يشهد الوسط المدرسي بالجزائر انتشارا واسعا لظاهرة التدخين بين الطلاب، وتشير بعض الإحصاءات إلى أن الأرقام تجاوزت مليوني فتى مدخن،ما دفع بمؤسسات صحة وهيئات حقوق إلى دق ناقوس الخطر والمطالبة بالتدخل العاجل لاحتواء الظاهرة. ووفق دراسة مشتركة أجرتها مؤخرا كل من الهيئة الوطنية لترقية وحماية حقوق الطفل، والهيئة الوطنية لترقية الصحة وتطوير البحث العلمي،يتجاوز عدد من هم في مرحلةالثانوي وما دونها من المدخنين بالجزائر مليونين، 15% منهم يدرسون في المدارس الإعدادية، و25% هم من تلاميذ المرحلة الثانوية، في حين تبلغ نسبة المدخنينبين المتسربين من المدارس أكثر من 50% من إجمالي المتسربين. وتصف الهيئتان هذه الأرقام بالمرعبة، وعبرتا في تقريرها عن "قلقها الشديد من تنامي ظاهرة تدخين الأطفال"، وطالبت بضرورة التحرك العاجل لاحتوائها، وحمّلت الدراسة المسؤولية الكبرى للآباء، مستندة في ذلك إلى كشف مسح ميداني أكد أن 60% من الحالات المسجلةوالداهممن المدخنين. وتشير إحصاءات لجنة مكافحة التدخين للمؤسسات الاستشفائية المعلن عنها خلال لقاء توعية خاص بأطفال المدارس نظم بمحافظة وهران غربي الجزائر العاصمة في مايو/أيار الماضي، إلى أن الأمراض المرتبطة بالتدخين على غرار الجلطات الدماغية ومختلف أنواع السرطان، إلى جانب الانسداد الرئوي المزمن يتسبب في وفاة أكثر من 15 ألف شخص بالجزائر سنويا. وكشف رئيس مصلحة طب المعدة والأمعاء حمزة بوعسريةفي مداخلته في هذا اليوم التوعوي أن نحو 20% من المدخنين الشباب تم إحصاؤهم في الوسط المدرسي. نسبة المدخنينتبلغ أكثر من 50% من إجمالي المتسربينمن المدارس (الجزيرة) دور العائلة وسجل عضو المنظمة الوطنيةلآباء التلاميذ سمير القصوريما يراها أسبابا مباشرة في استفحال الظاهرة، وشدد على أن المسؤولية الكبرى تقع على العائلة. ويقول القصوري في حديث للجزيرة نت إن بعض العائلات تتساهل في ممارسة بعض العادات السيئة داخل المنزل، التي تؤثر على خلق الطفل وتربيته، ومن ذلك التدخين،وإرسال الوالد لابنه لاقتناء السجاير، وهو بذلك يربيه بشكل غير مباشر على ممارسة التدخين. واستنكر القصوري غياب قوانين رادعة تمنع بيع السجاير أمام المدارس، وفي هذا الجانب اتهم بعض المدرسين بالمساهمة في انتشار الظاهرة بالتدخين داخل فصول الدراسة وأمام التلاميذ. كما لاحظ القصوري غيابا تاما لشريحة الأطفال في الإعلانات الخاصة بمكافحة التدخين، وأوضح ذلك بقوله إن "الإعلانات المنوهة بمخاطر التدخين تستهدف فئة البالغين فقط وتتجاهل فئة الأطفال، رغم أن هذه المرحلة العمرية هي التي يخطو فيها الإنسان أول خطواته في عالم الإدمان على التدخين، لكننا نلاحظ تجاهلا تاما لهذا الموضوع". بن جخدل: إدمان الأطفال على التدخين عادة يكون نتيجة مباشرة لنمط معاملة الوالدين (الجزيرة) قلق وعدوانية وعن الآثار النفسية للتدخين على الطفل، أوضح الخبير في علم النفس التربوي الأستاذ بجامعة المسيلة سعد الحاج بن جخدل أن تدخين الأطفال بوصفه أهم أشكال الإدمان عند هذه الفئة العمرية يؤثر على مرونتهم النفسية ما يجعلهم عرضة للإصابة بالمخاوف النفسية والقلق بكل أشكاله، بما في ذلك قلق الامتحان. وقال بن جخدل للجزيرة نت إن هذا يزيد من احتمال انخفاض مستوى تفوقهم المدرسي، وارتفاع عدوانيتهم تجاه أقرانهم وحتى مدرسيهم. وأوضح أن إدمان الأطفال على التدخين عادة يكون نتيجة مباشرة لنمط معاملة الوالدين، حيث يرتبط أكثر بنمط المعاملة المتصلب،على اعتبار أن التدخين في هذه الحالة يشكل واحدة من استراتيجيات المواجهة النفسية السلبية التي يعتمدها الجهاز النفسي للطفل لمواجهة ضغوط المعاملة السيئة من طرف الأهل".