(1) بدايةً أعزائي الطلبة.. يطيب لي في هذه المناسبة الجميلة أن أتقدم إليكم بصادق التهنئة والتبريكات بمناسبة تخرجكم وحصولكم على الشهادة الثانوية العامة. كما وإنه يسعدني أن أشارك أولياء أموركم سعادتهم وهم يرون أمامهم نتاج تربيتهم ومتابعتهم وصبرهم وانتظارهم. إنها فعلاً لحظات سعيدة.. هي لحظات سعيدة لأطراف ثلاثة: هم شركاء دائمون في العملية التربوية: الطالب وولي الأمر والمعلم. هي لحظات سعيدة لأن أولئك الشركاء الثلاثة يقفون اليوم معاً أمام الإنجاز ألا وهو النجاح. ونحن نكتب قصة نجاحنا يجب أن نتذكر دائمًا تلك الأم الرؤوم التي احتضنتنا وتحتضننا دائماً. إنها بحريننا الحبيبة. البحرين التي أعطتنا الكثير وتستحق منا الإخلاص في خدمتها والولاء لأرضها وقيادتها الرشيدة التي تبذل كل جهد لتوفير أسباب الرقي والعيش الكريم لأبنائها. قبل سنوات وعندما تخرج أحد أولادي من المرحلة الثانوية كما أنتم الآن وبعد أن شاركناه فرحة التخرج رأيته يعيش في بعض الحيرة. كنت أراه شارد الذهن في بعض الأحيان. كان يتابع وباهتمام كل ما يتعلق بالعمل وسوق العمل. كان يحضر اللقاءات والمنتديات التي يتحدث فيها المختصون عن الدراسة الجامعية والتخصصات المطلوبة في سوق العمل. لقد خفف حضور ابني هذه الفعاليات من حدة الحيرة التي كان يعيشها وساعده في التوصل إلى قرار. (2) أعزائي الطلبة أنتم الآن تعيشون نفس ذاك الموقف. أسئلة كثيرة تشغلكم هذه الأيام أي بعد حصولكم على الشهادة الثانوية. فبعضكم يسأل: هل أعمل بشهادتي الثانوية؟ وإذا عملت، هل هذا العمل يلبي طموحاتي المستقبلية؟ هل أستطيع مواصلة دراستي الجامعية وأنا أعمل في نفس الوقت؟ هل سيستمر هذا الحماس الذي يدفعني الآن للدراسة أثناء عملي؟ البعض الآخر منكم أعزائي الطلبة يسأل ماذا بشأن الالتحاق بالمعاهد المهنية؟ ربما أجد نفسي وقدراتي تميل إلى التعامل مع المهن التي تعتمد على العمل اليدوي والممارسة أكثر من الدراسة الأكاديمية التي تعتمد ربما وبصورة أكبر على القدرات في الحفظ والتحليل والبحوث. هل هذه المهن متوفرة في سوق العمل؟ ماذا بشأن مردودها المالي؟ ماذا بشأن مستقبلها المهني؟ هل يلبي طموحاتي؟ أما الفئة الثالثة منكم فهي أمام أسئلة من نوع آخر. أريد أن ألتحق بالدراسة الجامعية ولكن لست متأكداً حتى الآن من التخصص الذي يناسبني. وإذا توصلت إلى قرار بالنسبة للتخصص فهل يناسب هذا التخصص سوق العمل ويساعدني في الحصول على عمل مناسب؟ هل قمت عزيزي الطالب باستشارة ذوي الاختصاص وحضرت المحاضرات واللقاءات التي تنظمها الجمعيات المهنية عن سوق العمل والتخصصات المرغوبة. احرص عزيزي الطالب على اختيار الجامعة المناسبة التي ستلتحق بها وتحقق طموحك وتكون تخصصاتها أقرب إلى متطلبات سوق العمل. (3) عزيزي الطالب، اسأل وناقش واستفسر واحضر المنتديات والمحاضرات فهي ستساعدك في اتخاذ قرارك وعندما تسأل عزيزي الطالب حاول أن تكون مستمعاً جيداً. حاول أن يكون الاستماع والإصغاء عادة ملتصقة بشخصيتك في حياتك الدراسية وبعد ذلك في حياتك العملية. ولا تنسى أن تسأل دائماً لماذا فالإجابة على مثل هذا التساؤل تحل لك مسائل كثيرة. لا ترفض أي فرصة للتدريب قد تأتيك عزيزي الطالب. لا تقل بأني أعرف هذا ولا داعي للتدريب. فالتدريب يكسبك المهارة والمعرفة ويرسخ لديك أخلاقيات العمل. فالشهادة مهما كانت درجتها العلمية يمكن أن تكون ناقصة إذا لم يسندها التدريب التخصصي. عزيزي الطالب، رب العمل يريد إنجازاً ملموساً ولا يريد أن يختبر قدرتك على الحفظ والتسميع فركز على فهم واستيعاب النظريات والمعادلات والمواد العلمية التي تدرسها وأخلاقيات العمل وكيفية تطبيقها واكتساب المهارات اللازمة لممارسة العمل الفعلي. لا تخجل من السؤال فهو الوسيلة التي تزودك بما لم تكن تعرفه. مرة أخرى أقول لك عزيزي الطالب إن المطلوب هو الفهم والاستيعاب والتحليل وليس الحفظ والتسميع والتلقين. اللغة الإنجليزية تعد أحد المطالب الأساسية في بعض قطاعات سوق العمل بعد التخرج، وبخاصة في المؤسسات المالية مثل المصارف وشركات التأمين والاتصالات وتقنية المعلومات والصناعات البتروكيميائية. كما إن تمكنك من هذه اللغة سيساعدك في الاطلاع على المراجع العلمية المتقدمة التي قد لا تتوفر باللغة العربية فاحرص على إتقان هذه اللغة والتمكن من مهاراتها. عودت نفسي أن أقول وبصوت واضح وبدون أي خجل، لا أعرف، إذا كنت فعلاً لا أعرف. فمتى ما قلنا أعزائي الطلبة، لا أعرف، فكأننا نقول، أريد أن أعرف، احرص عزيزي القارئ على اتباع هذا المبدأ وسترى دائماً النتائج الإيجابية التي تساعدك في حياتك الدراسية والعملية.