×
محافظة المنطقة الشرقية

السيسي يوافق على زيادة المعاشات بنسبة 10%

صورة الخبر

وأنت تستمع إلى النقد الموجه لعاداتنا الرمضانية، أو لكمية المسلسلات والبرامج المبثوثة على شاشات التلفزيون في رمضان، والذي يعاد كل عام قبل رمضان بذات الصيغة وحبكة الأسلوب؛ تشعر أنك تعيش بين قوم حديثي عهد بالإسلام، أو أنهم لا يدركون المعاني الروحية والتعبدية والاجتماعية لشهر رمضان الكريم الذي فيه ليلة خير من ألف شهر وهي ليلة القدر، أو كأن المجتمع يتحول في رمضان إلى مرحلة الطفولة فيتشبث برعونة بالجلوس ساعات الليل والنهار يتابع كل تلك البرامج والمسلسلات التي حشدت للشهر الكريم. لا شك أنك تشعر بالخوف، تحاول استعادة ذاكرتك الرمضانية والتنقيب عن سلوكك المشين في الشهر الفضيل كيف تركت صلاتك وقرآنك وجرحت صيامك وأنت مرابط أو رابض أمام التلفزيون آناء الليل وأطراف النهار فتكتشف أن سجلك نقي وتاريخك الرمضاني زاخر بالعمل والعبادة والتواصل الاجتماعي ولم يأخذ منك التلفزيون سوى لحظات أو ربما ساعة بعد الإفطار خلال اجتماع الأسرة، أو اقتنصت لحظة استرخاء فروحت عن نفسك ساعة، يكرر الشريط في ذاكرتك فتشاهد المساجد ممتلئة بالمصلين في كل الأوقات وفي التراويح والتهجد في العشر الأواخر حتى الشباب والشابات أصبحوا يواظبون على هذه الصلوات، إذن لماذا هذا الجلد للذات والتخويف طالما أننا لا نفرط بلحظات الشهر الفضيل؟. كل عام تُحاول أن تُغيِّر عاداتك الشرائية قبل رمضان كي تخرج من دائرة النقد السنوي لكنك تكتشف أنك مجبر على هذا التسوق لأن لرمضان أكلاته ومشروباته وحلوياته التي تختلف عن بقية العام حتى مواعيد الطعام يلزمك احترامها بالاستعداد لها قبل الشهر، فتنطلق «تقضي» مستلزمات الشهر متحرراً من كل ما سمعت وقرأت عن البذخ والتبذير والاستهلاك المرضي لأنك لا تشعر بأنك تتجاوز حدك بل تحاول الوفاء بالتزامات الأسرة رغم ارتفاع الأسعار. في رمضان لا تجد ذلك الفراغ الذي يبتلع وقتك أو تبتلعه برامج ومسلسلات رمضان، إذاً ما الداعي لهذه الحالة من التخويف والرهاب الذي يحاولون وضعك فيه من خلال النقد أو الجلد المستمر للمجتمع وأنت بالطبع أحد أفراد المجتمع غير معفي ولا مبرأ من هذا النقد، يا الله كفُّوا يرحمكم الله عن هذا الموال السنوي المزعج والمخيف والمحبط، دعوا الخلق للخالق، من يجد لديه فرصة لمتابعة برنامج أو مسلسل لماذا لا يفعل طالما أنه صام يومه وأدى فرضه ولم يؤذِ أحداً بلسانه أو بعينه أو بيده، لم يسرق ولم يرتشِ؟. للأسف شاركت قنوات التواصل الاجتماعي في هذا الرهاب الجماعي من مسلسلات رمضان و«مقاضي رمضان» رسائل الوعظ والتحذير تتقاطر عليك من كل صوب، لا يمكن أن يمر كل هذا الكلام دون أن يؤثر عليك، يشوش تفكيرك، يشعرك أنك مقصر في حق الله مع أنك لم ترتكب إثماً ولا جرماً، لم تشارك في إنشاء هذا الكم من القنوات التلفزيونية، ولم يؤخذ رأيك في كم المسلسلات التلفزيونية، ولم تشارك في تكديس المواد الغذائية وتنوعها على أرفف البقالات ولم يؤخذ رأيك في حجم الأسواق ومساحاتها بل أنت المتضرر الوحيد لأنك «المستهلك». ببساطة كل ما يحدث ضدك وأنت تحاول أن تنجو بأقل الأضرار، فالمسلسلات والبرامج لحشد أكبر كمية من إعلانات المواد الاستهلاكية، لا تتركك في حالك أو على عماك تذهب لتشتري ما يناسبك، بل تبتكر وسائل الخداع لتقنعك أن المنتج المعلن عنه هو الأفضل والأوفر! شهر رمضان كريم وجميل بكل العبادات والعادات والمسلسلات حتى صلاة الجماعة كما يقول د/. عبدالوهاب المسيري: (فالصلاة ليست مجرد اجتماع الناس لأداء الصلاة في جماعة ولكنها أيضاً مناسبة لتنمية العلاقات الشخصية المباشرة وبهذا الاعتبار تكون الصلاة ضد الفردية والسلبية والانعزال فإذا كانت الحياة تفرق الناس فإن المسجد يجمعهم ويربط بينهم). nabilamahjoob@yahoo.com