تكسر كرة القدم روتين يوميات اللبنانيين، وتُخرِجهم عند كل استحقاق من رتابة البرامج المعهودة. فاللبنانيون سريعو الانقسام، وانضواؤهم تحت هذه الراية وتلك «مسألة مبدأ». صفّارة الحكم التي أطلقت أولى مباريات «يورو 2016»، لم تضبط توقيت المباراة فحسب، بل تحكّمت عن بُعد بانفعالات عشرات آلاف المشاهدين اللبنانيين الذين «فصّلوا» برنامجهم لهذا «الشهر الرياضي» على قياس المباريات ومواعيدها. وإذا كان لكل مشجع طريقته الخاصة بالتعبير عن محبّته لمنتخبه المفضّل، فإن روابط المشجّعين توحّد «الطقوس» وتجمع المحبين على «كلمة واحدة» تنطلق من بيروت ليسمعها كل العالم. «رابطة مشجعي المنتخب الألماني» انهمكت قبل شهرين من انطلاقة الـ «يورو» بالإعداد لمواكبة الحدث. الاجتماعات تكثفت وكذلك العمل على الأرض، فاختيار المكان الأنسب لـ «جمْعة» المشجعين أساسي، وكذلك توفير ما يلزم من شاشة عملاقة وأسعار مقبولة تناسب ميزانيات الجميع. ولأن «الخبرة» عامل ضروري لنجاح تنظيم الفعاليات وتنفيذها، فإن الشباب «قدها وقدود» وفي هذا المجال لهم باعٌ طويل، لا سيما و«أننا في الأساس رابطة مشجعي بايرن ميونيخ» يقول محمد حمدان أحد أعضاء الهيئة المنظمة في رابطة «مشجعي منتخب ألمانيا»، التي أعيد إحياؤها في 2014 لتواكب «المانشافت» في كل صولاته وجولاته على طريق إحراز الألقاب. ومع أولى المباريات التي خاضتها «الماكينات» الألمانية على الأراضي الفرنسية في البطولة، كانت «العائلة الألمانية» في لبنان قد تداعت من كل المناطق لتجتمع في أحد ملاعب منطقة الجديدة لتعيش الحدَث من قلب لبنان. ويختصر حمدان الأجواء التي رافقت تلك الفعالية بـ «ولعانة»، متحدثاً عن أجواء الأعصاب المشدودة و«الآمال المعقودة على كل نسر من نسور المنتخب لتحقيق الفوز». وإذ يتوقف بحماسة عند أجواء التهليل التي ترتفع فيها الأعلام الألمانية محتفلة بإحراز الأهداف، يلفت إلى حضور عشرات الألمان المقيمين في لبنان للقاء «ليعيشوا معنا أجواء ألمانيا على أرض لبنان». مزيد من اللقاءات التي ستواكب مباريات منتخب ألمانيا في وجه خصومه يَعِد بها حمدان مشجعي «الماكينات»، فالبرنامج الذي تم إعداده من قِبل «التنظيم» وُضع على سكة التنفيذ، مع رؤى تجديدية تتضمن مسابقات وهدايا ستضيف تباعاً مزيداً من الحماسة إلى أجواء التجمعات. ويقول حمدان: «اجتماعاتنا كمنظمين دائمة ومستمرة للوقوف على تعليقات الحضور وآرائهم، حرصاً على مزيد من الدعم لمنتخبنا وتوخياً لمنسوب أعلى من المتعة في مشاهدة المباريات». عائلة «المانشافت» في لبنان، والموزّعة على امتداد الخريطة من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب مروراً ببيروت والجبل والبقاع، تزداد تَماسُكاً «ع الحلوة والمُرّة» وهي التي تجاوزت الاختلافات السياسية والطائفية دعماً للمنتخب الألماني. ويلفت حمدان إلى ان هذا العشق «يقرّب بين المشجعين وينمّي الصداقات ويقوّي مشاعر الأخوّة في ما بينهم... فالدم واحد يسير في العروق والقلب ينبض مشجعاً ألمانيا». وكما على أرض الواقع كذلك في عالم الافتراض، فصفحة الرابطة على فايسبوك «ولعانة» على مدار الساعة. المنشورات التي يلصقها القيّمون على «جدار» الصفحة تحظى بتفاعل كبير. تعليقات تنمّ عن حماسة لمعرفة آخر أخبار المنتخب الألماني فضلاً عن اهتمام بمطالعة التحليلات والتعليقات والتوقعات بشأن أداء «الماكينات». ويشدد حمدان في هذا الإطار على أن «الأخبار التي تُنشر على صفحتنا موثوقة ولا لبس فيها».