اندهشت بشكل صادم حين تحدث معي أحد الأصدقاء الفلسطينيين وذكر لي أن عائلتهم عائلة ثرية وتملك أراضي وممتلكات في فلسطين، واستطرد يروي حال العائلة الكبيرة والثرية، ثم جاءت الدهشة فجأة حين قال: إنهم تقاسموا مواريثهم الوافرة قبل سنوات وحصل الرجال على نصيب كبير لكل منهم ولكن النساء لا نصيب لهن، ثم راح يؤكد، بعد إلحاح مني، أن التقاليد العائلية في فلسطين هي هكذا بمعنى أن المرأة مستبعدة من الميراث، وأكد أن هذا عرف متفق عليه ويمارسه الرجال بتلقائية مسلمة ولا يترددون فيه، وفي المقابل فإن النساء تسلم بهذا العرف ولا تفكر أو لا تجرؤ على الاعتراض عليه ولو حدث أن حاولت سيدة الاعتراض فإنها لن تجد من يقبل منها أو يعضد موقفها. كان يروي القصة وهو رجل مثقف ولديه من الحس الإنساني قسط ظاهر لكنه ذكر لي أنه لا يستطيع أن يكتب عن القضية ولا أن ينقدها خشية الحرج مع عائلته، وقال إنه هو بنفسه قد أخذ ميراثه ولم يشارك شقيقاته بشيء، ولم يشأ أن يغير الوضع لأنه سيفتح بابا من المشاكل الاجتماعية على شقيقاته . هذه صورة من الأعراف الظالمة حين يمتنع القادرون علميا وأخلاقيا عن نقدها وتعريتها وحين تتقاعس التشريعات عن أداء دور العدالة، وكذلك حين تخاف المرأة أن تتصدى لحقها رهبة من سلطة المجتمع والأعراف.