يبرر الداعون إلى تقسيم أو فدرلة سوريا والعراق موقفهم بالقول إن هذا الخيار سيريح العرقيات وسيمكِّنها من حكم نفسها بنفسها فتتفرغ في مرحلةٍ لاحقةٍ إلى التعاون فيما بينها. وهذا المبرر يتناقض مع الواقع. أصحابه يقولون إنه يعيد إلى السكان المحليين حقوقهم، مع العلم أن السكان لم يطالبوا بالتقسيم ولم يربطوا حقوقهم به. المقترح نفسه فيه جورٌ على حق السكان في الإدلاء بآرائهم. في العراق؛ يدعو مسرور البرزاني، المسؤول الأمني البارز في كردستان ونجل رئيس الإقليم مسعود البرزاني، إلى 3 كيانات منفصلة، للسنة والشيعة والأكراد، بمجرد إلحاق الهزيمة بتنظيم «داعش» الإرهابي. هو يرى أن عدم الثقة بلغ حداً يصعُب معه البقاء تحت سقف واحد. الأزمة السياسية بين المكونات العراقية مستفحلة بسبب التدخل الإيراني وعملاء طهران الذين دأبوا على ممارسة التهميش بحق الآخرين، وإذا رفعت إيران يدها عن العملية السياسية العراقية أو أُجبِرَت على رفعها؛ فإن ذلك سيتيح أمام العراقيين فرصةً لتدارس مشكلاتهم والوصول إلى الشكل السياسي الأنسب لدولةٍ تراعي حقوق مواطنيها ولا تفرق بينهم على أساس الطائفة والعرق. أما القفز مباشرةً إلى خيار التقسيم والكيانات المنفصلة؛ فلا يمكن أن يكون إلا زيادةً للأزمات السياسية والأمنية، لأن السبب الرئيس للمشكلات باقٍ وهو التغول الإيراني على الدولة العراقية. في سوريا؛ يتحرك ساسة أكراد في اتجاه نظام الحكم الفيدرالي، ويسعون إلى توسيع المشروع ليشمل مزيداً من الأراضي مع وضع «دستور جديد» وإجراء انتخابات، هكذا دون استشارة أحدٍ من السوريين الذين عبَّروا في آنٍ واحد وفي أكثر من مناسبة عن رفضهم بقاء بشار الأسد ورفضهم التقسيم لأنهم يريدون لبلادهم أن تظل موحدة.