ـ لم يعد تويتر متنفساً لأفكارنا وأحلامنا الجميلة كما هو المفترض؛ بل صدى لما يدور في النفوس المأزومة من استعداء واستعداد قاتل لإلغاء الآخر، ومحاولة تهميشه وتخطئته ولو بأساليب فجة تفتقد إلى العدالة والمصداقية والانضباط الأخلاقي والمهني نهائياً. ـ مثقفون ووعاظ وأساتذة جامعات يقاومون بعضهم على طريقة السيد دونكيشوت، ولكل واحد من هؤلاء جماهير عريضة تحمل الإساءة وتعيد ضخها بمحولاتها التي تنضح بما في الإناء من خيبات وعقد فشل طويلة مع الحياة والناس، وكل طرف يزعم أنه عادل في طرح وجهة نظره. ـ كل تغريدة عابرة وركيكة من الممكن أن تتحول إلى قضية رأي عام تناقشها الفضائيات والصحف في اليوم التالي، وتستدعي مصطلحات قديمة وبلهاء على رأسها التكفير والتفسيق والانحلال و(الزندقة).. ـ بطريقة مناقضة للحضارة والتطور البشري نقول للآخرين بمنتهى العنف والجلافة إننا لا نزال مجتمعاً بدائياً لا يمكنه قبول الآخر تحت أي ظرف، ولا الحوار معه إلا على مقصلة الإلغاء الكبرى، ونسير إلى المستقبل بخطى متثاقلة ووجوه عبوسة وكلمات مثقلة بالشتائم. ـ قد تكتشف أن جارك أو صديقك أو ابن قريتك هو من يسلخك على تويتر باسم مستعار، وحينما تلتقيان وجهاً لوجه يأخذك بالأحضان، ويبتسم في وجهك وهو يعلم أنك تعلم أنه مسيء ومتجن، ومع ذلك لا حمرة للخجل ولا استعداد للتراجع بل ربما يحلف لك أنه من أشد المعجبين بحضرتك. ـ زيف وأقنعة كبرى نعيشها دونما سبب واضح لكل هذه الحروب النفسية غير المقدسة؛ فماذا لو احتجنا إلى بعضنا وأصبحنا لأي سبب نعيش وجهاً لوجه وبشكل يومي في مكان واحد؟ هل سنتحول إلى قتلة أم إننا سننافق إلى آخر لحظة؟! ـ تويتر السعودي فضاء واسع جداً للتعبير، ولكن من يقودونه ويؤثرون فيه حولوه إلى محاكم تفتيش قروأوسطية، وهؤلاء يشكلون حالة ثقافية مدهشة من التنافر والإفناء قل نظيرها على مستوى العالم.. فهل نحن مرضى إلى هذا الحد؟! ـ صدقوني نحتاج إلى موج هادر من الحب والتسامح كي نحافظ على بلدنا، ولكي نصبح سعداء حينما نذهب إلى النوم؛ علينا أن نطهر ضمائرنا المعطوبة من هذا الهذيان والسيلان الكتابي الذي يقتل علاقاتنا وروابطنا التي لا تزال على قيد (حياة) ولو إلى حين!!