قالت الدكتورة آمنة نصير، العميدة السابق لكلية الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر، والنائبة بالبرلمان، إن تجديد الخطاب الدينى وإحداث ثورة دينية فى مصر لن يتم قبل 20 عاما، معللة ذلك بأن التجديد ليس كلمة كن فيكون بل له أصول يجب اتباعها، منتقدة وقوف السلفيين أمام فكرة التجديد لأنهم لا يعرفون استخدام العقل، على حد تعبيرها. وحددت نصير فى حوارها مع الشروق، مسالك يجب اتباعها لبدء عملية التجديد، أهمها مراجهة المناهج الدراسية، وتأهيل الشباب الحالى فى الجامعات، معتبرة أنه لا ينتظر شىء من الجيل الحالى المنوط به التجديد لأن من شبّ على شىء شاب عليه. وطالبت عميدة الدراسات الإسلامية السابقة، مؤسسة الأزهر أن يكون لها قدرة على صوت واحد مرتفع، لمواجهة فكرية مع الإرهاب الذى ألصق بالإسلام. وإلى نص الحوار: < منذ إعلان رئيس الجمهورية عن مبادرة لتجديد الخطاب الدينى.. ما هى أسباب تعثره للآن؟ ــ هناك فئة ليست قليلة ممن سموا أنفسهم بالسلفيين، يقفون عثرة أمام فكرة التجديد لأنهم لا يعرفون استخدام العقل فى التجديد، أو فى التفكير، أو فى الاستفادة مما ورثناه، هم يقفون أمام النصوص حفظة، وليسوا مفكرين، وبينهم وبين التفكير وإعمال العقل والاجتهاد عداوة شديدة، لا يستطيعون أن يقدموا أى تجديد أو اجتهاد لقضايا العصر، لا يملكون أية قناعة ولا آلية، هم ورثة نصوص فقط، وتؤخذ على ظاهرها، لا يعمل بها عقل، هذه طائفة فى المجتمع كبيرة، ومنتشرة فى مناخ الجامعة وأروقتها وكلياتها، وعددهم ليس بالقليل. والجيل الموجود حاليا المنوط به التجديد لا ينتظر منه تجديد، لأن من شب على شىء شاب عليه، هم تربوا على هذا المنهج، وهذه الموروثات، لأنهم لا يستطيعون بين يوم وليلة خلع ما ورثوه أثناء تأهيلهم فى نصف قرن لفكرة التجديد. التجديد يحتاج إلى عقول، ولابد أن نؤهل الشباب الحالى فى الجامعات، ونصبر عليهم حتى التخرج وظهور النتائج، ليكونوا محمد عبده المستقبل، ويتولوا التجديد دون خفية أو رهبة لأن تجديد الموروث فى تأهيل الطلاب فى الكليات الأصولية يحتاج إلى جسارة، المسألة خلاصتها أنها لن تأتى فى يوم وليلة، وتحتاج إلى جيل قادم يتم تأهيله كما قلت، وعلى الشيوخ الحاليين أن يستعدوا لتأهيل جيل للمستقبل وليس جيل الوارث لما ورثوه. < من هم المعنيون بتجديد الخطاب الدينى؟ ــ أود من المؤسسة الثقافية أن يكون لها فاعلية واضحة وتساند المؤسسة الأزهرية، كما أود من أساتذة الجامعات التى لديها أقسام علمية تناظر الأقسام التى توجد فى كلية الأزهر، مثل الفلسفة الإسلامية، أو دراسة بعض العلوم القرآنية فى علم البلاغة، فى أقسام اللغة العربية بها أساتذة يمكن أن يساهموا وبصورة علمية أكاديمية مع الحرص على نصوصنا، وكيف نقدمها فى الإطار الجديد لمواكبة التجديد والأفكار المتطرفة. أود من المؤسسة الأزهرية أن يكون لها اقتدار وقدرة على صوت واحد ومرتفع به مسئولية ومواجهة فكرية لمواجهة الإرهاب الذى ألصق بالإسلام. كل ما أقوله هو نقد بناء وليس تجريحا، وإنما أتكلم وأحمل أمام عينى عظمة هذا الإسلام الذى هو برىء تماما بما يلصق به، وأعلم تماما بأن المؤسسة المنوط بها التجديد، تستطيع إذا أرادت، عندما تكون واضحة مع القضية المطروحة. < ماذا حققت المؤسسات الدينية حتى هذه اللحظة فيما يخص الخطاب الدينى؟ ــ فى الحقيقة لأ.. أنا لا أرى إلى الآن ما أستطيع أن أتكلم عنه، التجديد ليس كلمة كن فيكون، ولكن التجديد له أصوله ويجب تحديد أغراضه، لكى نجدد الخطاب الدينى لابد أن نبحث معوقات التجديد، سواء داخل المناهج التعليمية، فيما يخص تأهيل الطلاب الجيد ليكونوا حملة التجديد فى المستقبل. < هل هناك رؤية واضحة لتجديد المناهج الفقهية لطلاب الجامعات لا سيما الأزهر؟ ــ هذا أمر مهم طرحته عام 1999 عندما كنت عميدة كلية الدراسات الإسلامية فرع جامعة الأزهر بالإسكندرية، وكان طرحى أمام مجلس الجامعة: هل نحن قادرون على تأهيل الطلاب للحديث إلى الإعلام بأهمية علومنا الدينية، مع عدم الاغتراب عن مستجدات العصر؟، ولم أجد ردا إلى هذا اليوم، المسألة خطيرة ولها فروع كبيرة من طلاب المعاهد إلى طلاب الجامعة للكليات المعنية بتدريس أصول الفقه سواء فى المناهج، أو تقديم مفكر مجتهد مجدد للمجتمع يعرف كيف يقدم له ما يصلح الحال، ويعالج الأمراض التى فى داخله، المسألة ليست سهلة وتحتاج إلى مجموعة من المفكرين الجادين فى المؤسسة، والعكوف على المناهج، وآليات التدريس، ومفردات المواد التى تدرس، فالابتعاد عن مستجدات العصر أوجد فجوة خصوصا عند الشباب. < متى يشعر المواطن فى معاملاته وتفاصيل حياته بالتجديد؟ ــ ليس قبل عقدين من الزمان، ولكن يجب أن نبدأ، لا أرى أننا بدأنا، ربما هذا عجز منى أنا شخصيا. كم سعدت بخطابات شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، فى أوروبا والقضايا التى عرضها بلغة واضحة جدا وفكر ناضج جدا، فكانت زياراته لإيطاليا وفرنسا وألمانيا بها حوار على أعلى مستوى من الرقى والاتساق بصحيح الدين، أود من هذه الخطابات أن تدخل كآليات لبداية التجديد. ما نحلم به جميعا ونتمناه يمكن ألا أراه، ولكن أعرف أنه يحتاج الوقت إذا بدأنا، أنا أعلم أن من لديهم نية التجديد يتخوفون من النقد والهجوم، ولكن على كل من يحمل أى تجديد لعظمة هذا الدين لا يبالى بهذا النوع من الهجوم المنظم على أى مفكر أو مجدد لهذه المرحلة. وأذكرهم بما لاقاه الشيخ محمد عبده فى دعوته للتجديد، لدرجة وصلت إلى أن بعض الشيوخ استفتوا بعضهم فى جواز تشييع جثمانه بعد العداء الذى لاقاه للتجديد، نال محمد عبده الكثير من النقد والتجريح، وأصبح الآن رمز وعلامة من علامات الأزهر. نحن أمام سؤال هل مؤسساتنا تحمل ميراث النبوة، وقادرة على التجديد، حتى يدرك من يهاجم التجديد أنه أمر من نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم. < ما المطلوب من دعاة التجديد؟ ــ أود أن من يتصدى للتجديد ولديه الآلية والفكر والرؤية الواضحة ألا يخشى المهاجمين والمناقضين له، إذا أخلص النية وأراد التجديد لهذا الدين.