يرفعون شعار حب الصحابة وحب آل البيت زوراً وبهتاناً!!، قال تعالى: «أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاء وَيَهْدِي مَن يَشَاء فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ» (فاطر: 8). لنعلم جميعاً أن الدولة المحرضة على الإرهاب بالمنطقة هي إيران، فما فتئت هذه الدولة منذ قيامها عام 1979م عن التحريض المباشر للعنف والإرهاب والقتل، ولمن شاء فليتأمل في أربع دول عربية وضعت إيران أياديها وأصابعها الملوثة فيها، العراق وسوريا ولبنان واليمن، فماذا كان حال تلك الدولة سوى الخراب والدمار والقتل والتهجير، حتى أصحبت دولاً فاشلة مع ما تملكه من ثروات بشرية وطبيعية. ولا ننسى التدخلات الإيرانية السافرة في الشأن البحريني لإشاعة الفوضى والخراب، ومن المؤسف أنها تصدر من أعلى سلطة دينية، المرشد الإيراني على خامنئي، فقد سعى لإثارة العنف والتخريب في البحرين، وهي تصريحات سياسية مغلفة بخطابات دينية، وجميعها استفزازية للبحرين وشعبها، لذا يجب التصدي له ولمشروعه التوسعي، والمطالبة باستفتاء إيراني شعبي حول أهليته لهذا المنصب!!، فتصريحاته وتدخلاته السافرة في شؤون الغير لا تنم عن توازن في قواه العقلية. يجب أن يعي أبناء هذا الوطن، سنة وشيعة، خطورة المشروع الإيراني التوسعي، والتصدي له ولأتباعه، ومن ثم تقوية الجبهة الداخلية خلف قيادتنا السياسية، فإن يد الله مع الجماعة. ألا فاتقوا الله رحمكم الله، واعتصموا بحبل الله، واستمسكوا بشرع الله، وأطيعوا الله ورسوله، والله ولي المتقين.