من حق أي وسيلة إعلامية سواء كانت مقروءة أو مسموعة أو مرئية أن تبتكر الوسائل المختلفة لجذب القارئ والمستمع والمشاهد، وتتفنن في تلك الوسائل سواء بالملاحق المختلفة في الصحف والمجلات والتحليلات المتزنة الدقيقة والتحقيقات الهادفة واستقطاب الكتّاب المتميزين، لتقدم له وجبة دسمة من المعرفة، وتسهم في تنمية الوعي، أو بمحطات التلفزة التي تهتم بتقديم البرامج التي تسهم في تنمية الانتماء والولاء ورصد تطورات المجتمع، وتسليط الضوء على أحداث العالم وتقديم مسلسلات اجتماعية وتاريخية ومسلية تشد المشاهد والمتابع، أوبمحطات إذاعية تقدم برامج هادفه تسهم في توعية المجتمع وأفراده، وتناقش قضايا المجتمع بأشكالها كافة. كل تلك الوسائل تجتمع في الكثير مما تقدمه، وبلا شك أن الإعلام الإماراتي قفز قفزات كثيرة، وتطور كثيراً في شكله ومضمونه وطرحه ووسائله، وأصبح له الدور الكبير في التنوير، بل في تسليط الضوء على الكثير من الأمور، وأسهم في الإصلاح في الكثير من القضايا الاجتماعية وكانت له وقفات رائدة تجاه قضايا عدة، ولا يستطيع أي أحد إنكار تطور الإعلام الإماراتي بكل أشكاله وأنواعه. لكن أن تتحول محاولة استقطاب المستمع في إحدى المحطات الإذاعية المحلية إلى إسفاف، بل إلى استخفاف بالعقول، فهذا ما يستوجب وقفة صادقة وصارمة، فالإعلام إن لم يكن له دوره الاجتماعي الإيجابي فلا فائدة منه، ويجب ألا يصل بنا الحال لجذب المستمع إلى التهريج وتقديم التوافه، فهل يعقل أن تقدم إحدى المحطات الإذاعية مسابقة إذاعية يومية تبث بعد صلاة العشاء والتراويح تدور حول مدى قدرة معرفة المستمعين على ضحكة أحد المشاهير، حيث تبث المحطة مقطعاً سريعاً للضحكة التي يطلب من المستمعين معرفتها وترصد جائزة لمن يعرف صاحب تلك الضحكة، هل عدمت الوسائل لدى المحطة حتى تلجأ للضحك؟! هل وصلت بنا الحال إلى هذا التردي؟! والأكثر إضحاكاً أن مقدمة المسابقة تقدم توضيحات حول الضحكة، حيث تقول مثلاً في إحدى حلقات المسابقة أن صاحب الضحكة هو لاعب عالمي من الجيل الحالي من الأرجنتين، ويلعب في أحد الأندية الأوروبية، ولم يتبق إلا أن تقول إن الحرف الأول من اسمه هو ميسي، أو أن تذاع ضحكة لمطرب، ما الجدوى من مثل هذه المسابقات؟، هل هو العجز؟، أم قلة الوعي بقيمة الإعلام وهدفه الحقيقي، إعلامنا يحتاج إلى وقفة حقيقية، ولا أقصد أبداً التدخل في مستوى الحرية، فالحكومة أعطت إعلامنا المجال الواسع والكبير من الحرية الإعلامية، ولكن هل تعاملت وسائل الإعلام مع تلك الحرية بالشكل والمستوى المطلوب؟، سؤال يجب أن نجيب عليه بكثير من الشفافية والصدق مع النفس، وما ذكرته ليس سوى مثال بسيط فقط على ما يحدث. إبراهيم الهاشمي ibrahimroh@yahoo.com