استهل النفط الخام تعاملات الأسبوع على تسجيل ارتفاعات سعرية مدعومة من أجواء إيجابية بتوازن السوق وفق تأكيدات أطلقها المهندس خالد الفالح وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية ومحمد باركيندو الأمين العام الجديد لمنظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" خلال لقاء جمعهما في السعودية. وبالرغم من ذلك ما زالت هناك عوامل سلبية تواصل الضغط على أسعار النفط الخام وتكبح تحقيق مكاسب أوسع وفي مقدمتها عودة ارتفاع الحفارات النفطية الأمريكية ومؤشرات عن ضعف الطلب الأمريكي على النفط الخام، خاصة على البنزين. وأسهم في تعزيز ارتفاع الأسعار عودة الهجمات على المنشآت النفطية في نيجيريا بعد هدنة تم خرقها بخمس هجمات خلال عطلة نهاية الأسبوع ما جدد المخاوف على الإمدادات، التي تواكبت في المقابل مع مؤشرات ضعيفة عن مستوى الطلب العالمي على النفط الخام. وكان لمباحثات وزير الطاقة السعودي في الصين مردود إيجابي على السوق خاصة تأكيده على رغبة الجانبين في توسيع صفقات بيع النفط الخام إلى السوق الصينية إلى جانب زيادة الاستثمارات المشتركة في مجالات الطاقة المختلفة. ويقول لـ "الاقتصادية"، لاديسلاف جانييك مدير شركة سلوفاكيا للنفط "سلفونفط"، إن هناك حالة تفاؤل في السوق بدور أقوى للسعودية في دعم توازن الأسواق وتفعيل دور منظمة أوبك خاصة في ظل وجود وزير جديد للطاقة في السعودية وأمين عام جديد لمنظمة أوبك مشيرا إلى أن لقاء الجانبين في السعودية كان له مردود إيجابي على السوق خاصة في ظل تأكيدات واسعة أطلقها الوزير والأمين العام على توازن وتعافي العلاقة بين العرض والطلب في سوق الطاقة. وأضاف جانييك أن اضطراب الإنتاج في نيجيريا أثر كثيرا على الأسواق في الفترة الماضية كما أن عودة الهجمات بعد اتفاق هش لوقف إطلاق النار يؤكد صعوبة عودة الاستقرار إلى الإمدادات في نيجيريا ويتطلب جهدا أكبر من دول الإنتاج المستقرة لتعويض الانخفاضات الحادة الناتجة عن تقلص إنتاج نيجيريا وفنزويلا والأخيرة تصاعدت بها الأزمة الاقتصادية وتراجعت بها عائدات النفط أكثر من 40 في المائة في العام الماضي، كما أن الإنتاج الكندي لم يتعاف بعد بشكل كامل. وأشار جانييك إلى أن تكثيف التعاون السعودي ـــ الصيني في مجالات الطاقة سيؤدى إلى إنعاش الأسواق، خاصة أن السعودية الأولى في الإنتاج والصين الأضخم في الاستهلاك متوقعا تنفيذ العديد من صفقات بيع النفط الخام الضخمة القادمة من السعودية إلى السوق الصينية وذلك لتأكيد الوجود السعودي القوى والمتنامي في السوق الصينية المتسعة إلى جانب زيادة الاستثمارات المشتركة، متوقعا أن مصافي جديدة وضخمة للتكرير قد تكون في مقدمة ثمار التعاون بين الجانبين. من ناحيته، أوضح لـ "الاقتصادية"، رينيه تسفانبول مدير شركة "طاقة" في هولندا، أن هناك حاليا حالة معنوية غير جيدة في دول منطقة اليورو والمخاوف تتنامى من احتمال حدوث انفصالات جديدة من دول الاتحاد الكبرى عقب الاستفتاء الذي أسفر عن خروج بريطانيا. وأشار تسفانبول إلى أن القلق من التأثيرات الاقتصادية السلبية سيبقى قائما إلى حين وضوح الرؤية بشأن آلية التخارج البريطاني منوها إلى ضرورة أن يبعث الاتحاد الأوروبي برسالة قوية للمجتمع الدولي تؤكد التمسك بالوحدة وأن وجود بعض الأخطاء لا يعني أن منظومة الاتحاد الأوروبي تنهار، مشددا على ضرورة تدارك السلبيات وتعزيز القناعة بأن العمل الجماعي والوحدة أجدى اقتصاديا وسياسيا في ظل عالم متخم بالعديد من التحديات المتنامية الخاصة بالاستقرار والنمو. وذكر تسفانبول أن الصادرات النفطية الروسية ارتفعت خلال النصف الأول من العام الجاري بنحو 5 في المائة عن العام السابق في ظل اشتداد المنافسة مع السعودية وإيران في أسواق آسيا وأوروبا، مشيرا إلى فرص السيطرة على التسابق الإنتاجي أو تفعيل مبادرة تجميد الإنتاج باتت ضئيلة في ظل احتدام المنافسة على الحصص السوقية. إلى ذلك، أشار لـ "الاقتصادية"، ديف سانيال مدير قطاع الطاقة البديلة في بريتش بتروليوم "بي بي"، إلى أن الصين ستظل محور الطاقة ومستهدف كل المنتجين، مشيرا إلى توقعه أن تشهد السوق الصينية ميلا أكثر في السنوات المقبلة نحو الغاز الطبيعي، الذي من المتوقع أن يكون الأسرع نموا بين موارد الوقود الأحفوري، منوها إلى نمو استهلاك الغاز في الصين بنسبة 4.7 في المائة في العام الماضي ومن المتوقع أن ينمو أكثر من 5 في المائة سنويا على مدى السنوات الـ 20 المقبلة، وهو ما يجعل النمو الكلي يمثل ما يقرب من 200 في المائة بحلول عام 2035. وقال سانيال إن موارد الغاز الطبيعي متاحة بتكلفة معقولة وذلك على نحو متزايد كما أن شبكات الأنابيب الجديدة وازدهار تجارة الغاز الطبيعي المسال أوجدا سوقا عالمية أكثر تكاملا في مجال الغاز، مضيفا أن الطاقات المتجددة تنمو بسرعة أيضا وتسجل أسرع نمو في الصين أكثر من أي دولة أخرى، مؤكدا أن الصين اليوم هي أكبر مولد للطاقة الشمسية في العالم، وهو ما يمثل 16 في المائة من مجموع إنتاج الطاقة الشمسية حول العالم. وأشار سانيال إلى أنه على الرغم من النمو الهائل في موارد الطاقة المتجددة إلى مستويات غير مسبوقة في تاريخ الطاقة إلا أن كل هذا الإنجاز من شأنه أن يوفر فقط 9 في المائة من الطلب العالمي على الطاقة من مصادر الطاقة المتجددة وذلك بحلول عام 2035. من ناحية أخرى، وفيما يخص الأسعار، ارتفعت أسعار النفط أمس بعد تصريحات لوزير الطاقة السعودي قال فيها إن السوق تتجه نحو التوازن على الرغم من تأثرها بإشارات على تباطؤ الطلب في آسيا. وبحسب "رويترز"، فقد ارتفعت العقود الآجلة لخام القياس العالمي مزيج برنت 23 سنتا عن التسوية السابقة إلى 50.58 دولار للبرميل، وزاد الخام الأمريكي 17 سنتا إلى 49.16 دولار للبرميل، والأسواق الأمريكية مغلقة أمس بمناسبة عطلة يوم الاستقلال. لكن محللين في "مورجان ستانلي" قالوا إن هناك إشارات أيضا على أن الأسعار قد تنخفض من جديد قريبا وأشاروا إلى تباطؤ الطلب على البنزين وتحسن الإنتاج في كندا ونيجيريا، وأفادت مؤسسة النفط الوطنية النيجيرية الأسبوع الماضي أن الإنتاج يرتفع في أعقاب الانتهاء من إصلاحات لأضرار تسببت فيها هجمات في دلتا النيجر دفعت إنتاج الخام في البلاد نحو تسجيل أدنى مستوى في 30 عاما. وقد يمهد اتفاق لتوحيد مؤسستي النفط المتنافستين في ليبيا الطريق أمام تعزيز إنتاج البلد العضو في "أوبك"، الذي يقل حاليا عن ربع مستواه قبل عام 2011 الذي بلغ وقتها 1.6 مليون برميل يوميا، وهناك احتمالات لأن يتعرض الطلب على النفط ومن ثم الأسعار إلى ضغوط حيث يؤدي ضعف هوامش الربح إلى خفض الإنتاج في الوقت الذي تستعد فيه المصافي الآسيوية بالفعل لبداية موسم الصيانة. كما يراقب المستثمرون التوقعات الخاصة بالإنتاج الأمريكي بعد زيادة عدد منصات الحفر الأسبوع الماضي للأسبوع الرابع خلال الأسابيع الخمسة الماضية وهي أكبر زيادة شهرية في عدد المنصات العائدة للتنقيب منذ آب (أغسطس) 2015. وسجل الإنتاج الروسي من الخام ارتفاعا طفيفا في حزيران (يونيو) مقارنة بالشهر السابق عليه إلى 10.84 مليون برميل يوميا، وفي النرويج وقع عمال النفط اتفاقا تجنبوا به إضرابا في أكبر بلد منتج للخام في غرب أوروبا. وتسعى النرويج إلى المحافظة على حجم إنتاجها من النفط الذي يبلغ 285 ألف برميل في اليوم، ما يجعلها أكبر منتج للبترول في غرب أوروبا، حيث تمتلك إمكانات واعدة في مجال الغاز الطبيعي، حيث يبلغ إنتاجها اليومي 48.5 مليون متر مكعب. وأظهرت بيانات من شركة بيكر هيوز للخدمات النفطية أن شركات الحفر النفطي الأمريكية زادت عدد منصات الحفر للمرة الرابعة في خمسة أسابيع، ما يشير إلى نهاية محتملة لانحسار كبير استمر نحو عامين لعمليات الحفر.