حققت زيارة رئيس وزراء الهند «ناريندرا مودي» مؤخراً إلى إيران مكاسب لبلاده، أو هذا ما يبدو على الأقل. ويعد إبرام اتفاق ثلاثي مع أفغانستان وإيران من أجل تطوير ميناء «جابهار» مكسباً ذا أهمية كبرى بالنسبة للهند. ويقع المرفأ، الذي تستثمر فيه الهند 500 مليون دولار، في محافظة سيستان وبلوشستان الإيرانية وسيوفر لنيودلهي الاتصال المباشر مع أفغانستان. وهذا أمر ضروري من أجل تجاوز باكستان، التي رفضت حتى الآن الدخول إلى الطرق البرية المؤدية للهند من أجل التجارة مع أفغانستان وآسيا الوسطى. وفي حين أنه من المؤكد أن اتفاق «جابهار» يفيد الهند وإيران وأفغانستان، ويعزز العلاقات بين هذه الدول، فإنني متشكك أنه سيكون عاملاً لتغيير قواعد اللعبة الإقليمية قريباً، مهما أرادت الطراف المعنية ذلك. وفيما يلي الأسباب المؤثرة على هذه القضية: 1– أن الدور الهندي في «جابهار» قد يتقلص. وعلى رغم أن الاتفاق قد تم طرحه لأول مرة قبل عشر سنوات، إلا أنه تم إنجازه في شهر مايو من هذا العام. وفي غضون ذلك، تحركت الصين على نحو أسرع في «جوادر» المجاورة في باكستان. وتسعى إيران بسرعة لأن تعيد دمج نفسها في الاقتصاد العالمي وقد يكون عليها أن تنتظر وقتاً طويلًا لكي تنقذها الهند. ومن الممكن أن تجد الهند نفسها في حاجة إلى الصين في «جابهار». وقد تركت إيران الباب مفتوحاً للاستثمار الصيني والباكستاني هناك. وفي حين أن إيران تتفهم مخاوف الهند، إلا أن حصتها الرئيسية في «جابهار» تبقى حصة اقتصادية لا أكثر. 2– بينما لا تستطيع الشاحنات الهندية الوصول براً إلى أفغانستان من خلال باكستان، إلا أن كماً محدوداً من النقل الأفغاني بالشاحنات يمكنه العبور من خلال باكستان للوصول إلى الهند، أو بإمكانه استخدام الموانئ الباكستانية للوصول إلى العالم الأكبر. وهذا الوضع غير المتوازن يعني أن أفغانستان تستطيع بالكاد تغيير وجهة كل تجارتها بعيداً عن المرور عبر باكستان من أجل استخدام «جابهار» بدلًا من ذلك. وهذا من شأنه أن يقلل قدر الضغط الذي يمكن أن تمارسه الاستثمارات الهندية في «جابهار» على باكستان. 3– قد تبذل باكستان قصارى جهدها لتقويض المشروع بمجرد أن يربط شبكة الطرق في أفغانستان. وهناك احتمال لشن هجمات على التجارة الهندية من قبل فصائل «طالبان» أيضاً. ولكي يكون هناك حقاً ربط في وسائل النقل في جنوب آسيا بين جنوب ووسط القارة، ينبغي أن تغير باكستان من استراتيجيتها، وأن تدرك فوائد التجارة التي تشمل الهند. ومن خلال السماح للهند وأفغانستان ودول آسيا الوسطى بالتجارة عبر أراضيها، يمكن لباكستان إحداث زيادة كبيرة في حجم التجارة بدلًا من قصرها على ميناء في إيران. وسيوفر هذا على كل الأطراف الكثير من الوقود والتكاليف المرتبطة به، والتي يمكن إنفاقها بدلًا من ذلك على أوجه أخرى. وقد كان هناك ربط بين كابول ودلهي عبر الطرق منذ عهد المغول، والمسافة بين الهند وأفغانستان لا تتعدى 300 ميل في بعض النقاط. وعلاوة على ذلك، فإن باكستان نفسها ستكون هي المستفيد الأكبر من هذه التجارة، ولاسيما من خلال فرض رسوم مقابل عبور مرافق النقل طوال الطريق. ... المزيد