بألوان طفولية، وشخصيات مزيّنة بالمرح والبراءة، قدم نحو 84 طفلاً لوحاتهم وتصوراتهم لعالمهم، فعبروا عن أنفسهم من خلال معرض «صلة الفني»، الذي افتتحه سمو الشيخ منصور بن محمد بن راشد آل مكتوم، أول من أمس، في «دبي مول». يحمل المعرض أحلام الطفولة، حيث شكل مساحة للتعبير عن الذات، وقد أتى كحصاد لمجموعة ورش العمل التي أقامها برنامج «صلة الفني»، المنظم من قبل المكتب الثقافي لسمو الشيخة منال بنت محمد بن راشد آل مكتوم، تلبية لمبادرة «الإمارات لصلة الأيتام والقُصّر»، التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، بهدف دمج هذه الفئة في المجتمع بصور إيجابية. قسّم المعرض إلى أقسام عدة، وكانت تشمل، «أنا وبلادي»، «استكشاف نفسي، وقوتي وبيئتي»، «كيف أقدم نفسي»، «المكان السعيد»، ويقدم كل قسم ما نفذه الأطفال خلال ورش العمل التي انطلقت منذ نحو ثمانية أشهر. وحملت هذه الأقسام رسومات تصور رؤية الأطفال لأنفسهم في الوقت الحالي، أو في المستقبل، وكذلك عبروا من خلال الأقنعة عن تصورهم لشخصياتهم، فيما أتت الرسومات عاكسة للبيئة والمكان السعيد والإمارات. أعمال مشتركة فاطمة حسين قدمت عملاً مشتركاً مع شقيقتها، ولفتت إلى أنهما لديهما موهبة الرسم في العائلة. وعلى الرغم من كونها لم تشارك في مسابقات خاصة بالرسم في السابق، لكنها أكدت أن الرسم هوايتها التي تمضي الكثير من أوقات الفراغ في ممارستها، مشيرة إلى أنها حاولت أن تعكس من خلال اللوحات وجهي دبي، القديم والحديث. في المقابل، قدمت مهرة صلاح عملاً تركيبياً، وهو مجسم عملت عليه بالتعاون مع أشقائها، وهو عبارة عن قالب حلوى مزين، وأشارت إلى أن التركيب من الأعمال المحببة إليها، لأنه يمكن التغيير والتعديل فيه. جلسات فنية بدأت أولى الجلسات الفنية وورش العمل الخاصة ببرنامج «صلة الفني» في نوفمبر الماضي، وكانت بعنوان «كيف أقدم نفسي»، بينما كانت الجلسة الثانية في يناير، وبعنوان «أنا وبلادي». الجلسة الثالثة التي أقيمت في مارس كانت بعنوان «استكشاف نفسي، وقوتي وبيئتي»، وقدموا فيها شخصية بطل، وأقنعة، والحيوانات وبيئتها، فيما كانت الجلسة الرابعة في مايو بعنوان «المكان السعيد»، وحملت الأعمال الحلوى، والمناطيد، والغيوم، والعائلة السعيدة. منى بن كلي: «أهمية العلاج بالفن تكمن في كونه لا يقتصر على ممارسة الفن ذاتها، بل أيضاً على كيفية انخراط المرء بشكل إيجابي في المجتمع». وقالت مديرة المكتب الثقافي لسمو الشيخة منال بنت محمد بن راشد آل مكتوم، منى بن كلي، لـ«الإمارات اليوم»، «انطلق برنامج صلة الفني في العام الماضي بتوجيهات سمو الشيخة منال بنت محمد بن راشد آل مكتوم، تلبية لمبادرة (الإمارات لصلة الأيتام والقُصّر)، وقد تم تأهيل مجموعة من الفنانين الإماراتيين بكيفية أسلوب العلاج بالفن، وهو علاج جديد لم يمارس في الإمارات». وأضافت، «أحضرنا مركزاً مختصاً بالعلاج بالفن، وقام بتدريب الأطفال، وبعدها بدأت ورش العمل في شهر نوفمبر، وهذا المعرض هو حصيلة ما أنتج خلال الورش التدريبية». وأشارت بن كلي، إلى أن النتائج الإيجابية للبرنامج كانت واضحة في انعكاسها على نفسيات الأطفال، وكذلك في تعاملهم مع ذويهم، لافتة إلى أن البرنامج توسع، وقد ضم 84 طفلاً وطفلة، مشددة على أن أهمية العلاج بالفن تكمن في كونه لا يقتصر على ممارسة الفن ذاتها، بل أيضاً على كيفية انخراط المرء بشكل إيجابي في المجتمع، وهذا يجعله أكثر قدرة على التعبير. ونوهت بأن الفن هو لغة عالمية لا حدود لها، وأن سعادة الأطفال بالمعرض اليوم، هو النجاح الحقيقي لبرنامج صلة الفني، موضحة أنها أحبت الأقنعة والشخصيات بشكل بارز، وكذلك قسم «المكان السعيد»، الذي عبر من خلاله الأطفال عن الأمكنة التي تبث فيهم السعادة. ولفتت مديرة إدارة مؤسسة الأوقاف وشؤون القُصّر، زينب جمعة التميمي، إلى أنهم عملوا على تبني القصّر الذين لديهم مواهب في الرسم ضمن هذا البرنامج، مع الإشارة إلى وجود أطفال لديهم الكثير من المواهب المتعددة، فهم يعبرون عن أنفسهم بطرق مختلفة وبشكل آخر. ونوهت بأنهم يهتمون بالمواهب وتنميتها على اختلافها وتنوعها، سواء كانت في المجال الأدبي أم التكنولوجي. بينما أثنت التنفيذي للبرامج الاجتماعية في مؤسسة الأوقاف وشؤون القصّر، أمينة محمد أحمد، التي أشرفت على الطالبات اللواتي شاركن في ورش العمل، على المعرض، ووصفته بالفرصة المميزة لإبراز مهارات الأطفال، ومنحهم مساحة التعبير عن الذات. وأضافت، «أن هذه الورش تكشف المواهب الحقيقية عند الأولاد، لاسيما أنها تحت إشراف الفنانين المختصين، وأن أفضل ما تقدمه للأطفال هو منحهم الثقة لتقديم أعمالهم أمام الناس». أما مدير العيادات في المركز العالمي للعلاج بالفن، أندرو رايتس، فلفت إلى أن هذا المركز هو الأول من نوعه في الإمارات، وقد تعاونوا مع برنامج «صلة الفني» لتقديم الدعم للأطفال. وأشار رايتس إلى أنهم يمنحون هؤلاء الأطفال الذين اختبروا ظروفاً صعبة في صغرهم، العلاج عبر الفن، فهو وسيلة للتعبير، ويعتمد على الهوية الخاصة. وشدد على أنهم وضعوا الثيمة الخاصة بالجلسات التدريبية، وعملوا على توفير جو مفعم بالتشجيع والثقة. وحول أسلوب تعبير الأطفال، رأى رايتس أنه يختلف من طفل لآخر، موضحاً أن الطفل الذي يفقد أحد أبويه يمر بتجربة قاسية، ويبدو ان بعضهم يشعر بعدم الأمان، وغالباً ما يمكن أن يكون لدى البعض رغبة في السيطرة، لذا من خلال الفن نحول هذه المشاعر إلى العكس. وشاركت مجموعة من القُصّر في المعرض، من بينهم نعيمة عبدالله شهاب، التي قالت، «بدأت أرسم منذ الصغر، لكنها كانت محاولات فقط، واليوم أنا أكثر إصراراً على تقديم رسوماتي بشكل أوسع وأفضل». وأضافت «كنت أدرس الزخرفة، وقد أحببت الرسم من خلال الزخرفة، واخترت الرسم التجريدي مع الزخرفة الإسلامية لأقدمه في المعرض». هشام العوضي، شارك في تقديم رسمه من خلال تقديم أجزاء من جسده، فوضع العين والرأس، والوجه، كل على حدة، لأنه يعبر من خلال هذا الأسلوب عن نفسه. وأشار إلى أنه بدأ الرسم منذ طفولته، معبراً عن طموحه بأن يصبح رساماً، خصوصاً أنه يمنح الرسم الكثير من وقته. بينما قدمت أخته جمان العوضي، لوحة عبرت فيها عن نفسها، مشيرة إلى أنها تأثرت بوالدتها التي كانت رسامة، وعلى الرغم من وفاتها منذ سنوات، فهي مازالت متأثرة بأسلوبها ونصائحها، معبرة عن سعادتها لوجود لوحة لها في المعرض.