×
محافظة المدينة المنورة

الحكمي: المملكة تجابه فئتين لا تريدان الخير للإسلام

صورة الخبر

د. غسان قلعاوي الحديث عن دور التمويل الإسلامي في تحقيق الشمول المالي يبدو في حاجة إلى هذا الاستطراد حول مدى أهمية كسب الثقة في مؤسسات الشمول المالي هيئاته وأدواته وأن يتسلح بالشفافية الكاملة ، وأن يكون موجهاً لاستهداف ترشيد الإنفاق والاستهلاك لا التوسع المنفلت المتعارض مع أسس النمو السليم والتنمية المتوازنة والاستدامة ، لتأكيد ذلك من المناسب أن نختطف إشارة إلى مفهوم الشمول المالي وتطلعات الدعوة إليه: ففي التمهيد للتعريف بالشمول المالي وللدعوة إليه يذكر عموماً ما أورده البنك الدولي بأن نصف سكان العالم من البالغين ( نحو 2.5 مليار نسمة ) لا يحصلون على الخدمات المالية.. وأن 75 % من الفقراء لا يتعاملون مع البنوك بسبب ارتفاع التكاليف، وبُعد المسافات، والمتطلبات المرهقة في أغلب الأحيان لفتح حساب مالي. لذلك تتطلع الدعوة للشمول المالي إلى كسب تلك الفئات ودفعها إلى التعامل مع المصارف ومؤسسات التمويل والخدمات المالية والنقدية ووسائل الدفع الإلكترونية.. الخ. ويتم ذلك من خلال فتح حسابات مصرفية مبسطة، وضمان يسر التكاليف والإجراءات المتعلقة بذلك وتشجيع التداول الإلكتروني وتوسيع شبكة الخدمات المالية لتغطي المناطق الفقيرة والنائية وتحويل المدفوعات للأفراد عن طريق الحسابات المصرفية من خلال فروع المصارف واسعة الانتشار ووسائل التداول الحديثة... أي كما قيل في مفهوم الشمول المالي حسب المعهد المصرفي المصري: إتاحة وتوسيع قاعدة الخدمات والمنتجات المالية الرسمية لمختلف فئات المجتمع بما في ذلك كافة المعاملات البنكية بأسعار مقبولة وبطريقة عادلة تتميز بالشفافية ، على أن يتم ذلك بالتنسيق بين جوانب ثلاثة: جانب عرض منتجات الخدمات المالية ، وجانب الطلب عليها وجانب التثقيف المالي الذي يسعى للتوعية وللتنسيق بين العرض والطلب. على هذا النحو يتلخص مفهوم الشمول المالي ووسائله ولكن يرى البعض أن من الضروري أن تقترن الدعوة للشمول المالي بدعوة إلى رفع مستوى الشفافية في النشاط المصرفي والتذكير بأن هذا النشاط يقوم على مساهم ومودع ومقترض ، لا بد من أن يقتسموا منافعه على نحو نزيه وعادل وذلك دعماً للثقة في النشاط المصرفي الذي يعد من أخطر وأهم الأنشطة الاقتصادية في كافة المجتمعات. ويرى هذا البعض أنه كان من نتائج الأزمة المالية التي ألمت بالعالم والتي ما زالت آثارها ماثلة.. كان من نتائجها ضعف الثقة في النشاط المصرفي وبيوت التمويل والأسواق المالية والنقدية عموماً ، حيث كانت بعض الفعاليات في تلك المجالات سبباً للأزمة ثم مارست فشلاً في علاج أسبابها علاجاً ناجعاً. وقد بدا النشاط المصرفي بالذات الذي تسببت بعض منشآته في الأزمة وكأنه نشاط معفى من تحمل المسؤولية ، بل النشاط الذي يمكن لأربابه أن يتجاوزوا القوانين والأعراف المصرفية المستقرة ثم لا يحاسبون على ذلك إلا بالمزيد من دعم الحكومات وتيسير السيولات وتوفير الاحتياطات والمعونات خشية الانهيار الذي يعد مدمراً للمجتمعات... لذلك عندما تأتي الدعوة إلى الشمول المالي في مثل هذه الظروف التي تتطلب دعماً للنشاط المصرفي والمنشآت المالية والتمويلية النقدية لا بد من أن يكون دعماً مبنياً على المزيد من الثقة والشفافية في هذا النشاط ، كذلك تحتاج الفئات متوسطة ومحدودة الدخل والفقيرة إلى تثقيف وتوجيه يخرج بهذه الفئات مما تبديه أو مما هي عليه من حذر أو قلة ارتياح في التعامل المصرفي ، نتيجة نقص معرفي قد يؤدي أحياناً لضعف في الثقة بالنشاط المصرفي والتمويلي عموماً ، يغذيه بعد النشاط عن تلك الفئات وعدم الاهتمام بما تمثله من ثروة تؤهلها للتعامل مع المصارف. ثم لا بد من الإشارة إلى أن الدعوة للشمول المالي تبدو في كثير من الأحيان وكأنها تسعى لتقديم عروض ترويجية هدفها إفادة جانب العرض من جوانب الشمول أي جانب أصحاب الخدمات المالية والنقدية.. بل إن بعض تلك العروض تعتمد أشكالاً من التذاكي الإعلاني هدفه جر الجمهور إلى المزيد من الإنفاق والاستهلاك..! إن مثل هذا التجاوز في الدعوة للشمول المالي قد يسيء ويساهم في فقدان الثقة في الوقت الذي لا بد لهذه الدعوة من أن تثبت حرصها على جانب الطلب أي جانب الجمهور المطالب بالتعامل مع الخدمات المالية والعمل على ترشيد الاستهلاك وحماية المستهلك الجديد الذي يدعوه الشمول المالي لرحابه.