الحقيقة تحتم علينا النظر إلى الموارد البشرية، سواء في القطاع الحكومي أو القطاع الخاص، كمشروعٍ واحدٍ متكاملٍ ومُتَّسقٍ مع بعضه بعضاً. هذا الأمر بالأسلوب الذي يُطرح هنا، كان بعيداً أو غير متحقق في بلادنا بالشكل المطلوب، نظراً لاختلاف المرجعيات. الجهة الوصية أو المشرفة على عمالة القطاع الخاص، كانت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية التي أصبحت وزارة العمل وأصبحت أخيراً وزارة الموارد البشرية والتوطين، فيما الجهة الوصية على موظفي القطاع الحكومي كانت ولاتزال الهيئة الاتحادية للموارد البشرية الحكومية، وذلك بعد أن كانت وزارة شؤون مجلس الوزراء التي كانت وزارة دولة قبل ذلك هي الجهة المشرفة. استعراض تاريخنا الإداري وبهذه التفاصيل مهم نحو التأصيل من جهة، واقتراح فكرة التطوير أو التغيير من جهة ثانية. اليوم لدينا فرصة كبيرة للتعامل مع القطاعين لهذه الجهة، يتيحها وجود مجلس التعليم والموارد البشرية الذي يترأسه سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي ويضم الوزراء المعنيين. في القطاعين لا نجاح لتوظيف المواطنين إلا في ضوء مشروع جديد بمعايير معاصرة وملائمة، وبصراحة شديدة، لا يستقيم مشروع المستقبل الذي تتبناه دولة الإمارات مع التوظيف العشوائي وغير المدروس للمواطنين. عندما ينال المواطنون الوظائف لأنهم مواطنون فقط، فالنتيجة المنطقية أن قسماً منهم لن يعثر على شواغر، في حين أن بعض من يُعَيَّن، بل إن بعضهم الكثير، لا يجد عملاً في العمل. القصد أنه يحصل على وظيفة تكون في حالات كثيرة، حتى في القطاع الحكومي، بل خصوصاً في القطاع الحكومي، مجرد وظيفة صورية بلا مهمات محددة، فيتحول الخريج الجديد المعين إلى حالة ذلك الموظف التقليدي الذي يحاصره الضجر يومياً من كل صوب، فيكون كمن يُعدد أياماً ويقبض راتباً. التوطين الحقيقي مرتبط بالحاجة الحقيقية، والحاجة الحقيقية موجودة، لكن علينا بلورتها في الواقع إلى مهام معلومة وأهداف ومنطلقات وآليات، وعلى وزاراتنا ودوائرنا ومؤسساتنا في القطاعين خلق وظائف ومهن وفرص جديدة باستمرار، بما يلبي حاجة المجتمع وشروط التنمية. نعم المسألة هكذا، وخارجها، فليس إلا توظيف المواطنين لأن هذا واجب الحكومة تجاه أولادها. مواجهة هذا الملف يجب أن تتحلى بالعلمية والموضوعية والحكمة، وأول ذلك وعي تجربة التوطين السابقة بكل إيجابياتها وهي كثيرة، وبكل سلبياتها وهي كثيرة أيضاً، ومواجهة هذا الملف لا يمكن أن تنفصل عن الحقيقة التي تقرر ضرورة انتهاء مرحلة الرعاية مع المضي في مرحلة التمكين. في النهاية، هذه أسئلة مطروحة للنقاش، وعلى الجهات المعنية، كما على المستفيدين، وربما المتضررين، إبداء الآراء والشهادات من واقع الخبرات. المبدأ الأول مواجهة الملف بشجاعة وبجرأة واحتراف. ابن الديرة ebn-aldeera@alkhaleej.ae