عمان: ماجد الأمير تحولت غالبية الأطفال السوريين اللاجئين إلى الأردن إلى «أرباب» أسر، بدلا من الدراسة، ما يثير قلق السلطات الأردنية. فبسؤاله عن سبب عدم ذهابه إلى المدرسة، أجاب الطفل السوري محمد الشربجي «أعمل لكي تأكل عائلتي». محمد (12 سنة) الذي التقته «الشرق الأوسط» يعمل في مخبز في إحدى ضواحي عمان الراقية مقابل أجر شهري يبلغ 80 دولارا. ففي العاصمة الأردنية انتشرت مؤخرا ظاهرة عمالة الأطفال السوريين، وأصبح مألوفا مشاهدة أحدهم وهو يعمل في مخبز أو مقهى أو مطعم وحتى في الأسواق العامة لمساعدة الزبائن على حمل مشترياتهم. وعمالة الأطفال في الأردن ممنوعة أصلا وتعمل السلطات عبر وزارة العمل على مكافحتها والحد منها من خلال التشريعات وخاصة قانون العمل الأردني الذي يحظر تشغيل كل من يقل عمره عن 16 سنة، إلا أن الكثير من الأطفال وأرباب العمل لا يأبه، فأحيانا عقوبة الحياة الصعبة أقوى من عقوبة القانون، وهو الأمر الذي ينطبق على اللاجئين السوريين الذين يعانون من ظروف معيشية صعبة. قصص كثيرة تسمعها من الأطفال السوريين أنفسهم الذين يعملون في هذه المحلات تضطرك بل تضطر السلطات أنفسها إلى التغاضي عن هذه المخالفة بسبب الحاجة الملحة لعائلات اللاجئين. وقصة محمد ليست الوحيدة التي تتحدث عن صعوبة حياة اللاجئين السوريين لكنها قصة تعبر عن واقع معاناة السوريين جراء الحرب الدائرة في بلادهم. يقول محمد «قدمت من دمشق مع عائلتي قبل عام بعد أن تعرض شقيقي الأكبر (20 سنة) إلى إصابة برصاصة جعلته مقعدا كما تعرض شقيقي الآخر إلى إصابة أيضا منعته، هو الآخر، من العمل»، ويضيف، وهو منشغل ببيع المعجنات «والدي كبير في السن ولا يستطيع العمل وهو يعتني مع والدتي بشقيقي المصاب وشقيقي الآخر الذي يحتاج إلى عناية، لذلك أنا وشقيقي الآخر الذي يبلغ من العمر 15 سنة نعمل من أجل الحصول على نقود لكي نؤمن بعض الحاجيات الأساسية للعائلة». ويتابع أنه يعمل في هذا المخبز في قسم المعجنات لمدة ثماني ساعات مقابل أجر يبلغ 50 دينارا أردنيا شهريا. ويوضح محمد أن شقيقه الآخر «يعمل في محل لبيع الستائر حتى نستطيع تأمين مستلزمات المعيشة هنا في عمان»، حيث يقيمون في منزل صغير مستأجر. ويقول إنه يتمنى العودة إلى المدرسة لكي يكمل تعليمه لكنه اليوم لا يستطيع التسجيل في المدرسة بسبب العمل، وأن عائلته لا تستطيع أن تستغني عن الأجر التي يتقاضاه لذلك لن يترك العمل. ويتابع «من حقي الدراسة في وطني لذلك أنا أحلم بالعودة إلى دمشق مع عائلتي». وتحرص الحكومة الأردنية على السماح لأبناء اللاجئين السوريين بالدخول في المدارس التابعة لوزارة التربية والتعليم إذ إن هناك أعدادا كبيرة من أبناء اللاجئين السوريين التحقوا في مدارس الأردن الحكومية سواء في العاصمة عمان أو في المناطق الشمالية من البلاد، علاوة على وجود مدارس خاصة لهم في المخيمات، وخاصة في مخيم الزعتري. وتؤكد الحكومة الأردنية أنها تعمل على تصويب أوضاع سوق العمل الأردنية وتنظيمها، بما يحفظ مصالح الأردنيين ويحافظ على حقوق السوريين كلاجئين، علما بأن الدراسات تشير إلى أن دخول اللاجئين السوريين إلى سوق العمل في الأردن زاد من حدة الاختلالات التي تعاني منها هذه السوق أصلا. كما تحرص السلطات الأردنية على أن يبقى اللاجئون السوريون في المخيمات المخصصة لهم، إلا أن الكثيرين منهم يتسربون من المخيمات من خلال ما يعرف بنظام «الكفيل» الذي يعني أن يكفل شخص أردني لاجئا سوريا ويخرجه من مخيم الزعتري. كما أن غالبية اللاجئين السوريين أصلا أقاموا بالمدن الأردنية وخاصة عمان وإربد والمفرق وجرش، الأمر الذي ساهم في دخول اللاجئين السوريين إلى سوق العمل.