ما هي المخاطر الكبرى التي تهدد مواطني مدن العالم، وتهدد بلداته وقراه ومناطقه الريفية؟ من الأهمية أن يجري فهم هذه القضية المهمة، ونحن نقترب من موسم الانتخابات العامة في الولايات المتحدة، حيث سيتعين على المرشحين للمنصب الأعلى مساعدة الناخبين لإدراك ما تعنيه حالات العنف في أنحاء العالم، وأن يقولوا لهم ماذا ينوون القيام به حيالها. ويمكن أن تخدعنا العناوين العريضة. فنحن نسمع عن صعود الصين، ومغامرات روسيا، وسوء تصرف كوريا الشمالية النووي، وصفقة إيران النووية، وباكستان وأفغانستان، وعن داعش والحرب الأهلية في الشرق الأوسط في جميع الأوقات. لكن أيضاً من المفيد أن نخطو خطوة إلى الوراء لنفهم حالات العنف الأوسع نطاقاً على هذا الكوكب اليوم. ونحن في إطار مشروع يعود لمؤسستي بروكينغز وجيه بي مورغان تشيس يطلق عليه توفير الأمن للمدن العالمية، حاولنا رسم تلك الاتجاهات في العنف، مستفيدين بشكل كبير من العمل الجاري في إطار مراكز الأبحاث الأوروبية مثل مؤسسة معهد بحوث السلام في أوسلو، ومعهد استكهولم لأبحاث السلام الدولي، وجامعة ماريلاند، والأمم المتحدة. وهذه بعض من أبرز الحقائق والأرقام. يبقى الصراع، حتى مع تحركات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في السنوات الأخيرة من أوكرانيا إلى سوريا، منخفضاً بين الدول ومعتدلاً في حدته بالمقاييس التاريخية. ومهما كانت تحركات الصين في بحر الصين الجنوبي مثيرة للقلق، فإنها لا تخترق عتبة الحرب بين الدول. ولسوء الحظ، فإن الصورة أكثر تشويشاً فيما يتعلق بالحرب الأهلية. وتبقى هذه الحروب أقل انتشاراً وأقل فتكاً من أسوأ فترات الحرب الباردة وفترة التسعينات من القرن الماضي، لكنها ازدادت بشكل كبير منذ بداية الربيع العربي في عام 2011، لا سيما في الهلال العريض الممتد من منطقة الساحل الإفريقي عبوراً بالشرق الأوسط ووصولاً إلى جنوب آسيا. وعلى المستوى العالمي، فإن ما يقرب من مئة ألف شخص يموتون سنوياً من جراء الحروب الأهلية. لكن الحرب والإرهاب ليسا التهديدين الأمنيين الرئيسيين لغالبية الناس على هذا الكوكب حالياً. ومن الملاحظ أنه في كل عام، يُقتل أكثر من 400 ألف شخص في أرجاء المعمورة، وفقاً لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة. وفيما تنظر المدن والدول في أمنها المستقبلي، فإنه ينبغي أن تأخذ في الاعتبار ليس فقط تلك الحقائق الحالية، لكن أيضاً احتمالات حدوث كوارث، من الزلازل إلى أوضاع الجفاف والأوبئة وكوارث المفاعلات النووية وإخفاقات البنى التحتية الهائلة. وفي أسوأ الحالات، يمكن أن يواجه عشرات الملايين من الأشخاص بشكل مفاجئ خطراً جسيماً. وهناك أسباب كثيرة تدعو للاحتفاء بالظرف الإنساني اليوم. وعلى الرغم من العناوين العريضة، فإن الحياة بالفعل لم تكن أكثر أماناً أو أكثر ازدهاراً بالنسبة للقسم الأكبر من سكان العالم. لكن تقدمنا يتصف بالهشاشة، وهو بكل تأكيد ليس مكتمل النمو. ويحتاج الرئيس الأميركي المقبل بكل تأكيد إلى وضع خطط من أجل سوريا وليبيا واليمن. ويحتاج أيضاً لمخاطبة التحديات الأوسع نطاقاً أمام أمن المدن والأمن العالمي، في كوكب يكتسب الناس فيه المزيد من الصحة والمزيد من الأمان، وأن كانت لا تزال أمامه أشواط طويلة. وخطوة جيدة أولى في هذا السياق تكمن في تجميع ما كان يدر بالنفع على هذه المدن والدول الرئيسية حول العالم ودراسته، حتى نتمكن جميعاً من التعلم من بعضنا بعضاً، بشأن مواضيع تتراوح من عمليات تفكيك العصابات إلى سجن مهربي المخدرات إلى وضع حد للإرهاب. جرى تعلم أمور كثيرة في هذه المجالات، وقد حان الوقت لنشر هذه المعرفة والاقتداء بأفضل الممارسات على مستوى العالم.