توقع «الصندوق المغربي للتقاعد» أن يسجل عجزاًً يتراوح بين 5.5 إلى 6 بلايين درهم (نحو 620 مليون دولار) بنهاية العام الجاري، نتيجة إختلال التوازن بين النفقات والإيرادات، ما دفعه إلى استعمال الاحتياط النقدي لتغطية ارتفاع رواتب أكثر من 300 ألف مشترك. وأفاد الصندوق بعد اجتماع مجلس إدارته المؤلف من ممثلين عن الحكومة والنقابات والإجراء أول أمس، بأن إجمالي العجز المالي المتراكم قد يبلغ نحو 9.50 بليون درهم (نحو بليون دولار)، بعد تسجيل أول عجز عام 2014 بلغ بليون درهم تلاه عجز ثانٍ بلغ 2.6 بليون درهم العام الماضي. وقال المشرفون على الصندوق إن مجموع احتياطاته المقدرة بـ85 بليون درهم (نحو 9 بلايين دولار) قد يتم استنزافها بحلول عام 2022، ما قد يجعل الصندوق في حالة إفلاس ويعجز عن تسديد معاشات أكثر من 400 ألف مستفيد وعائلاتهم. وترفض النقابات العمالية مقترحات الحكومة لإصلاح صناديق التقاعد، وتعتقد أن تحميل الإجراء والموظفين والعمال وحدهم تبعات أزمة صناديق التقاعد يضر بالحقوق المشروعة للمستخدمين، وتتعارض مع مبادئ «المنظمة العالمية للعمل» في تقاسم الأعباء بين المأجورين وأرباب العمل أي الحكومة، التي يتهمونها بالتقاعس عن تسديد مستحقات تعود لفترة سابقة، وعدم متابعة الجهات التي تسببت في اختلال الصندوق. وانسحبت مركزيات نقابية «يسارية» من مناقشة قوانين التقاعد في مجلس المستشارين (الغرفة الثانية في البرلمان) واعتبرت أن مشاريع الحكومة قد تجر البلاد إلى مواجهات وصدامات مع القوى العمالية، التي قد تجد نفسها في وضع الدفاع عن النفس وقد تخوض طرقاً مختلفة للنضال السلمي، بعدما نفذت سلسلة من الإضرابات على امتداد الشهور الأخيرة. وقال رئيس الحكومة عبدالله بن كيران إنه «جمع» حقائبه «لمغادرة الحكومة» وانه مستعد لخسارة الانتخابات المقبلة في 7 تشرين الأول (أكتوبر) في مقابل تمرير قانون التقاعد خلال الأسابيع المقبلة قبل نهاية ولاية الحكومة في الخريف المقبل. وربط بن كيران بين مستقبله السياسي ومصير صناديق التقاعد، وقال أمام مجلس النواب «إن الإضرابات لا تخيفني (...) وآنا متشبث بإصلاح الصندوق، ولن انتظر رئيس حكومة آخر لإصلاحه». وقال وزير الوظيفة العمومية محمد مبدع «إن الحكومة متشبثة بإقرار قوانين التقاعد في البرلمان، على رغم أنها تتفهم مطالب النقابات بالانسحاب وحريتها»، لافتاً الى أن المشروع «يبقى قابلاً لبعض التعديلات والمقترحات»، وأضاف: «إصلاح أنظمة التقاعد رهان حكومي لن نتخلى عنه». وانتقدت النقابات «موقف الحكومة بفرض الأمر الواقع والهروب من الحوار الاجتماعي الذي انطلق خارج البرلمان، ويجب التوافق مسبقاً على مخارجه، قبل عرض المشروع على البرلمان». وتعتقد الحكومة أن من مسؤوليتها إنقاذ صندوق التقاعد من الإفلاس لا انتظار حكومة جديدة، وفقاً لرغبات المركزيات النقابية التي تراهن على رئيس جديد، قد يكون أكثر تفهماً لحقوق العمال والموظفين وتطلعاتهم، من عبدالإله بن كيران الذي يخوض معركة سياسية وإيديولوجية ضد نحو خمسة ملايين من المستخدمين الرافضين لإصلاح صناديق التقاعد بالصيغة المقترحة. وكان رئيس المجلس الأعلى للحسابات إدريس جطو (رئيس الحكومة السابق - ليبرالي) اعتبر إن مقترح الحكومة لن يكون كافياً لإصلاح أنظمة التقاعد التي تحتاج مقاربة أكثر شمولية، تقضي بتوسيع قاعدة المشتركين بضم فئة جديدة من المهنيين والأجراء الذين يعملون لحسابهم الخاص، وتقليص عدد الصناديق إلى اثنين عوضاً عن أربعة ومعالجة مشكل البطالة. ويرى المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي أن صناديق التقاعد تحتاج 1357 بليون درهم (143 بليون دولار) لتغطية كلفة المحالين على التقاعد إلى عام 2049، وتتجاوز هذه المبالغ مجموع الناتج المغربي الخام للعام الجاري. وهي تتوزع على 687 بليون درهم للصندوق المغربي للتقاعد، و495 بليوناً للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، و112 بليوناً لصندوق منح رواتب التقاعد، و63 بليوناً للصندوق المهني للتقاعد. وتعتقد المندوبية السامية في التخطيط إن المسألة الديموغرافية والهرم السكاني قد يفاقمان أزمة التقاعد، في حال عدم التغلب على بطالة الشباب، حيث سيرتفع عدد المسنين من 2.7 مليون عام 2010 إلى أكثر من 10 ملايين عام 2050 أي سيكون ربع السكان فوق 60 عاماً، ويتضاعف عدد المتقاعدين أربع مرات وترتفع نفقات المعاشات إلى 7.7 في المئة من الناتج الإجمالي في مقابل 3 في المئة حالياً.