علينا الاعتراف بأننا في حاجة إلى وضوح أكثر من «نزاهة» التي أقرَّها خادم الحرمين الشريفين أطال الله عمره، الذي يسعى دوماً للارتقاء بالمواطن السعودي. فعلى «نزاهة» أن تهتم بالشفافية الداخلية في جميع قطاعاتنا الحكوميّة والخاصَّة، وتحديداً التعليميِّة منها، وذلك لأهميتها القصوى في إنتاج الأجيال التي بدورها تحافظ على مكتسبات الدولة المالية والعلميّة، بل تطوير القطاعات المرتبطة بالإنسان لدينا، وحتى ننافس المؤشرات العالميّة نزولاً في تقارير الفساد المالي والإداري السنوي حول العالم، لابدَّ لها من السعي وكشف وترتيب مظاهر الفساد، من خلال الاعتماد في تقاريرها السنوية على سلسلة من الاستطلاعات والتحقيقات العمليِّة لا الورقيِّة بين المسؤولين في قطاعاتنا العامَّة والخاصّة وبين رجال الأعمال، ومراجعة العقود وحساب نسبة الشفافية والسرية في المناقصات والعقود الوهميِّة، التي تظهر لنا في الإعلام بشكل ما ومن ثم نصدم بالحقيقة بأنها «وهم» نعيش على أمل تحقيقه «وكل المواعيد وهم». وحتى يفعل دور نزاهة لابد من إسناد دور القاضي لها في البت في قضايا الفساد، لأنها حتى هذه اللحظة ليست إلا برتبة عريف فصل، تبتدئ مهمتها في الكشف عن الفساد ومن ثم التبليغ عنه.!! بعد (هياط) مدير جامعة الملك سعود السابق علينا في الصحف بمشروع غزال، مرَّ الوقت بسرعة الغزال واكتشفنا مع قرع أجراس عام 2014، أن جرائدنا كشفت كثيرا من المحاسبات، وامتلأت أعمدة الصحف حتى هذه اللحظة بالنقد اللاذع لجامعة الملك سعود التي انتكست في ظهورها الإعلامي، من جامعة متضخمة إلى محجمة، ليخرج علينا مديرها الجديد باقتضاب، ويخبرنا على لسان مسؤوله الإعلامي أن غزال المعدنية مجرد بحث للطلاب! هذا البحث تم تسويقه إعلاميا بميزانيات مهولة، وارتفع رأسمال المشروع إلى 500 مليون دولار، ودخلت فيه شراكات التصنيع بما يتجاوز الـ 50%! لتواري الجامعة هذه السوءة وتلصقها بالغرض البحثي! مدير الجامعة الحالي يبدو أنه خير خلف لخير سلف في التعامل مع الإعلام! فهو كما يبدو من تصريحاته، أنه على علم تام بكيفية تعديل «مانشيتات» غزال في الصحافة المطلة علينا، من كونها القادم إلينا كمواطنين من سوق التصنيع الجامعي إلى كونها مجرد مشروع بحث! وهذه المصيبة تسلط الضوء على ما يحدث في الجامعة من أنّ «القرارات الإداريّة والماليِّة» تمرَّ بسرعة الغزال من خلال الانعطافات الحادة في تحويلها! إنَّ مفترقات الطرق وحدها من يجعل الإنسان أكثر قوةً وجلداً على مواجهة الحقائق ،كلنا نمر بمفترقات طرق ومنعطفات حادة وهي أمور قليلة أو نادرة الحدوث، ولكن الإصابات قد تكون وخيمة. والنصيحة أن من لم يتعرض لمفترق طرق يجب أن يخلق لنفسه مفترقاً ومساراً كـ «الغزال» الذي تنقل بين الأدراج والأرصدة والأصوات الرنانة في أروقة الجامعة، علماً بأن وزارة التجارة أخلت مسؤوليتها من تنقّل الغزال في مُحيطها بل لم يقترب منها. سوف يأتي من يقول إن غزال جامعة الملك سعود حالة شاذة، ولهُ خمس حواس أو ست حسب مؤمني الحاسة السادسة أو لديهِ 7 أرواح، وسوف أقول بل لهُ عشرات الحواس فكل حاسّة لها ميزة وتوجه ما، ولكن نحنُ نحتاج إلى الوقت والبحث والجهد حتى نكتشف تِلكَ الحواس، والإنسان كذلك يجب أن يقرر أن يكتشف ما بداخله من عشرات الحواس والقدرات الكبيرة المخفية علَّ وعسى أن يجد «الغزال» في داخله.