ووري نلسون مانديلا الثرى الاحد في ارضه الى جانب والديه وثلاثة من ابنائه في قرية طفولته كونو مع كل التشريفات العسكرية. ووقف رئيس جنوب افريقيا جاكوب زوما عندما انزل النعش في القبر، فيما بقيت ارملته غراسا ماشيل وزوجته السابقة ويني مانديلا جالستين تحت خيمة بيضاء نصبت خصيصا للمناسبة. جنازة مهيبة لمانديلا بحضور 4500 من نخبة العالم في هذه الاثناء حلقت مروحيات عسكرية وطائرات حربية فوق الموقع واطلقت المدافع طلقاتها. اما كاميرات التلفزيونات التي كانت تنقل وقائع وداع بطل النضال ضد نظام الفصل العنصري في الصباح، فتمكنت من متابعة نعشه حتى ارض اجداده على بعد مئات الامتار. وانسجاما مع رغبات العائلة ابتعدت ساعة دفنه فيما استمرت الطائرات والمروحيات في التحليق، ثم عادت بعد ثوان الى المكان الذي بات خاويا وحيث كان يوضع نعش اول رئيس اسود للبلاد. وقد توارت بعد ذلك لتترك المكان للمراسم الدينية والتقليدية في حضور 450 مدعوا تم انتقاؤهم بعناية كبيرة. وبتشييع جنوب افريقيا لنلسون مانديلا تسدل الستار على مرحلة هامة في تاريخها المضطرب وتستهل مرحلة جديدة تكتشف خلالها إذا كان النظام الديمقراطي متعدد الاعراق الذي اسسه يستطيع الاستمرار دون أحد ركائزه. وحضر الجنازة نحو 4500 ضيف من اقاربه وكبار المسؤولين في جنوب إفريقيا وولي عهد بريطانيا الامير تشارلز والنشط الامريكي في مجال حقوق الانسان جيسي جاكسون والمذيعة الامريكية الشهيرة اوبرا وينفري. وقال سيريل رامافوسا نائب زعيم حزب المؤتمر الوطني الإفريقي الحاكم وأحد منظمي المراسم الجنائزية مع بدء الجنازة "يرقد هنا أعظم أبناء جنوب إفريقيا". وخرج نعش مانديلا من المنزل على عربة مدفع وأطلقت المدفعية 21 طلقة. ونقل النعش المغطى بعلم جنوب إفريقيا إلى خيمة كبيرة ودخل وخلفه حفيد مانديلا ووريثه ماندلا ورئيس جنوب إفريقيا جاكوب زوما. وبدأت المراسم بالنشيد الوطني لجنوب إفريقيا. وتوفي مانديلا في الخامس من ديسمبر عن 95 عاما. ونظمت جنوب إفريقيا مراسم تأبين دامت أسبوعا لأول رئيس أسود لجنوب إفريقيا. وقال زوما في رثاء مانديلا "انها نهاية 95 عاما مجيدا لمقاتل من أجل الحرية كرس حياته لخدمة شعب جنوب إفريقيا بكل تواضع." وقال "رغم انتهاء المسيرة الطويلة من أجل الحرية فعليا الا ان الرحلة مستمرة. علينا ان نواصل بناء المجتمع الذي عملت بلا كلل لتأسيسه. ينبغي أن نواصل السير على خطاه." والقى أكثر من مئة ألف شخص نظرة الوداع على مانديلا في مبنى يونيون بيلدينجز في بريتوريا حيث مقر الحكومة وهو نفس المكان الذي شهد تنصيبه ليسدل الستار على هيمنة البيض على الحكم التي دامت ثلاثة قرون. وعندما وصل جثمان مانديلا السبت إلى مسقط رأسه في كونو على بعد 700 كيلومتر جنوبي جوهانسبرغ أطلقت الزغاريد لأن ماديبا وهو الاسم الذي يعرف به مانديلا في قبيلته "عاد للوطن". وقالت الجدة فيكتوريا نتسينجو وطائرات الهليكوبتر التي ترافق الموكب الجنائزي تحلق في السماء "بعد حياة طويلة ومرض يمكنه الآن أن يستريح.. لقد أتم عمله." وفي جميع انحاء البلاد تابع المواطنون شاشات التلفزيون او استمعوا للاذاعة وفي بعض الاماكن وضعت شاشات ضخمة تنقل الحدث على الهواء مباشرة. وقال مسيدج سيباندا(29 عاما) الذي جلس مع نحو مئة شخص في ساندتون حي المال في جوهانسبرغ لمتابعة الجنازة "كونو بعيدة جدا تجمعنا لنتشارك الاحزان. استطيع أن أقول انه بطل أنه رجل الشعب." وخلال الجنازة نعى اصدقاء واقارب وزعماء افارقة مانديلا بكلمات مؤثرة. واثنى رئيس وزراء اثيوبيا هيلا مريم ديسالين على إسهامات مانديلا في الكفاح من أجل التحرر في إفريقيا. وقال "حياة ماديبا مرآة للقارة التي كافح دون كلل من أجل تحررها. ستظل إفريقيا مدينة له للابد." ورأس مانديلا أكبر دولة في افريقيا وصاحبة الاقتصاد الاكثر تطورا في القارة لولاية واحدة وانسحب رسميا من الحياة العامة في عام 2004 وقال عبارته الشهيرة للصحفيين في ختام مؤتمر صحفي لوداعهم "لا تتصلوا بي ساتصل بكم." وكان آخر ظهور لمانديلا على الملأ في استاد سوكر سيتي في جوهانسبرج لحضور المباراة النهائية في كأس العالم لكرة القدم عام 2010 حيث لوح للمشجعين من سيارة جولف.